بعيداً من النصيحة الغربية باستعجال التأليف والتي يكتمها المعنيون، إستمرت العقدة السنّية دائرة في حلقة مفرغة، إذ لم تسجّل الاتصالات والمشاورات المُعلنة وغير المعلنة بين المعنيين خلال عطلة نهاية الاسبوع أي تطوّر إيجابي حكومياً، نتيجة استمرار المواقف على حالها من التنازع والتناقض بين مؤيّدي تمثيل النواب السنّة الستة وبين معارضيه. الى حدّ، انّ الأفق بدا مسدوداً حتى الآن، وانّ مقاربة المعنيين لهذه المسألة لا تزال قاصرة عن ادراك كنه الأزمة. فالرئيس المكلّف كان ولا يزال يرفض تمثيل النواب السنّة مباشرة او عبر شخصية يختارونها، فلا الأصل مقبول عنه، ولا البدائل.

وعلمت «الجمهورية»، انّ قيادة «حزب الله» الداعمة لتمثيل هؤلاء النواب، كرّرت القول لكل من اتصل بها او راجعها في هذا الملف، إنّها ليست الطرف المعني وانما النواب الستة أنفسهم، وهي ستقبل بأي خيار يتخذونه.

إفتعال مشكلة

والى ذلك، قالت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية لـ«الجمهورية»، انّ عامل الوقت لمعالجة هذه العقدة السنّية مهم سلباً او ايجاباً، وأكّدت «انّ تصوير البعض البلد بأنّه ذاهب للانهيار ليس منطقياً ولا واقعياً الآن، فلماذا لم يكن البلد على هذه الحال ايام العراك الذي دار حول العقدتين المسيحية والدرزية؟ ولماذا لم يُقَل يومها انّ البلد يقف على حافة انهيار مالي واقتصادي؟».

واعتبرت المصادر، انّ التهويل بمخاطر اقتصادية ومالية وشيكة «لا يعدو كونه افتعالاً لمشكلة ليست موجودة خصوصاً، انّ الدولة كانت ولا تزال قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية للداخل والخارج، ولم يحصل انّها عجزت عن ذلك حتى في ايام الشدائد».

تسوية بالمرصاد

في ظل رفض الحريري المستمر فتح باب التفاوض في احتمال تمثيل «سنّة المعارضة» بوزير من حصّته، نُقِل عن «الوسيط» الوزير جبران باسيل تفاؤله قائلاً «انّ العقدة مهما بلغت درجة تعقيدها فإنّ «التسوية» بالمرصاد، لأنّ أمدّ الأزمة بعد أكثر من 5 أشهر ونصف الشهر من التأخير لا يمكن أن يطول كثيراً، «فيما المطلوب من الجميع التهدئة».

وفيما أعلن النائب الوليد سكرية لـ«الجمهورية» عن اجتماع سيُعقد اليوم بين باسيل وأعضاء «اللقاء التشاوري» الستّة، فإنّ المعطيات تفيد عن تشدّد واضح لدى الأطراف الثلاثة، التي إعتبر باسيل أنّها معنية بحلّ الأزمة، أي «حزب الله» ونواب «اللقاء التشاوري» والرئيس المكلّف، بعدم تقديم تنازلات حتى الآن، خصوصاً أنّ الأسبوع الحالي «المُشبَع» بالعطل، لن يسمح بحصول استنفار على مستوى الحِراك السياسي، هذا مع تخوّف مرجعية وزارية بارزة «بأن يطول أمد التعطيل الى ما بعد أسابيع طويلة من الاحتفال بعيد الاستقلال، الذي سيُشارك فيه الحريري رئيساً مكلّفاً بتأليف الحكومة، بعد مشاركته فيه العام الماضي رئيساً مستقيلاً!».

لكن ما كان لافتاً في اليومين الماضيين، التوجّه البارز في «توضيح» موقف الفريق العوني من مسألة تمثيل سنّة 8 آذار، حيث أكّدت مصادر هذا الفريق، أنّ الحجم النيابي لقوى 8 آذار يسمح بتمثيلها بوزير إضافي، كما أعلن النائب ألان عون صراحة أمس، فيما تبنّى «حزب الله» علناً مطلب توزير سنّة المعارضة، بحيث بات صعباً تجاوز هذا المطلب، مع التسليم بأنّ «التنازل» الآخر المطلوب من «اللقاء التشاوري» هو عدم وضع العصي في دواليب التأليف، وذلك من خلال الاتفاق على إسم وسطي يكون من خارج «اللقاء» منعاً لكسر الحريري.

بري

الى ذلك، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ«الجمهورية» انّه لم يلمس جديداً على خط تذليل عقدة تمثيل «اللقاء التشاوري»، «فحتى الآن لا يوجد شيء».

وكرّر بري التأكيد «انّ الحلول ليست مفقودة، وفي الإمكان الوصول الى حل في القريب العاجل، شرط ان تكون النيّات صادقة لبلوغ هذا الحل».

ورداً على سؤال عمّا يمكن أن يقدّمه لتسهيل الحل، قال بري: «سبق لي ان بادرت في محطات حكومية سابقة الى اقتراح حل «من كيسي»، بهدف تسهيل تشكيل الحكومة، وبهذه الروحية التقيت الرئيس المكلّف في اليوم الاول لاستشاراته في المجلس النيابي، ولم نطالب بحقائب زيادة على رغم من انّ لدينا كتلاً نيابية كبيرة، وقلنا انّ ما نريده ان نبقى كما كنا في السابق أي 3 وزراء لـ«أمل» و3 وزراء لـ«حزب الله». واذا كان هناك من يقول إننا يجب ان نضحّي من جديد، «فأنا أصلاً مضحّي وعامل تقدّمة، فشو المطلوب مني بعد؟».

لكن ما كان لافتاً في الأيام المنصرمة، هو مبادرة بعض المطابخ الى رمي طرح لحل العقدة السنّية، بدا فيه أصحابه يتبرّعون من كيس بري من دون علمه، ويقوم الطرح على تخلّي بري عن وزير شيعي ويستبدله بأحد نواب «سنّة 8 آذار».

واللافت، انّ عين التينة اعتبرت هذا الطرح مفخخاً وخبيثاً، خصوصا انّه أثار شكوكاً والتباسات، ومن هنا بادر رئيس المجلس فوراً الى الاتصال بالنائب فيصل كرامي قائلا: «لسنا معنيين بهذا الطرح ولا علاقة لنا به من قريب او بعيد».