لم يعد أمام المواطن اللبناني أي بصيص امل بأمكانية الإصلاح لمنظومة الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية بعدما أدخلت هذه الطبقة السياسية الحاكمة والفاسدة البلاد في نفق مظلم يستحيل معه حتى الحلم في تغيير الواقع المتردي والمزري الذي يعيشه، مع الإصرار على التمادي في غيها وظلمها لشرائح واسعة من الشعب انزلقت لما تحت خط الفقر وتعاني من شظف العيش واعباء الحياة المثقلة بانفلات حبل الأمن والارتفاع الجنوني لأسعار الضروريات من الغذاء والدواء والتعليم والاستشفاء فضلًا عن المسكن والملبس، وتكابد لسترة الحال، وحفظ ما تيسر لها من كرامة وعزة النفس التي تمتهن على أبواب الزعامات المفروضة وتضيع في قصور أصحاب المعالي ودور المرجعيات الدينية والسياسية والحزبية وتندثر في عوالم المحسوبيات والاستزلام والتبعية العمياء لأقزام بشرية فاقدة لكل معاني الإنسانية والأخلاق والفضيلة، وبالتالي فإن هذا المواطن الذي ضاقت به سبل الحياة الحرة والكريمة فإنه بات محكوما بأحد خيارين لا ثالث لهما.
إقرأ أيضًا: الوطن في الطريق إلى الموت
أما الاستسلام للواقع الضاغط الذي يعيشه والركون إلى الحاكم الظالم والاقتناع بالفتات الذي يناله من هذا الحاكم ويعيش حياة البؤس والخنوع والذل والهوان مسلوب الإرادة والحرية والكرامة وعزة النفس لا يتقن غير لغة التزلف والثناء والمديح لولي نعمة مفترض ليجود عليه بما تبقى من فضلاته ليقتات بها هو وأسرته لأبعاد شبح الجوع والموت عنهم لا يقو على الاعتراض على أمر ولا يخالف قولًا، ديدنه الطاعة الصماء لمن سرقه حق كفلته له الشرائع السماوية والقوانين الأرضية بالمأكل والمشرب والملبس والمسكن.
وأما الخيار الثاني فهو النهوض من الكبوة التي يغط فيها منذ عقود من الزمن، والانتفاض بوجه هذا الحاكم الجائر وإعلان العصيان ولو كان غير مدني، حتى ولو أدى ذلك إلى الثورة المسلحة لزعزعة عروش هؤلاء الطواغيت لأسقاطها على رؤوسهم طبقًا لقول الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري رضوان الله عليه "عجبت ممن لا يجد قوت عياله ولم يخرج شاهرًا سيفه"، وفي ذلك فإن باطن الأرض خير له من ظاهرها كمصداق لقول الله تعالى بنيل إحدى الحسنيين أما النصر أو الشهادة.