تصطدمُ المرأة بحواجز جمّة خلال فترة الطلاق أو ما بعده وأبرز هذه الحواجز هي:قانونيّة، إجتماعيّة، إقتصاديّة ودينيّة وحق الحضانة العائد للأم يبقى مشروطاً
تتمتّعُ الأسرة بقيمة كبيرة في مجتمعنا العربيّ ولاسيما اللّبناني تحديدًا، لكن في حال تفكّكها يتعرّض الأولاد لتبعات طلاق الأهل الذي يتسبّب في تشتّتهم بين حضانة الأم أو الأب، أو من يُصبح مؤهلاً لهذا الأمر. و بموجب جميع الإتفاقيّات الدّوليّة الراعية لأوضاع الطفولة كـَ "الإعلان العالميّ لحقوق الطفل"، من حقّ الطفل أن يتمتّع بالرعاية العائليّة، أيّ أن يعيش في إطار من التوازن في علاقته مع كلّ من الأم والأب. الأمر الذي لا ترعاه قوانين الأحوال الشخصيّة الدينيّة في حال إنفصال الأهل، أقلّه على أرض الواقع، خلافاً للقوانين المدنيّة النافذة في أغلب دول العالم، التي تبحث في مصلحة الطفل قبل كلّ الإعتبارات الأخرى.
هُنا في لبنان، تصطدمُ المرأة بحواجز جمّة خلال فترة الطلاق أو ما بعده وأبرز هذه الحواجز هي:"قانونيّة، إجتماعيّة، إقتصاديّة ودينيّة" وحق الحضانة العائد للأم يبقى مشروطاً، حيث تعترف به قوانين الأحوال الشخصيّة لدى الطوائف كلّها على السواء لكنّها تسقط حقّ الحضانة عن الأم أو تقيّدها لأسباب عديدة ومنها:"عدم أهليّة الأم لتربية طفلها ورعايته، زواج الأم برجل غير والد الطفل، إهمال الأم لتنشئة الطفل الدينيّة، ونشوز الأم"، في حين أنّ حقّ الأب خلافاً للأم في حضانة أطفاله لا يسقط في حال تزوج مُجدّداً، وإحتمالات الحكم عليه بعدم الأهليّة أقل بكثير، إلّا في حالات قصوى التي يعجز فيها عن رعاية الأطفال بسبب إدمان الكحوليّات أو المخدّرات مثلاً.
ومنذ مدّة تحظى صفحة "ثورة إمرأة شيعيّة" بنسبة مُتابعة مُرتفعة جدًّا، لاسيّما وأنّ غايتها طرح قضايا ومعاناة المرأة الشيعيّة في المحاكم الشرعيّة الجعفريّة في لبنان،الإسم الذي تحمله الصفحة شكّل الكثير والعديد من التساؤلات، من هُنا كان لـِ "موقع لبنان الجديد"، مُقابلة خاصّة مع مؤسِّسة الصفحة المُحاميّة فاديا حمزة.
بدايةً شرحت السيّدة حمزة عن الحضانة لدى المحكمة الجعفريّة، قائلةً:" في المحكمة الجعفرية الأم ليس لديها حقّ الحضانة، فالمحكمة تمنحها رعاية إبنها لسنّ الثانية أمّا الفتاة للسابعة، وبالتالي لو مهما سعت المرأة لرفع سنّ الحضانة أو للحصول عليها حتى لو قامت بتقديم تقارير من أطباء نفسيّين أو مساعدين إجتماعيّين، أو أثبتت أنّ الأب مُهمل أو هو خارج البلد فهذه البراهين تبقى غير كافية أو لا تملكُ أيّ قيمة ".
وأكّدت السيّدة حمزة خلال المُقابلة، أنّه في الوقت الحالي الهدف هو تسليط الضوء على هذه الأمور للرأي العام، موضحةً:" الرأي العام قادر على خلق ضجيج وهناك العديد من النساء من الطائفة الشيعيّة قد إستخدمن هذه الطريقة لتسليط الضوء على قضاياهم، خصوصًا وأنّه عند بلوغ الإبن سنّ 2 سيذهب حقّ الحضانة من الأم تلقائيًا وبالتالي لم يعد للمرأة الشيعيّة الضغط لرفع سنّ الحضانة إلّا عبر الرأي العام".
إقرأ أيضًا: بيروت شبه مُقفلة... وهذا ما طالب به السياسيون!
وشدّدت حمزة أنّ الضغط على المعنيّين عبر الرأي العام قد نجح مُعلّلةً:" إتباع هذا النهج قد نجح مع شقيقتي فاطمة، والأم ميساء كما مع الأم ريتا التي إستطاعت من خلال الضغط عبر الرأي العام بالحصول على إتفاق مع الأب حول الحضانة".
وقالت حمزة:" بغياب العدالة وإنتشار الفساد والظلم، أصبح اليوم الحلّ الوحيد أمام الناس المظلومة ان تلجأ للإعلام والضغط عبر الرأي العام".
وأوضحت حمزة أنّ حلّ المرأة الشيعيّة أن تثور فلهذا السبب لقد أنشأت صفحة "ثورة إمرأة شيعيّة" على موقع "فايسبوك" لكيّ تكسر المرأة حاجز خوفها وتُطالب بحقوقها، قائلةً:" هذا حقّ المرأة فعلى المرأة أن تثور وتُطالب بحقّها وأن تُحارب من أجل حقّها بالرغم من جميع الضغوطات التي من المُمكن أن تتعرّض لها في المحاكم الجعفريّة مثل التأجيل وإلى آخره.. فعليها أن تأخذ حقّها بالقوّة".
وعن تعرّض حمزة لأيّ ضغوطات بسبب صفحة "ثورة إمرأة شيعيّة"، أجابت:" كلا، لكنّ البعض و من بينهم رجال الدين قد طلبوا مني تغيير إسم الصفحة وتحويله إلى إسم ثورة إمرأة مسلمة أو حقوق المرأة المسلمة، لكنّني رفضت لأنّني أودّ أن أضع اصبعي على الجرح فأنا إنطلقت من ثورة أطلقتها شقيقتي فاطمة حمزة التي من بعدها كسرت العديد من النساء حواجز الخوف وبدأت تتحرّك، فهذه الصفحة ولدت من وجع وهي ليست معنيّة فقط بموضوع الحضانة إنّما أيضًا بموضوع بقاء النساء "مُعلّقات" وبسبب الفساد في المحكمة الجعفريّة والذكوريّة المُسيطرة على عقولهم وتحجّرهم".
وإعتبرت حمزة، أنّ صفحة "ثورة إمرأة شيعيّة" تهدفُ إلى توعية النساء و معرفة حقوقهنّ، وهي منبر لكلّ النساء من دون إستثناء خصوصًا وأنّ هذه الصفحة قادرة على أن تطلق صرخة مدوّيّة رفضًا للظلم، وإلى إيصال صرخة النساء للحصول على مطالبهنّ المحقّة وقالت:" لعلنا من خلال الصفحة، نشكّل قوّة ضاغطة تعمل على رفع الظلم وتطبيق العدالة وإنصاف المرأة الزوجة والأم والطفل معًا عبر تعديل سنّ الحضانة وتقصير أمد المحاكمات الطويلة وتفعيل دور التفتيش في المحاكم الشرعيّة وتفّعيل دور طلاق الحاكم الشرعي، وسَن قوانين واضحة تُطبّق على الجميع بالمساواة".
ووجّهت حمزة رسالة إلى النساء بالقول:" أيتها النسوة أيتها الأمهات، كفى صمتًا كفى دموعًا كفى وجعًا كفى ألمًا كفى جراحًا حطموا قيود الجهل إحموا حقوقكم إصنعوا مستقبلكم ، مصيركم بيدكم أنتم، التغيير يبدأ بكم ومنكم ..."
وطالبت حمزة، الثنائيّ الشيعيّ عبر نوابهم بالقيام بإصلاحات خصوصًا أنّهم نادوا كثيرًا بها وبمحاربة الفساد وقالت:" الأفضل أن تبدأوا من هُنا"