أكّد رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع أن "الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران في وضع دفاعي على مستوى المنطقة للمرّة الأولى منذ 40 عاماً حيث أن المواجهة جديّة وتأخذ حدودها القصوى والجميع يرى كيف تتدرّج من مرحلة إلى أخرى، إلا أن الإيرانيين حاولوا قدر الإمكان التخفيف من وقعها وفرملتها ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك، وقد أيقنوا بعد فرض العقوبات الأميركيّة في 4 تشرين الثاني مدى جديّة الولايات المتحدة الأميركيّة في هذه المواجهة وعندها قرروا استجماع ما يمكنهم من أوراق على مستوى الشرق الأوسط من أجل مواجهة الضغط الأميركي الكبير الممارس عليهم، لذا فالتصعيد الذي رأيناه في غزّة وما شهدناه من عرقلة للحكومة العراقيّة بعد تأليفها وما نشهده اليوم من تعطيل لتأليف الحكومة في لبنان يأتي في هذا السياق وليس أي سياق آخر".
وشدد جعجع خلال كلمة مباشرة ألقاها عبر "Skype" خلال مؤتمر مقاطعة أميركا الشماليّة في حزب "القوّات اللبنانيّة"، على أن "مسألة تمثيل سنّة 8 آذار مفتعلة ويمكن تبيان ذلك بمجرّد مراجعة شريط الإستشارات النيابيّة حيث حضر كل نائب من بينهم مع كتلته النيابيّة الحقيقيّة، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم لماذا لم يحضروا الإستشارات ككتلة واحدة؟ إلا أن الجواب واضح وهو أنه لا وجود لكتلة مماثلة أو لفريق إسمه "سنّة 8 آذار" وإنما تم استجماعهم في الأشهر القليلة الماضية كورقة لإستعمالها في الوقت المناسب". واشار إلى أن "من يشكّل الحكومة هما الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهوريّة وهما قادران على الإستنساب وهذا حق أعطاهما إياه الدستور وإنطلاقاً من هذا الإستنساب يحصلان على النتيجة في مجلس النواب إما بنيل الحكومة الثقة أم لا، لذا للرئيس المكلف ورئيس الجمهوريّة مطلق الحريّة في اتخاذ القرار بتمثيل هؤلاء في الحكومة أم لا وهذا الأمر لا يمكن فرضه من قبل أي طرف".
ورأى جعجع أنه "من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأمور في مسألة تأليف الحكومة باعتبار أنها لم تعد مرتبطة بحسابات أو عوامل داخليّة يمكن تقدير منحاها وإنما ترتبط بتقدير إيران للأمور التي إن رأت أنها مستفيدة من التعطيل فمن الممكن أن يستمر لعدّة أشهر إلا أنها إذا رأت أنه يؤثر سلباً عليها أو أنها لن تتمكن من استثماره في السياسة فعندها ستفرج عنه لتتألف الحكومة".
ولفت جعجع إلى أن "ما شهدناه منذ يومين في بكركي كان ختماً لآخر جرح نازف من جروح الحرب ويجب أن تكونوا فخورين بأنكم شهدتم خلال عشر سنوات على ختم جميع الجروح التي خلفتها الحرب والتي كان من المفترض أن تختم خلال السنتين اللتين أعقبتا إنتهائها إلا أنه وللأسف فقد وضعت سلطة الوصاية في حينه كامل جهدها من أجل الإبقاء على هذه الجروح مفتوحة، لا بل عملت جاهدة على نكئها وتوسيعها من أجل الإبقاء على سلطتها في لبنان إلا أننا اليوم يمكن أن نقول إن باستطاعتنا التفرغ للتطلع إلى المستقبل بغية تحقيق لبنان الذي نحلم به".
وتابع جعجع: "إن مشروعنا واحد إلا أنه بجوانب متعدّدة فبعد أن كنا نعطي وقتنا كاملاً للعمل على السيادة والحريّة والإستقلال في لبنان، فقد أصبح علينا اليوم وبالإضافة إلى ذلك، العمل على الوجه الآخر وهو مكافحة سوء الإدارة في الدولة اللبنانيّة والفساد المستشري فيها وتجربتنا في هذا المجال في العامين المنصرمين كانت مشرّفة وناجحة جداً حيث تمكنا من إظهار صورتنا الحقيقيّة كفريق ناصع البياض وزراؤه ونوابه رجال دولة يتصرّفون بكل وعي وشفافيّة واستقامة وهذه الصورة الجميلة تحتّم علينا العمل بجهد من أجل تحمّلها بالشكل المطلوب، فكما حملنا ولا نزال نحمل همّ السيادة والحريّة والإستقلال منذ 30 عاماً علينا اليوم حمل همّ إضافي وهو حسن إدارة الدولة على مدى الأعوام القادمة لأنه لا يمكن الوصول إلى دولة حرّة سيّدة مستقلّة من دون أن يكون لهذه الدولة إدارة رشيدة خالية من الفساد".
وتطرّق جعجع خلال كلمته لوضع حزب "القوّات اللبنانيّة" الراهن إن على صعيد الثقل السياسي والدور الوطني الكبير الذي يلعبه على الساحة السياسيّة الداخليّة أو على الصعيد التنظيمي الداخلي، وأكّد أن "الحزب يمرّ في واحدة من أفضل المراحل في تاريخه على هذين الصعيدين حيث أن ثقله السياسي في هذه المرحلة يشابه تماماً ثقله ما بعد انتخاب الرئيس الشهيد بشير الجميل رئيساً للجمهوريّة ويحوز بقبول شعبي عارم من مختلف أطياف المجتمع اللبناني وهذا الأمر يمكن أن يظهر جلياً بمقارنة بسيطة ما بين الـ2005 والـ"2018. وأشار جعجع إلى أن "هذا الأمر مردّه للعمل والجهد الذي بذله رفاقنا في الحزب على المستويات كافة في لبنان وبلاد الإنتشار إلا أن وضعنا الراهن يتطلب منا اليوم العمل بجهد أكبر باعتبار أن الوصول إلى القمة مهم إلا أن الأهم هو البقاء عليها والتقدم بشكل مستمر فالدور السياسي الذي أوكلنا به الناس في الإنتخابات النيابيّة الأخيرة والمسؤوليات الملقاة على كاهلنا جراء هذا الدور تتطلب منا العمل بمسؤوليّة أكبر، وقد ترجم هذا الأمر بشكل واضح في الإنتخابات الطالبيّة الأخيرة حيث تمكن الحزب من استقطاب أكثريّة أصوات الشباب ما مكّنه من الفوز في جميع المعارك الإنتخابيّة التي خاضها على هذا الصعيد".