يقول تقرير ديبلوماسي ورد من واشنطن إنّ القانون الأميركي الخاص بالعقوبات المفروضة على «حزب الله» وتلك الخاصة بإيران لم يكن يوماً موضعَ جدل بين الديموقراطيين والجمهوريين، فقد تحقق حوله إجماع الحزبين في مختلف المراحل التي قطعها. والسبب في ذلك أنه يأتي في سياق متدرّج لرفع مستوى العقوبات على جميع الأطراف التي استهدفها عقب نزع الإعتراف الأميركي بالتفاهم النووي بين طهران ومجموعة الدول (5+1) ومن أجل تعزيز الحصار على «الأنظمة الشيطانية» حسب ما يسمّيها الأميركيون منذ عقود من الزمن خلت وسبقت وصول ترامب الى البيت الأبيض قبل عامين.
وبعيداً عمّا قالت به القوانين الخاصة بإيران وأذرعها في المنطقة فقد سلك القانون الخاص بـ»حزب الله» غرف مجلسَي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي بتعاون بين نواب الحزبين المتنافسين على السلطة خارج منطق الموالاة والمعارضة، وقبل أن تدخل الولايات المتحدة مدار النزاع بينهما في الإنتخابات النصفية الأخيرة التي تبادلا فيها السيطرة على مجلسي الشيوخ لمصلحة الموالين ومجلس النواب لمصلحة المعارضين.
وفي التقرير رواية للمراحل التي عبرها القانون منذ أن كانت فكرة تقول بضرورة الفصل بين قوانين العقوبات التي تطاول إيران وتلك التي تتناول أذرعها في المنطقة. ولذلك خُصّص للحزب قانون منها في اعتباره الذراع الأقوى التي تهدّد مصالح الولايات الأميركية وحلفائها في المنطقة، ليس على مستوى الأزمة السورية فحسب، بل امتداداً الى اليمن والبحرين ودول أخرى في الخليج العربي ومناطق أخرى من العالم كما في بعض دول اميركا اللاتينية وافريقيا والمغرب العربي.
وزاد من أهمّية استهدافه وحيداً على رغم ما شملته العقوبات المفروضة على «الأم» الإيرانية كما يسمّيها نواب في الكونغرس. من أجل تقليم أظافرها في مناطق الإنتشار خارج الجغرافيا الإيرانية وفي النطاق التي وسّعت هيمنتها فيه بعد فكّ جزء من العقوبات على إيران بنحو متدرّج وفق برنامج زمني تلى توقيع الإتفاق النووي في 14 تموز العام 2015 عقب الإجتماعات الماراتونية التي ضمّت الأطراف الستة الأخرى وهي: الصين، روسيا، أميركا، فرنسا، ألمانيا وبريطانيا.
كان واضحاً أنّ التشدّد الأميركي بلغ الذروة لمجرد خروج واشنطن عن الإجماع الدولي على أنّ إيران التزمت بنود التسوية ولم تخرج على مقتضياتها ولا سيما منها ما سُمّي «الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني». ولذلك تصاعدت التحضيرات لهذه القوانين في الكونغرس. ففي حزيران الماضي بدأ التحضير للقانون الخاص بـ»حزب الله» وشهدت لجنة الشؤون الخارجية برئاسة الجمهوري إد رويس ومعه نواباً من الحزبين.
ويقول التقرير إنّ النسخة الأولى من القانون صيغت بلهجة قاسية وجمعت كل التعابير القانونية والدستورية المتشدّدة. ولم تكتفِ بالإشارة الى اسماء الحزب وقياديّيه في لبنان وسوريا ومناطق في العالم بحجة وجود أدوار لهم ومسؤولياتهم الخارجية، بل شملت اسماء مسؤولين لبنانيين من الأحزاب الصديقة وتلك الحليفة التي تدور في فلك الحزب وإيران على حدّ سواء.
ويشير التقرير الى أنّ هذه النسخة الأوّلية شملت اسماء من «حزب الله» وحركة «أمل» و»التيار الوطني الحر» و»الحزب السوري القومي» وتيار «المردة» وشخصيات سياسية وإعلامية. وتزامناً مع وضع الصيغة الأولى زار رويس لبنان والتقى عدداً من المسؤولين وهو مَن سرّب الأسماء والأطراف التي سيسمّيها القانون الجديد، وهو ما دفع نواباً ومسؤولين مصرفيّين الى زيارة واشنطن لمعالجة هذه القضية والبحث في إمكان تجاوز هذه الإتّهامات التي يمكن في حال شمولها هؤلاء المسؤولين والقياديين أن تشكّل خطراً فعلياً على الأمن والإستقرار، عدا عن الأزمة الإقتصادية والمصرفية التي يمكن أن تحدثها في لبنان.
عند هذه المحطة يشير التقريرالى أنّ لجنة الشؤون الخارجية أعادت النظر في إدراج أسماء بعض الأطراف دون سواها. ورفعت المشروع الى البيت الأبيض حتى بلغ المكتب البيضاوي حيث أُخضع لتعديلات كبيرة شطبت منه مختلف الأسماء والأطراف المستهدَفة، وتُرك للرئيس الأميركي هامش واسع من الحركة يسمح له بالتسمية فرض العقوبات ساعة يريد ضمن المهل المحدّدة في القانون قياساً على ما تفرضه المراحل التي تلي توقيعه.
وذكر التقرير أنّ الأسماء التي شملها القانون بنسخته الأصلية لم تدخل في صلبه لكنها بقيت في جدول خاص ملحق بالأسباب الموجبة له بهدف العودة اليها ساعة يشاء ترامب وليختار في اللحظة التي يريد أن تشمل العقوبات مَن يرى واجباً استهدافه شرط تعليل الأسباب التي دفعته الى هذا القرار، وما يمكن أن يحققه من الأهداف الأساسية للقانون التي تركّزت على الحق بملاحقة أفراد تحدَّد اسماؤهم وصفاتهم في وضوح، او مؤسسات وشركات، وربما مسؤولين حكوميين وفي القطاع الخاص، وربما حكومات تقدّم الدعم للمستهدفين بما فيه الدعم السياسي والعسكري، والمساعدات المالية والعينية التابعة لشركات ومؤسسات إعلامية وتجارية وطبّية وخدماتية واجتماعية، وتلك المعنية باعادة الإعمار والبناء، وكذلك الذين يستخدمون المدنيّين دروعاً في مناطق النزاع.
عند هذه المعطيات ينتهي التقرير الى التأكيد أنه ولكل هذه الأسباب فإنّ التريّث في إصدار المراسيم التنفيذية الرئاسية التي تترجم قانون العقوبات على «حزب الله» له ما يبرّره وهو أمر مؤجّل الى حين. فهو حقّ حصري أناطه القانونُ الجديد بترامب وحده ليقول كلمته ساعة يشاء وليستهدف مَن يشاء وللأسباب التي حدّدها القانون دون سواها. وليس على الجميع سوى الإنتظار.