تنقسم الانعكاسات لفوز الحزب الديمقراطي الأميركي بمجلس النواب في الإنتخابات النصفية الأخيرة على الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، والذي إحتفظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ، تنقسم إلى إثنين، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، هما:
أولاً، الإنزعاج الشخصي لترامب من هذا الفوز، لأن ذلك سيُستتبع بمحاولات من الديمقراطيين للمحاسبة والتدقيق في حساباته ومواقفه، ومحاسبته على كل ما قام به في السياستين الداخلية والخارجية. لكن فوز حزب الرئيس أي الجمهوريين في مجلس الشيوخ يعطي بعض التوازن، حيث لا يمكن عزل الرئيس لأن الأمر يحتاج إلى سلطتَي المجلسين، ولن يؤثرعليه إلا من باب الإزعاج.
وثانياً، في القانون، لأن كل قرار يحتاج إلى تشريع بات أصعب من السابق. انما أي موضوع يهم الشعب الأميركي ستكون هناك مصلحة عامة بأن لا تتم عرقلته، كما انه في حال عرضت امور لا تهم الكونغرس قد لا تسير. وإتخاذ القرارات الأميركية قائم على التوازن بين سلطة الرئيس وسلطة الكونغرس وبالتالي لن يتغير شيء مهم، إلا في التشريع. وفي التعيينات الإدارية فإن مجلس الشيوخ يؤيد الرئيس. وفي امور أخرى، ستشهد الولايات المتحدة تعاوناً بين المجلسين مع أن هناك خلافات على قضايا داخلية، مثل تراجع عدد البيض، وإنزعاج الأقليات. لكن لن يكون هناك خلافات في المواضيع الإستراتيجية، مثلاً المواجهة الكبرى للولايات المتحدة مع الصين، ومع آسيا. إذ ان الصين تقوم بإعداد نظام مالي مستقل، لا سيما نظام للتحويل خاص بها، لتستقل عن نظام "سويفت" العالمي. وهي وضعت هدفاً لسنة ٢٠٢٥ لتطور تكنولوجي ضخم يتفوق على التطور التكنولوجي الأميركي. وهو الأمر الذي يجعل الرئيس يمانع في إنتقال تكنولوجيين إلى خارج البلاد. فالحرب المقبلة هي حرب تكنولوجية مع الصين. ويفترض، بالتالي، أن يسير الحزبان الجمهوري والديمقراطي بها جنباً إلى جنب.
كل ذلك، يعني أن كل ما يحتاج إلى تشريع سيتشدد الكونغرس حياله. أما كل شيء يحتاج إلى قرار رئاسي فسيتم السير به وسيمارس الكونغرس أكبر قدر ممكن من الرقابة والنقاش، مع الإشارة إلى أن النتائج متقاربة بالنسبة إلى فوز الديمقراطيين في مجلس النواب، وخسارة الجمهوريين فيه. وتقارب النتائج ينطبق أيضاً على الربح والخسارة لدى مجلس الشيوخ.
بالنسبة إلى ملفات الشرق الأوسط، فإن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة أكثر المؤثرين، وهذا ما يؤدي إلى إرتياح إسرائيل مع حليفتها الدولة العظمى. والحزبان الجمهوري والديمقراطي اولويتهما إسرائيل وأمنها. انما إسرائيل تميل أكثر للجمهوريين لكن هناك حلف إستراتيجي تاريخي بين الطرفين، وليس من مشكلة على الإطلاق. وإسرائيل ترتب وضعها في الأساس، ليس فقط مع الولايات المتحدة، بل أيضاً مع روسيا. ولدى روسيا لوبي يهودي ضاغط أيضاً مع الإشارة إلى أن روسيا قوية عسكرياً، لكنها ليست كذلك على المستوى الإقتصادي.
الروس يهمهم مكافحة الإرهاب والتطرف والإسلاميين. والولايات المتحدة تركز على طريقة التعامل الفضلى مع طموحات آسيا والصين. الولايات المتحدة وروسيا متفقتان على أن أمن إسرائيل أولوية.
بالنسبة إلى سوريا، ليس من قرار أميركي واضح حيالها، بإستثناء رغبتها إخراج إيران وحلفائها منها. أي أن هذه المسألة تقاربها من موقفها حيال إيران وسلوكها. والعقوبات الأميركية لا تزال موجودة حيال سوريا. وواشنطن تؤيد الحل السياسي، في حين أن فرنسا ترفع اللهجة حيال الملف السوري أكثر من الولايات المتحدة، التي تنتظر الدستور الجديد والإستفتاء، من غير أن يكون محدداً ما سيحصل بعد ذلك، إذ أن سوريا ليست أولوية أميركية.
بالنسبة إلى إيران، وعلى الرغم من مقاربة الرئيس السابق باراك اوباما حيال إيران وملفها النووي والذي كان يعتبر أنه يفوق أولوية معالجة سلوكها ونفوذها في المنطقة، فإن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعتبران أن وضع إيران يجب ألا يبقى على ما هو عليه. فهي وحلفاؤها متهمون بالإرهاب من جانب الولايات المتحدة وتلحقهم كلهم عقوبات أميركية برضى الحزبين وتوقيعهما.