طالب المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح بالمحافظة على الحشد الشعبي في العراق معتبراً اياه نموذجاً ناجحاً من الثقة بالشباب.
ان نصيحة خامنئي بالمحافظة على الحشد الشعبي تأتي كرد صريح على مطالبة الرئيس الأميركي ترامب بالغاءه بعيد القضاء على الدولة الإسلامية في الموصل، كما أن العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب على الحرس الثوري الإيراني تطال الحشد الشعبي حيث أن الولايات المتحدة تعتبر أن قوات الحشد مدعومة من قبل الحرس الثوري تمويلاً وتدريباً.
فإيران تعتبر أن الحشد الشعبي هو نسخة عراقية لقوات التعبئة الإيرانية التابعة للحرس الثوري التي تم تشكيلها خلال الحرب العراقية الإيرانية واستمرت حياتها حتى الآن كرصيد أمني للبلد وكذلك الحشد الشعبي يجب دوامه بعد القضاء على داعش.
ولكن هناك منظور مغاير في العراق حيث ينظر الكثيرون إلى هذه المنظمة كجزء من الحل في فترة انهيار الجيش العراقي عقيب زحف الدواعش ولكنها أصبحت الآن جزء من المشكلة.
إقرأ أيضًا: إيران والسعودية إلى أين؟
وأثبتت نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق أن شهر العسل بين الشعب والحشد الشعبي لم ينته بعد، إذ احتلت لائحة الحشد النيابية المرتبة الثانية وحصلت على 47 مقعداً، ولهذا فمن المبكر الحديث عن حل الحشد الشعبي اللهم إلا أن يحذو هادي العامري حذو نوري المالكي.
يبدو أن الحشد الشعبي تلقى دروساً وعبراً عن تجربة حزب الدعوة المرة ويسعى للاحتفاظ بثقة الجمهور العراقي وبشكل خاص على الأغلبية الشيعية التي أعربت عن تأييدها للحشد خلال استطلاعات للرأي.
وبينما لم يرد برهم صالح على مطالبة المرشد الأعلى الإيراني بالمحافظة على هيكلية الحشد الشعبي ومضمونه إلا أن من الواضح أن الحكومة العراقية لا تستطيع حل هذه المنظمة وأن أي حركة باتجاه حلها ستكلف الحكومة تكاليف باهظة.
إن الحكومة لم تسمح للسفارة الأميركية في بغداد أن تعبر عن قوات الحشد بأنها ميليشيات طائفية واعتبرته إساءة للسيادة العراقية وتدخلاً في شؤون العراق الداخلية.
وطالب البيان الصادر من السفارة الأميركية في بغداد في 31 من شهر أكتوبر الماضي نظام إيران وليس الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يتصرف كدولة عادية مع تبقي ستة أيام على الموعد النهائي لفرض العقوبات! مضيفاً يجب على النظام الإيراني احترام سيادة الحكومة العراقية والسماح بنزع سلاح الميليشيات الطائفية وتسريحها وإعادة دمجها.
إقرأ أيضًا: هل أنهكت أوروبا في السعي لإنقاذ الاتفاق النووي؟
ما يثير الإستغراب في هذا البيان الصادر من السفارة الأميركية في بغداد هو أنه إذ لا يعترف بشرعية الجمهورية الإسلامية في إيران ويعبر عنها بنظام إيران وهذا تعبير مسيئ للغاية، يتوقع منه ان يتصرف كدولة عادية وفق المعايير الأميركية ومن ثم يطالبه بالسماح لحل الحشد الشعبي وهو ذراع إيراني بامتياز قلباً وقالباً.
وبهكذا البيان يمكن القول عن دبلوماسية ترامب بأنها غاية في الغباء والسذاجة. فهل يمكن لإيران عشية إعادة أقسى العقوبات الأميركية ان تستجيب لنصائح سفير ترامب في بغداد وتقدم مفاتيح الحشد الشعبي للسفارة الأميركية؟
وليس الكلام في أحقية إدماج الحشد في الجيش او استقلاليته وإنما في معقولية مطالبة إيران بالرضوخ لمطالب الأميركية عشية إعادة العقوبات.
نعم لو كانت أميركا تبقى في الاتفاق النووي كانت مطالبتها إيران بالقيام بإجراءات محددة، معقولة ومنطقية.
إيران تنظر الى الحشد الشعبي كثروة يجب الاحتفاظ بها وأظهر خامنئي بأن بقاء الحشد الشعبي هو خط أحمر لا يمكن تجاوزه خاصة في المرحلة الجديدة من المواجهة بين أميركا وإيران والتي لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية.
فإيران تستخدم جميغ أوراقها للتغلب على الأوضاع الصعبة التي تمر بها ومن تلك الأوراق ورقة الحشد الشعبي وحماس وآخرون.