باتت حربُ اليمن جرحاً مفتوحاً نازفاً منذ أكثر من أربع سنوات، هجمات متبادلة بالصواريخ والاسلحة الثقيلة والدبابات والطائرات، مُخلّفة وراءها الضحايا والدمار والأوبئة والمجاعة، بلدُ فقيرٌ بات أكثر من نصف سُكّانه في دوامة خطر المجاعة، ومع ذلك وجد اليمنيون أنفسهم بين فكّي الحوثيين المدعومين من إيران، والحكومة "الشرعية" المدعومة من المملكة العربية السعودية وتحالف دولي أثبت عجزه طوال ثلاث سنواتٍ عجاف عن حسم هذه الحرب الطاحنة.
فجأةً، وبعد فضيحة مقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا، يحضر الأميركيّون إلى السعودية ليُحدّدوا مُدّة شهرٍ واحد لوقف الحرب الأهلية في اليمن، يتبعهم في ذلك البريطانيّون، فتُبدي السعودية "ليونةً" غير معهودة قبل أزمة ارتباك وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بقضية تصفية الخاشقجي، وعلى وقع معارك الحديدة الدامية وتقهقر الحوثيين، يبادر قادتهم بقبول دعوة المبعوث الأممي لحضور مباحثات سلام مع حكومة منصور عبد الهادي مُرفقة بوقف الهجمات الصاروخية على المملكة السعودية والإمارات العربية، مدفوعين أيضاً "بليونة" غير معهودة من داعميهم الإيرانيّين الذين بدأوا يكتوون بنيران العقوبات الأميركية.
خيرٌ على خير، ربما كان الشهيد الخاشقجي هو كبش الفداء الذي لم تذهب دماؤه هباءً، فتتوقف حرب اليمن-الفاجعة، وتُحقنُ دماءُ اليمنيين الأبرياء، وما ربُّك بظلاّمٍ للعبيد.
لمّا استُخلف المهدي (الخليفة العباسي الثالث) أخرج من في السّجون، فقيل له: إنّما تُزري على أبيك (أي تنتقص منه)، فقال: لا أُزري على أبي، ولكن أبي حبس بالذنب وأنا أعفو عنه.