دخلت الأزمة الحكومية مرحلة جديدة من التعقيد، مع إصرار الأطراف السياسية على مواقفها، ولا سيّما بعد تأكيد الرئيس المكلف سعد الحريري أمس رفضه توزير النواب السُّنة المستقلين، ورغم أنه ترك الباب مفتوحاً أمام الحل من خلال عدم رفعه مستوى التصعيد إلى حيث كانت «تبشّر» وسائل إعلامه منذ خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم السبت الفائت. لكن النقطة السلبية في كلام الحريري ظهرت من خلال «سوء فهمه» (المتعمّد؟) لخطاب نصرالله، وتحديداً، حين قال الأمين العام لحزب الله «ما بتعرفونا»، في إشارة منه إلى وفاء الحزب لحلفائه، بينما أخذ الرئيس المكلّف هذه العبارة على محمل التهديد. ولا يتوقع من الحزب الذي تعامل بإيجابية مع مسار تأليف الحكومة، وسبق أن أصرّ طوال خمسة أشهر على عدم إحراج الحريري، أن يكون معنياً بالرد على خطاب رئيس تيار المستقبل، ولا على أخذ النقاش السياسي نحو التصعيد، معوّلاً على مسعى وزير الخارجية جبران باسيل. والأخير، استمر لليوم الثاني على التوالي بجولته على القوى السياسية، فزار أمس النائب السابق وليد جنبلاط، واكتفى بالقول بعد اللقاء: «صحيح أن النبرة كانت عالية، ولكن المضمون إيجابي في مسيرة تأليف الحكومة». إلّا أن مصادر للتيار الوطني الحرّ، مطلعة على جولة باسيل، قالت لـ«الأخبار» إن «السقوف عالية، ولكن الأبواب ليست مغلقة». وأكدت المصادر أن باسيل سيلتقي اليوم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبعدها سيلتقي البطريرك الماروني بشارة الراعي، إضافة إلى لقاءات أخرى بعيداً من الإعلام.
على المقلب الآخر، دخل الرئيس فؤاد السنيورة على خطّ التوتير، وعاد إلى نغمة الخطابات التوتيرية القديمة، رافعاً السقف ضد حزب الله، في محاولة أيضاً للتصويب على خلاف بين الحزب والرئيس ميشال عون، من خلفية التقارب بين عون والحريري في وجهات النظر. وفي حديث لتلفزيون «العربية» السعودي، قال السنيورة إن «تنازلات الحريري استغلها البعض لبسط سلطته وزيادة عنفوانه وتمدده في لبنان وسيطرته على الدولة، وبالتالي صار بحكم الأمر الواقع هناك دولتان ضمن دولة»، مضيفاً: «لم يعد بإمكان اللبنانيين أن يقبلوا بما يسمى وجود دولة داخل دولة». وقال إن «هذه الشروط المفتعلة الجديدة التي يتقدم بها حزب الله لإيقاف وتعطيل عملية تأليف الحكومة ليست فقط موجهة ضد الرئيس المكلف، بل أيضاً ضد رئيس الجمهورية».
من جهة ثانية، وفي سياق استمرارها بسياسة الضغوط والعقوبات على فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية واستهدافها حزب الله، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس تصنيف ابن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، جواد نصرالله، «إرهابياً عالمياً». ووصف بيان الوزارة نصرالله بأنه «القائد الصاعد» للحزب، مشيرةً إلى أنه خلال السنوات الأخيرة جنّد أشخاصاً لشنّ هجمات على إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة. كذلك أضافت الخارجية الأميركية تنظيم «كتائب المجاهدين في الأراضي الفلسطينية» إلى قائمة «المنظمات الإرهابية العالمية»، مدعية ارتباطه بحزب الله.
وجاء بيان الخارجية الأميركية بعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على أربعة أشخاص، قالت إنهم «مهمون لحزب الله في العراق ويساعدونه في نقل الأموال والحصول على الأسلحة والتواصل مع إيران»، وهم: شبل محسن، المعروف بحسب البيان باسم «عبيد الزيدي»، يوسف هاشم، عدنان كوثراني ومحمد فرحات. وادعت وزارة الخزانة أن الزيدي هو «المنسق الرئيسي بين حزب الله والحرس الثوري الإيراني»، وأنه مقرب من «مموّل حزب الله أدهم طباجة، ونسق عمليات تهريب النفط من إيران إلى سوريا»، وأنه يقوم بـ«إرسال مقاتلين عراقيين إلى سوريا بتكليف من الحرس الثوري». أمّا الأسماء الثلاثة الأخرى، فادعى بيان الخزانة أنهم «متورطون في جمع المعلومات الاستخبارية ونقل الأموال إلى حزب الله في العراق»!