السؤال: هل ما تمّ التفاهم حوله بين موفد رئيس الجمهورية الوزير جبران باسيل ولقاء النواب السُنة الستة في منزل النائب عبد الرحيم مراد يفتح الطريق إلى بيت الوسط، ومن هناك إلى قصر بعبدا، فمراسيم الحكومة المنتظرة منذ قرابة الـ180 يوماً، وهي بالطبع، لن تولد قبل عيد الاستقلال الـ75، الذي يصادف بعد غد الخميس..
على الرغم من الأجواء الودية، والممالحة على مأدبة النائب مراد بين الوزير «الضيف» واللقاء التشاوري، الذي قرّر ان يتحوّل إلى دوري، فإن حالة من الترقب تسود الأجواء في ضوء الجواب المنتظر أيضاً من الرئيس المكلف سعد الحريري، ليس فقط في ما خص استقبال «النواب الستة» السُنة، بل أيضاً السير بالحل المقترح، وإن كان يتخذ صيغة لا غالب ولا مغلوب..
بعض المعلومات تتحدث عن ان اقتراح الوزير باسيل بإعادة الوزير السني من حصة رئيس الجمهورية إلى الرئيس المكلف، واستعادة الوزير المسيحي من حصة الرئيس عون ولد ميتاً..
ورأت بعض المصادر ذات الصلة ان بيان «كتلة المستقبل»، لجهة تضمينه فقرة تتحدث عن ان «الرئيس المكلف استنفد كل المساعي والجهود لوضع التأليف موضع التطبيق، وأن التشكيلة الحكومية جاهزة بإرادة ومشاركة معظم القوى السياسية، باستثناء الجهة التي ما زالت تتخلف عن الانضام إلى ركب المشاركة وتصر على فرض شروطها بتمثيل مجموعة النواب الستة.
وشددت الكتلة في هذا المجال على ان «الدور المنوط بالرئيس المكلف في تشكيل الحكومة هو في صلب صلاحياته الدستورية، التي تخوله تحديد الخيارات المناسبة للتأليف وتحصين موقع رئاسة الحكومة في ادارة الشأن العام. وإن بعض المحاولات الجارية للالتفاف على هذه الصلاحيات والخيارات، لا تعدو كونها خروج على الاصول والاعراف وسلوك غير بريء لتحجيم الدور الذي يضطلع به الرئيس المكلف».
مشروع مشكة وليس حلاً
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان ما طرحه الوزير جبران باسيل خلال لقائه النواب السنة المستقلين، في شأن إلغاء المقايضة بين الوزيرين الماروني والسني من حصتي رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، ليس مشروع حل لعقدة تمثيل النواب الستة، بل مشروع مشكلة، فضلاً عن انه يُشكّل خروجاً على التقاليد والأعراف الدستورية، وحتى على معايير تشكيل الحكومة.
وأوضحت هذه المصادر ان وجود وزير مسيحي من كتلة «المستقبل» ليس نتيجة مقايضة، بل حق، لأنه من ضمن نواب «المستقبل» هناك مسيحيون ويجب تمثيلهم اسوة بغيرهم.
وحسب هذه المصادر، فإن اللقاء بين الوزير باسيل ونواب «اللقاء التشاوري» حمل ثلاثة عناوين أو افكار: الأوّل ان الرئيس عون ليس طرفاً في عقدة تمثيلهم في الحكومة، والثاني ان الحل يكون عن طريق التواصل بين الأطراف المعنية بالعقدة، أي الرئيس المكلف و«اللقاء التشاوري»، اما العنوان الثالث، فهو ان رئيس الجمهورية ليس بوارد التنازل عن حصته، وبالتالي لا بأس ان لم يحصل التبادل بين عون والحريري، فتحتفظ بعبدا بالوزير المسيحي ويبقى للحريري سني إضافي يكون من يمثل نواب سنة 8 آذار.
وتعتقد المصادر ان ما قدمه باسيل من مخرج قد لا يُشكّل مخرجاً للرئيس الحريري كونه يضع الكرة عملياً في ملعبه، بعد ان صحّح تموضعه حيال سنة 8 آذار من رافض لمشاركتهم في الحكومة إلى اتخاذ موقف الحياد، كما قد يفسّر ان حدود وساطة باسيل المكلف من رئيس الجمهورية تقف عند حدود تقريب وجهات النظر من دون تقديم أي تنازلات تتصل بحصة الرئيس عون.
معلوم ان عقدة العقد في العقدة السنية تكمن في ان الأطراف المعنية ليست في وارد التنازل، كونها تعتبر ان أي تنازل من حصتها قد يفسّر بأنه خطوة تراجعية من قبلها، فيما لو أتى المخرج عن طريق رئيس الجمهورية، لكان كمن يقدم خشبة الخلاص لهذه الأطراف، سواء للرئيس الحريري أو «حزب الله» أو حتى للنواب الستة، خاصة وانه ليس معروفاً ما إذا كان اللقاء بين الرئيس المكلف و«اللقاء التشاوري» سيعقد اساساً، بحسب ما اقترح باسيل، فضلاً عن طبيعة النتائج التي يمكن ان تسفر عنه في حال انعقاده.
الحريري على موقفه
ذلك ان الذين التقوا الرئيس المكلف في «بيت الوسط» أمس، لمسوا منه انه ما يزال على موقفه، وان لا شيء تغير، وليس عنده أي شيء جديد، بخصوص العقدة السنية المفتعلة، الا ان نواب كتلة «المستقبل» التي اجتمعت أمس، لاحظوا ان الرئيس الحريري يتجنب الدخول في التفاصيل لكنه أوحى امامهم انه لا يمكنه القبول بطرح التراجع عن مقايضة الوزير الماروني بالسني من حصة رئيس الجمهورية، لاعتبارات عديدة، منها ان من شأن هذا الطرح ان يصور المشكلة بأنها سنية - سنية، بينما هي ليست كذلك بل سياسية - وطنية بامتياز، ومنها أيضاً انه لا يجوز حصر مهمة الرئيس المكلف باختيار وزرائه الستة من السنة، بينما هو رئيس حكومة كل لبنان، ويجب عليه ان يختار الوزراء من كل الطوائف.
رسالة المولد
وفي السياق، كانت لافتة للانتباه، غمز مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، من قناة العقدة السنية، عندما اعرب عن خشيته من ان تكون هناك عقدة أخرى مخفية تظهر بعد الحل المنتظر، وهنا الطامة الكبرى، مشيراً إلى ان «العقدة المستحدثة، ليست عقدة سنية كما يظن البعض، بل عقدة سياسية بامتياز، ينبغي حلها بتعاون القوى السياسية، بخاصة رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، دون ان يكون هناك غالب أو مغلوب».
وقال المفتي دريان في الرسالة التي وجهها في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، ان السرعة في تشكيل الحكومة ليست واجباً وطنياً فقط، بل هي ضرورة ومسؤولية وطنية جامعة تقع على عاتق جميع القوى السياسية التي عليها تسهيل تشكيلها، لأن البلاد وصلت بالفعل إلى حافة الانهيار الشامل اقتصادياً ومالياً ومعيشياً واجتماعياً».
لقاء باسيل - «اللقاء التشاوري»
الى ذلك، افادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الوزير باسيل اطلع رئيس الجمهورية مساء امس على المداولات التي جرت في لقائه مع اعضاء اللقاء التشاوري السني. مشيرة الى ان الانطباع الذي خرج به باسيل هو ان المواقف لا تزال على حالها انما كانت الجلسة ضرورية خصوصا ان الوزير باسيل التقى معظم الافرقاء.
واكدت ان باسيل لم يعد بشيء انما استمع الى وجهة نظر اللقاء التي اظهرت تمسكه بتمثيل احد نوابه في الحكومة. ودعت الى انتظار ما قد يصدر من مواقف في خلال هذا الاسبوع على ان تتكشف الامور اكثر فأكثر مع العلم ان ما من ايجابية يمكن البناء عليها، أقله قبل الحديث عن بصيص خرق في العقدة الحكومية.
وكان عضو «اللقاء التشاوري» للنواب السنة المستقلين عبد الرحيم مراد، قداختصر، لـ«اللواء»، جو اللقاء الذي تمّ بين النواب الستة والوزير باسيل بقوله: «انه كان ايجابيا جدا خاصة لجهة اعلان باسيل تفهمه لمطلبنا بالتمثيل في الحكومة، وان المطلوب هو التنازل من الاطراف الثلاثة: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف والنواب الستة، ومن جهة الرئيس عون فهو مستعد للتنازل عن الوزير السني وجعله من حصة الكوتا السنية في الحكومة واستبداله بوزير ماروني ثانٍ، والتنازل من جهتنا قد يكون بأن نسمي نحن شخصية من خارج اللقاء مقبولة من الجميع، ويبقى المطلوب تفهم الرئيس المكلف وقبوله بهذا الحل.
واوضح مراد ان الوزير باسيل وعد بوضع الرئيس الحريري في صورة الاجتماع مع اعضاء اللقاء، وتمهيد الطريق لعقداجتماع بينهم وبين الحريري لمناقشة الموضوع والتوصل الى حل، ولكنه قال: «قبل ذلك سنقوم نحن بمشاورات بيننا لمناقشة الحل المقترح وهوعلى طريقة معالجة العقدة الدرزية، ومن ثم سنطلب موعدا لمقابلة الرئيس المكلف وعرض الموضوع معه للوقوف على رأيه ونرجو ان يكون متجاوبا».
وعما اذا كان اعضاء اللقاء موافقين او متفقين على هذا الحل؟ قال مراد: لم نوافق ولم نرفض وسنبحث الموضوع بيننا بهدوء ثم نلتقي الرئيس الحريري، ولن نضع السلبية امامنا، ولن نستبق المراحل.
وعن الفترة التي يمكن ان يأخذها هذا المسار وهل هي قصيرة ام طويلة؟ قال: «لا نستطيع تحديد موعد للتوصل الى حل قبل جوجلة الافكار المقترحة».
مكاسب للنواب الستة
وذكرت معلومات، ان باسيل كان التقى مساء الأحد، الرئيس الحريري بعيداً عن الإعلام، كما التقى عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، الذي اجتمع بوزير المال علي حسن خليل، قبل ان يزور لاحقاً عين التينة برفقة الوزير السابق غازي العريضي، حيث عرضا مع الرئيس نبيه برّي الوضع الراهن ولا سيما موضوع تأليف الحكومة.
تجدر الإشارة إلى أن الاتفاق على عقد اللقاء بين باسيل والنواب السنة المستقلين في منزل النائب مراد، أنهى إشكالية حول مكان الاجتماع في ضوء إصرار النواب على حصوله في مقرهم وليس في مكتب باسيل أو حتى في مجلس النواب، حسب بعض الترجيحات لأنهم كانوا يريدون من وراء اصرارهم على تأكيد حيثيتهم والاعتراف بهم ككيان سياسي مستقل، وصولاً إلى تثبيت مطلب توزير أحدهم، وهو ما نجح النواب الستة في تحصيله، من خلال تأكيد باسيل على «الحيثية السياسية التي يجب الاعتراف بها»، مقترحاً عليهم ان يتخلّى رئيس الجمهورية عن مبدأ المقايضة مع الرئيس الحريري، على ان يكون تمثيلهم من حصلة الوزراء السنة الستة، مما يضع الكرة في ملعب الرئيس المكلف.
ونفت مصادر النواب السنة ان يكون باسيل طرح ان يكون تمثيلهم من خارجهم، مشيرة إلى ان اللقاء كان في الأصل حاسماً في هذا المجال منذ البداية لا بل كان مرناً لناحية عدم طرح اسم واحد، على عكس ما قامت به باقي الكتل النيابية، مضيفة: «لو كنا نريد التشدّد لكنا حددنا مرشحاً واحداً».
اما بالنسبة للسعي إلى اللقاء مع رئيس الحكومة المكلف، فأشارت المصادر نفسها إلى انه لم يتم الاتفاق حول هذه النقطة مع باسيل، لافتة إلى ان هذا الأمر متروك لمشاورات بين نواب «اللقاء التشاوري» الذي هو في حالة تشاور دائم.
لوحة الجلاء
في هذه الاثناء، تفاعلت دعوة باسيل لوضع لوحة في نهر الكلب ترمز إلى تاريخ الانسحاب السوري من لبنان، بين فريق اعتبره «عراضة فولكلورية»، خصوصاً وانه سبق لحزب الوطنيين الأحرار ان وضع لوحة في العام 2013، لكن وزير الثقافة المحسوب على «التيار الوطني الحر» يومذاك طلب ازالتها، معتبراً ان اللوحة تعدّ على موقع أثري، وبين الفريق المؤيد للنظام السوري، الذي اعتبر ان زعماء لبنان ذبحوا البلد منذ العام 2005، أي منذ تاريخ الانسحاب السوري، مشدداً على ان اتفاق الطائف لا يعتبر الوجود السوري احتلالاً، بحسب تعليق النائب جميل السيّد على دعوة باسيل.
ورد «التيار الحر» على تعليق السيّد، مستغرباً قيامه بفتح سجال في غير مكانه، مشيراً إلى ان باسيل كان يتحدث عن واقعة تاريخية لا خلاف عليها، وهي انسحاب الجيش السوري من لبنان في العام 2005، من دون ذكر منه لأي وصف للجيش السوري حينذاك في حينه.
وذكّر التيار في بيانه، انه كان قد وضع عام 2005 في حضور باسيل آنذاك على إحدى صخور نهر الكلب لوحة تؤرخ لهذا الانسحاب لكنها ازيلت في ظروف غامضة من دون ان يوضح الجهة التي ازالتها.
واللافت ان الردود على باسيل تجاوزت الحدود، إلى ردّ من نائب سوري عن مدينة حلب هو فارس الشهابي، الا انه لم يسم باسيل بالاسم، بل فقط ذكره عبر «تويتر» بأن التحرر لا يكون فقط من التدخل الخارجي أو التبعية، ولكن من الفساد أيضاً بالدرجة الأولى.
لا تراجع عن السلسلة
وفي شأن مالي - حياتي، أوضح وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أنّ «لا تراجع عن سلسلة الرتب والرواتب، فلماذا يهوّلون على الناس؟»، مؤكّدًا أنّ «لبنان غير متّجه إلى الإفلاس، وأنّ الإصلاحات أصبحت ملحّة»، لافتًا إلى أنّ «إصدارات وزارة المال ما زالت تلقى الإقبال الجيّد، وإصدارات «اليوروبوند» نجحت ولا مشكلة بتسويقها».
وشدّد في حديث تلفزيوني، على أنّه «من الملحّ معالجة الدين العام المتراكم، لكن ليس عبر رفع الضرائب. لا رفع للضرائب في موزانة عام 2019 لسدّ العجز».
ونوّه خليل في موضوع العقوبات الأميركية، إلى أنّ «القطاع المصرفي ممتثل، والدولة ووزاراتها تطبّق القانون اللبناني»، مستبعدًا أن «تصل العقوبات الأميركية إلى المؤسسات الحكومية اللبنانية».
فضيحة فيضان المجرور
وفي ما يتعلق بفضيحة فيضان المجارير التي اغرقت العاصمة، ولا سيما في الرملة البيضاء وشارع بلس، وضرورة محاسبة الفاعلين عقد نواب بيروت اجتماعاً، أمس، في مكتب رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب نزيه نجم، خلص الى التوقيع على إخبار موجّه الى القاضي سمير حمود ضد كل من يظهره التحقيق مشاركا او محرّضا بالتعدي على الاملاك العامة والاضرار بها.
وقال نجم بعد اللقاء: «قدمنا إخبارا واسعا وعلى القضاء الكشف عن كافة الاسماء وسنقف بوجه كل من الحق ضررا ببيروت»، لافتا الى ان «كل الاحزاب تقف اليوم يداً واحداً فمن غير المقبول ان تستباح كل الادارات ونبدأ من بيروت لنتوسّع نحو كل المناطق».
وتابع «دعونا وزراء الداخلية، الاشغال، الطاقة، العدل والبيئة ومجلس الانماء والاعمار ومحافظ بيروت ورئيس بلدية بيروت وبلديات الضاحية للاجتماع بهم الاثنين المقبل، للوقوف عند كافة المعطيات ونطالب وزارة الاشغال وبلدية بيروت تقديم الخرائط التنفيذية لـeden Bay والصرف الصحي».