تراوح عملية تأليف الحكومة مكانها، في ظل الشروط والشروط المضادة حول ما يسمى بالعقدة السنية، في وقت يأمل فيه اللبنانيون أن تكون الحكومة هدية عيد الاستقلال بعدما فشلت مواعيدهم مع سلسلة أعياد ماضية كان من المفترض أن يهدي عرابو التأليف اللبنانيين الحكومة فيها.
في غضون ذلك يبدو واضحا أن وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل يسعى الى الاستفادة من المهمة التي أوكلها إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث وجد الفرصة ملائمة لـ″التألق الاعلامي″ من خلال زيارات متلاحقة يقوم بها الى كل المراجع والقيادات السياسية والدينية، حيث يستغرب البعض قيامه بتوسيع مروحة اللقاءات مع قيادات لا علاقة لها بالعقدة السنية المكلف بحلها، على غرار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة الراعي، وغيرهم، ما يدفع البعض الى التساؤل ما الهدف من وراء هذا التكليف، وهذه اللقاءات، وهل يرتبط بطموحات سياسية معينة.
تتفاوت الآراء حول مصير العقدة السنية، بين التفاؤل والتشاؤم، حيث يرى البعض أن ولادة الحكومة لن تطول في ظل الجهود التي تبذل على أكثر من صعيد لا سيما من قبل باسيل، فيما يرى البعض الآخر أن ما يقوم به باسيل عبارة عن لعب في الوقت الضائع خصوصا أن الأزمة هي أبعد من عقدة سنية أو أي عقدة أخرى وهي تتعلق بالمنطقة ككل.
يتداول البعض بما نقل عن الوزير باسيل بأن الحكومة ستبصر النور قبل عيد الاستقلال، وإذا كان ذلك صحيحا، فهذا يعني أن باسيل يلتزم للمرة الأولى بموعد، بعدما أخفق الرئيس سعد الحريري في المواعيد التي أعطاها بدءا من الأيام العشرة، وصولا الى الأيام الثلاثة، فيما ترى بعض الأوساط أن إلتزام باسيل بموعد محدد يعتبر إعتداء على صلاحيات رئيس الحكومة حيث كان من المفترض بالوزير باسيل أن يضع الرئيس المكلف في أجوائه التفاؤلية، لكي يعلنها للبنانيين، لا أن يغتنم الفرصة ويشارك الحريري في عملية التأليف، أو أن يتولى هذا الأمر عنه.
ترجح بعض الأوساط إمكانية أن ينجح باسيل في مهمته، خصوصا أن ثمة من يحاول تلميع صورته، وإعطائه دورا أكبر من كونه رئيسا للتيار الوطني الحر، وإظهاره بأنه المرجع الصالح لحل عقد تشكيل الحكومة، سواء من خلال التركيز على زياراته، أو من خلال البناء على إستقبالاته اليومية، كما ترى الأوساط نفسها إمكانية أن تسعى قوى 8 آذار الى تسهيل مهمته في إيجاد صيغة ترضى عنها كل الأطراف وفق قاعدة لا غالب ولا مغلوب، لاعطائه مزيدا من المعنويات وتحضيره للمرحلة المقبلة، وذلك ربما في رد غير مباشر على رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية بعد مصالحته رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وهو أمر لا يروق لقوى 8 آذار التي تختلف مع جعجع إختلافا جوهريا وعقائديا وسياسيا.
علما أنه حتى ليل أمس كان أعضاء اللقاء التشاوري يصرون على رفضهم أي صيغة لا تعتمد توزير واحد من النواب الستة، وهو ما يرفضه الرئيس الحريري بشكل قاطع، فهل تثمر التدخلات مع اللقاء ويقبل بالصيغة التي يروج لها باسيل لجهة التفاهم على شخصية تشكل قاسما مشتركا بينهم وبين رئيس الجمهورية الذي كان إيجابيا معهم الى أقصى الحدود خلال اللقاء في قصر بعبدا، بحيث يظهر باسيل بطل عملية التأليف، أم أن الأمر ليس بهذه السهولة؟.
في هذا الاطار، تخشى مصادر سياسية أخرى من أن تكون العقدة الأساسية التي تحول دون تشكيل الحكومة خارجية، وأن ما يحصل هو مجرد عملية إلهاء للبنانيين، وأن تشكيل الحكومة مرتبط بما يحصل في العراق، أو بالعقوبات التي تفرض تباعا على إيران وعلى حزب الله الذي ربما لم يعد مستعجلا لتشكيل الحكومة، بانتظار تداعيات هذه العقوبات ونتائجها وتأثيرها محليا وإقليميا، ما يعني بحسب هذه المصادر أن الآفاق حاليا مسدودة، وأن الحكومة باقية في ثلاجة الانتظار الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.