بعض المحللين الجهابذة يستعرضون تحليلاً عن ازمة التأليف يعتبرون فيه أن حزب الله يعتبر انه انتصر في اليمن والعراق وسوريا وفي لبنان، لذلك يسعى الى ترجمة هذه الانتصارات عبر فرض واقع حكومي جديد، ويصلون الى حد القول ان حزب الله يفكر بشخص غير الرئيس سعد الحريري يكلف بتشكيل الحكومة.
من الواضح أن المنطق هذا يستند الى فائض القوة لدى حزب الله والذي على أساسه يتعاطى مع الملفات الداخلية الكبيرة والصغيرة.
فهل أن الحزب لا يريد فعلاً الرئيس الحريري رئيساً للحكومة لذلك طرح العقدة السنية.
إقرأ أيضًا: تعثر تأليف الحكومة مرتبط بتعقيدات المنطقة
ولنفترض أن الامر كذلك فمن هو البديل؟
لاشك بوجود مشكلة فعلية في ايجاد البديل، حتى بالنسبة لاصحاب الطرح الذين وضعوا المعادلة الآتية: اذا كان لا يوجد أي بديل للرئيس الحريري فليبق رئيساً لحكومة تصريف أعمال.
هذا الأمر خطير للغاية ويدفع بالبلد الى طريق مجهول ومحفوف بالمخاطر فالرئيس الحريري اليوم هو فعلاً ضمانة للبنان، وحصل على شبه اجماع خلال مشاورات تسمية رئيس الحكومة، واجتمعت الكتل النيابية الاساسية عليه ولاقت تسميته لتأليف الحكومة ارتياحاً عربياً ودولياً، وهذا التأييد نادراً ما يحصل عليه أية شخصية غيره.
لا يكفي أن يعدد الحزب ما يعتبره انتصاراً في لبنان والعراق وسوريا وفلسطين كي يصبح العامل المقرر على الصعيد الداخلي. لبنان بلد يعيش على التوازنات والتسويات وتاريخه أكبر شاهد على هذا الامر يستحيل على أي طائفة مهما بلغت قوتها الغاء طائفة أخرى، كل تاريخ البلد يشهد على ذلك.
إقرأ أيضًا: مصالحة القوات والمردة تنهي صراعاً امتد لأربعة عقود
حزب الله المهيمن على قرار الطائفة الشيعية، لا يستطيع الغاء السنة او الدروز او المسيحيين والعكس صحيح أيضاً، أي اخلال بهذه المعادلة يسبب حرباً، ميزة الطائف الذي كرس هذه التوازنات أنهى سيطرة الموارنة السياسية على البلاد والعباد، وهو الذي يمنع سيطرة طائفة أخرى على بقية الطوائف.
إذاً القول بأن الحزب المنتصر حسب قولهم في دول الاقليم يريد ترجمة هذه الانتصارات في لبنان هو قول خاطىء ونظرة خاطئة جداً، وفي حال حاول وربما ما تشهده الآن، فذلك سيؤدي الى تعطيل في المرحلة الأولى، وقد يحصل ما هو أخطر من التعطيل حيث بدأت تعلو أصوات تطالب بحكومة لا يدخل فيها الحزب.
وبغض النظر عن صحة هذا المطلب من عدمه، لكن بدأ الكلام عنه وبأي حال من قال أن حزب الله انتصر في اليمن والعراق وسوريا، ولبنان، فكل بلد من هذه الدول يعيش حالة توازنات دقيقة فالحوثي لم ينتصر بعد بمعنى النصر، والأحزاب السنة في العراق وسوريا موجودة، والأمر كذلك في لبنان، والمنطقة برمتها أشبه برمال متحركة، فماذا بعد؟