قبل أقل من أسبوعين، سأل النواب الرئيس نبيه برّي عن مصير أزمة تشكيل الحكومة، وهل ثمة حل قريب لها، فكان جواب رئيس المجلس الذي يضطلع بدور أساسي في الاتصالات الجارية على غير صعيد لإنهاء هذه الأزمة، ووضع البلد على السكة الصحيحة، انه لم يبقَ أمامنا سوى الدعاء، ويومها فهم أصحاب السؤال أن عملية تأليف الحكومة ما زالت طويلة، ولا يتوقعن أحد ولادتها قبل حلول عيد الاستقلال، لكن البعض الآخر ومنهم الرئيس المكلف تمسك بالأمل في تذليل العقد التي ما زالت تؤخّر أو تُعرقل تشكيل الحكومة، ولا سيما بعد ما حلت عقدتا القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، ولا يوجد في الأفق ما يوحي بأن هناك من ينتظر حل هاتين العقدتين، ليطرح في وجه الرئيس المكلف عقداً جديدة.
وفجأة جاء خطاب الأمين العام لحزب الله لينسف كل الآمال التي علقها اللبنانيون على الأجواء الإيجابية التي أشاعها الرئيس المكلف، ويعيد مسألة تأليف الحكومة إلى المربع الأول وحتى إلى الصفر، ما أشاع في مختلف الأوساط أجواء التشاؤم من جديد وتعددت الآراء حول هدف أمين عام حزب الله من المواقف التصعيدية التي اتخذها بعد ما نضجت الطبخة وتهيأ رئيس الجمهورية والرئيس المكلف للاحتفال بإصدار مراسيم تشكيل الحكومة، وذهب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي إلى حدّ اتهام إيران بالدخول على خط عرقلة التأليف لإبقاء لبنان ورقة في يدها تستخدمها في المعركة التي تخوضها مع الولايات المتحدة الأميركية.
وها هو الوزير جبران باسيل يعلن بعد صدمة حليفه الأمين العام لحزب الله، وفي أعقاب جولة واسعة من الاتصالات شملت القيادات السياسية والمراجع الروحية ردَّه على السؤال نفسه الذي وجهه النواب إلى الرئيس برّي بالدعوة إلى الصلاة من أجل تذليل العقدة السُنية التي وضعها حزب الله قبيل ولادة حكومة الوحدة الوطنية، وكأنه يقول أن كل اتصالاته ومحاولاته باءت بالفشل، وان الأزمة الحكومية طويلة، وعلى اللبنانيين أن يتكيفوا مع هذا الوضع المستجد بكل تداعياته السلبية على مجمل الأوضاع الداخلية، لا سيما منها الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تجاوزت كل الخطوط الحمر.
أما لماذا وصل الوزير باسيل ومعه رئيس الجمهورية إلى فقدان الأمل من إمكانية الوصول إلى تسوية جديدة لإخراج الحكومة من عنق زجاجة العرقلة فلم يعد سراً بعد ما أكد حزب الله انه لن يتراجع عن القرار الذي اتخذه بتوزير أحد النواب السُنّة الستة المحسوبين عليه حتى ولو استمرت الأزمة الحكومية إلى يوم القيامة على حدّ التعبير الذي استخدمه السيّد، وبعد أن لمس الوزير باسيل ذلك من النواب الستة أنفسهم عندما تمنى عليهم تقديم التنازل لتسهيل عملية تأليف الحكومة، وطي هذا الملف الذي بات استمراره يُشكّل خطراً على الإستقرار العام في البلاد.
وما دام أن الوزير باسيل وصل إلى هذه المرحلة من اليأس، فذلك معناه ان الأزمة ما دامت طويلة، وعلى اللبنانيين أن لا يتوقعوا أي بصيص أمل في انهائها لا قبل عيد الاستقلال ولا بعده بزمن طويل.