ضمن سلسلة نشاطاته الأسبوعية استقبل المركز العربي للحوار بحضور رئيسه الشيخ عباس الجوهري واعضاء الهيئة الادارية وحضور فريق موقع لبنان الجديد محررين وتقنيين وكتّاب الباحث والمفكر الدكتور وجيه قانصو الذي القى محاضرة بعنوان "ثنائية الدولة والطائفة"
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية من الشيخ الجوهري قال فيها : إننا نمتلك من خلال الباحث والمفكر الدكتور وجيه قانصو شخصية فريدة ونوعية استطاعت ان تحقق الكثير من الإنجازات على المستوى اللبناني والشيعي والعربي لما لديه من رؤية واسعة للمفاهيم وقدرة كبيرة على إعادة إنتاجها .
وأضاف الجوهري أن هذا العقل العلمي للدكتور قانصو استطاع خلال سنوات أن يقدم إسهامات كبيرة ومهمة ومبتكرة نسأل الله أن نستطيع الاستفادة منها في لبنان والوطن العربي.
الشيخ الجوهري تحدث عن مناسبة الاستقلال مشيرا ان الاحتفالات تعم الوطن فيما يحتفل كلّ على طريقته ورأينا مشهدين المشهد الرسمي ومشهد الشارع والمواطن .
المشهد الاول في قصور الرئاسة والمشهد الثاني في الشارع تائه في شعارات غير واضحة المعالم فيما شاهدنا في الشارع سخرية قل نظيرها حول فكرة الإستقلال الامر الذي يتطلب دراسة هذه المستجدات والوقوف عندها والتعامل معها بجدية .
وقدم الشيخ الجوهري الدكتور قانصو للحديث حول هذه العناوين وسواها وحول الازدواجية بين فكرة الدولة وفكرة الطائفة.
الدكتور قانصو بدوره استهل حديثه معقبا على مداخلة الشيخ الجوهري معتبرا بأن الجهود التي يبذلها هي محاولات لتغيير الواقع وللإجابة بشكل أوضح على سؤال ما هي المشكلة؟ وهل أن هذه المشكلة لا يمكن أن نطالها؟
لأن هذه المشكلة أكبر من ذلك وهي أبعد بكثير عن مطالب واحتجاجات، أبعد من أن تكون أن هناك فساد في هذه السلطة أم لا.
واعتبر قانصو أن الوضع العام سيء جدا والملعب سيء وكل هذا الوضع بحد ذاته لديه نوع من التناقضات ينتج عنها هذا الواقع السيء.
وحول ثنائية الدولة والطائفة تحدث قانصو حول التركيبة اللبنانية معتبرا أننا عندما نفكر بلبنان تخرج الطائفة اولا، هذه المشكلة هي في الوعي العربي لطريقة إدارة الدول والسلطة.
واعتبر قانصو أن الطائفة في لبنان هي كائن سياسي ذو سيادة وهذه السيادة منتزعة من الدولة، كما تملك الطائفة صلاحيات عديدة ومنها الأحوال الشخصية وهي ليست من شؤون الدين في شيء.
واعتبر قانصو ان جزءا من صلاحيات الدولة منتزع منها في الإرث والطلاق والزواج والحضانة وغيره.
وقال قانصو نستفيد من الدين ولكن لا يمكن أن يستقل استقلالا كاملا ويقتطع من الدولة حقها في إدارة هذا المجتمع.
الدستور اللبناني والطائف:
اعتبر الدكتور قانصو أن الدستور اللبناني بنفسه أيضا كما اتفاق الطائف حملا كل هذه التناقضات ووضعنا فيهما بذرة نفي الدولة لنفسها، فلا يوجد وحدة قانون في حين أن من أهم سمات المجتمع الصحيح أن يخضع الجميع لقانون واحد .
واعتبر قانصو أن الطائفية تخل بأهم مبدأ في القانون العام، وأن الطائفة شكلت حائلا وحاحزا بين الفرد والدولة وأصبحت الطائفة كيان قائم بذاته وأن الفرد أصبح خاضعا لنظام سياسي داخل طائفته في حين أن القانون يحب أن يخضع له الجميع وبدون استثناء.
وأشار قانصو إلى ان الطائفة تحولت إلى كيان سياسي ولها نوع من السيادة حتى أن الدولة لا تستطيع أن تتدخل في حكم شرعي لدى المرجعية أو الطائفة.
خصوصية المجتمع اللبناني:
أشار الدكتور قانصو إلى أن المجتمع اللبناني عبارة عن جماعات فلا يوجد مجتمع لأن المجتمع عبارة عن رابطة بين أفراد حول قيم مشتركة وهذه الصيغة غير موجودة في لبنان بل هناك طوائف متوافقة متجاورة متعايشة وهذا ينسف فكرة القعد الاجتماعي.
هل توجد دولة في لبنان؟ وهل توجد دولة في العالم العربي؟
الدولة في العلم الحديث في المجال الغربي هي عقد اجتماعي حصل بين الافراد ، والاصل هو حق الفرد والحقوق الطبيعية غير القابلة للانتزاع مثل الحرية، الملكية، حق الحياة.
أما في لبنان جاءت تسوية الميثاق الوطني وكانت مكونات وجماعات ضمّت لاحقا لبعضها البعض وسمي لبنان علما أن الفروق بين هذه الجماعات أصيلة وليست عرضية.
الدولة بالمعنى الغربي هي عقد بين أفراد، أحرار، متساوون، وعقلاء، افراد أي أنها ليست جماعات لأن الأصل هو الفرد .
أحرار أي أن لدينا حرية الاختيار في العقيدة والدين.
ومتساوون أي لا تمايز ولا طبقية ولا بكوات ولا وراثة.
والمساواة أمام القانون.
إن لبنان بوضعيته الحالية ليس استثناءا عن الدول العربية، مفهوم الدولة في الواقع العربي منسلخ عن رسالة الدولة الاخلاقية والاجتماعية حتى الفلاسفة العرب لم يستطيعوا تطوير فكرة الدولة وبقيت نظرياتهم على قاعدة ثنائية الخليفة والسلطان .
الواقع اللبناني اليوم:
ختم الدكتور قانصو حديثه ليؤكد أن الطائفة في لبنان تضخمت وشكلت حائلا بين الفرد والدولة تمنع الاجتماع اللبناني وبقي هذا المجتمع عبارة عن جماعات بعيدا عن المشترك.
وأضاف قانصو أن الدولة إلى مزيد من الترهل وأن مشكلة لبنان مركبة جدا وتجاوزت هذه الازمة النوايا الحسنة أو السيئة وتحاوزت المطالب أو التظاهر، هناك أزمة بنيوية متصلة بأزمة الثقافة العربية لمفهوم السلطة لذا فنحن بحاجة إلى تغيير البناء الثقافي.
واختتمت المحاضرة بعدة مداخلات من الحضور.