شكل اللقاء الذي جمع بين الرئيس سعد الحريري ووفد الجماعة الاسلامية برئاسة أمينها العام عزام الأيوبي أمس، محاولة لمزيد من التقارب والتشبيك بين مكونات الطائفة السنية، لدعم مهمة الرئيس المكلف وتحصين جبهة الدفاع عن الصلاحيات وحماية موقع رئاسة الحكومة.
أكثر من عام مضى، والقطيعة قائمة بين الحريري والجماعة التي إبتعدت عنه نتيجة بعض المواقف التي وجدت فيها تنازلات سياسية غير مبررة، وإحتجاجا على سياسة التفرد التي يتبعها، قبل أن يرد الحريري ″الصاع صاعين″ في الانتخابات النيابية بفرض حصار سياسي على الجماعة تلبية لرغبات إقليمية، ما ضاعف من حجم الخلاف بينهما وأدى الى إستمرار هذه القطيعة الى ما بعد الانتخابات وحتى يوم أمس حيث كسر اللقاء الجليد تمهيدا لعودة المياه الى مجاريها.
تشير المعلومات الى أن اللقاء بين الحريري ووفد الجماعة الذي ضم الى جانب الأمين العام عزام الأيوبي، رئيس المكتب السياسي بسام حمود، ورئيس الدائرة السياسية النائب السابق عماد الحوت، تخلله غسل قلوب وعتاب، على كل ما شهدته المرحلة الماضية.
وتؤكد المعلومات أن الجماعة هي من بادرت تجاه الحريري في طلب الموعد، وأن الرئيس المكلف كان إيجابيا جدا، ورد التحية بأحسن منها، خصوصا أنه اليوم بأمس الحاجة الى دعم طائفته التي تشكل الجماعة الاسلامية مكونا أساسيا فيها.
وتقول هذه المعلومات: إن الجماعة تتمسك بالتنوع ضمن الطائفة السنية، وأن خلافها الأساسي مع الحريري كان بسبب التفرد الذي كان يمارسه، وعدم إعترافه بالآخر، لكنها وبعد أكثر من سنة من القطيعة الكاملة معه، وجدت أن الساحة السنية مهددة، ومعرضة لأن تنكشف من جديد أمام تزايد الضغوط التي تتعرض لها من أكثر من جهة، وهي على يقين أن هذه الساحة لا يمكن أن تتحمل أكثر، ولا بد للقوى الفاعلة فيها أن تجتمع وتقف في وجه الحملات الهادفة الى مصادرة حقوق الطائفة على المستوى الدستوري والصلاحيات وضمن الادارات العامة.
من أجل ذلك تضيف المعلومات، رأت الجماعة أنه لا بد من تجاوز الخلاف مع الرئيس الحريري واللقاء تحت شعار تحصين الساحة السنية.
مصادر مطلعة على اجواء اللقاء في بيت الوسط، أشارت الى أنه كان إيجابيا جدا، وأن الحريري عبر أكثر من مرة عن أهمية التقارب بين المكونات السنية، لافتا الى أن هذا التقارب يتجسد في علاقة التعاون بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي، وهو يجب أن يتسع ويتمدد ليشمل مكونات أخرى في مقدمتها الجماعة الاسلامية، حيث بدا واضحا أن الحريري يشعر اليوم بضرورة أن يكون له سند ضمن طائفته لشد عضده ودعم مهمته في تشكيل الحكومة.
وتقول هذه المصادر: إن الحريري تحدث باسهاب عن مراحل الخلاف مع الجماعة، معترفا أن ثمة أخطاء إرتكبت في السابق وأدت الى ما أدت إليه من قطيعة، لكن من المفترض أن نتطلع دائما الى المستقبل وأن نتعاون لما فيه خير الطائفة والوطن.
في حين أشار وفد الجماعة (بحسب المصادر) الى الاحباط الذي يسيطر على الشارع السني الذي يجد ″بقعة ضوء″ في أي لقاء أو تعاون يحصل بين القيادات السنية، وقد جاء لقاء رؤساء الحكومات ليرفع من معنويات هذا الشارع باعتبار أنه يشكل قوة قادرة على أن تحفظ الحقوق والصلاحيات، وطبعا إن توسيع مروحة التعاون من شأنه أن ينعكس إيجابا على هذا الشارع.
وتؤكد مصادر الجماعة لـ ″سفير الشمال″ أن اللقاء مع الحريري كان مثمرا ويمكن البناء عليه لتأسيس حالة عمل جماعي في المستقبل ضمن تنوع يشكل غنى للطائفة، مشددة على أن الجماعة ترفض التفرد تحت أي سبب أو ظرف كان، وقد لاقاها الرئيس الحريري في ذلك، حيث لمس الوفد منه تغييرا بالسلوك، وروحية جديدة في التعاطي مع الآخرين، وهو أمر من شأنه أن يدفع الجماعة الى وضع المرحلة الماضية جانبا، وفتح صفحة جديدة من التعاون مع الحريري.