اندلعت حرب شوارع للمرة الأولى أمس في حي سكني في شرق الحديدة اليمنية بعدما تمكّنت القوات الموالية للحكومة من دخوله في خضم معارك عنيفة مع المتمردين، في المدينة التي تضم ميناء يشكّل شريان حياة لملايين السكان.
وفيما تمنى ميليشيا الحوثيين بخسائر فادحة حصل انشقاق داخل صفوفها.
فقد أعلن «وزير» الاعلام في حكومة المتمردين عبد السلام جابر انشقاقه عن الحوثيين، في مؤتمر صحافي في الرياض أمس، قائلا «شعبنا سيلتحم للخلاص من هذا الظلام»، داعيا إلى «الالتحاق بركب الشرعية»، في إشارة الى الحكومة المعترف بها دوليا.
وتزايدت خلال الأشهر الأخيرة موجة الانشقاقات عن الميليشيات الموالية لإيران، إلا أن جابر يعد أبرز مسؤول حوثي ينشق منذ الانقلاب على الشرعية عام 2014.
وعلى 3 محاور قتالية، تسعى قوات هادي إلى إحكام سيطرتها على الحديدة، بعدما تمكنت من الدخول إلى قلب المدينة والسيطرة على مناطقها الاستراتيجية.
وبحسب العقيد السابق في الجيش اليمني يحيى أبو حاتم، تقاتل القوات على المحور الرئيسي باتجاه شارع التسعين من الجهة الشمالية مستهدفة وصولها إلى نقطة الشام، فيما دفعت القوات بوحدات هندسة لنزع الألغام وتمهيد الطريق لمواصلة الهجوم.
وقال أبو حاتم إن الوصول إلى هذه النقطة، يعني أن المدينة أصبحت تحت الحصار الكامل لقوات المقاومة من كل الاتجاهات، فيما سيكون الميناء الاستراتيجي على بعد ما لايزيد عن 300 متر فقط.
ويشهد المحور الثاني العمليات العسكرية في الجبهة الغربية، حيث تمكنت قوات الشرعية من الوصول إلى البوابة الغربية لجامعة الحديدة فيما تتقدم إلى هيئة تطوير تهامة.
وأفادت مصادر ميدانية بوصول قوات المقاومة إلى محيط الجامعة وحي الربصا جنوب غربي الحديدة، فيما تراجع الحوثيون إلى بعض المباني، حيث يقومون بشن قصف مدفعي مكثف على مواقع المقاومة والأحياء السكنية بالمنطقة.
وذكرت المصادر أن مواجهات شرسة تجري منذ ساعات في هذه المناطق وسط غارات مكثفة لمقاتلات التحالف العربي.
وتمثل السيطرة على هذه المنطقة التفافا ميدانيا ناجحا من الجهة الغربية على مطار الحديدة، كما يعني استعادة منطقة في غاية الأهمية وتضم مستشفى الثورة العام، ومنزل الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
ويضم المحور الثالث شارع صنعاء وصولا إلى سيتي ماكس، حيث تتقدم قوات هادي للسيطرة إلى المربع الذي يحتضن مدرسة القتال ومعسكرات الدفاع الساحلية.
وقالت منسّقة عمليات منظمة «سيف ذي تشيلدرن» في مدينة الحديدة مريم الدوغاني في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس إن «القتال مستمر، والوضع صعب جدا. هناك خوف كبير بين السكان».
وقتل في هذه المعارك 443 مقاتلا من الطرفين غالبيتهم من المتمردين، بينهم 43 حوثيا و18 جنديا في القوات الموالية للحكومة لقوا مصرعهم في الساعات ال24 الأخيرة، بحسب مصادر طبية وعسكرية.
وقال مسؤولون عسكريون في القوات الموالية للحكومة أمس، إن هذه القوات عملت على «تطهير» المناطق السكنية التي دخلتها في شرق المدينة من المتمردين الحوثيين.
وهذه المرة الاولى التي تندلع فيها معارك في حي سكني في مدينة الحديدة منذ بداية العملية العسكرية على ساحل البحر الاحمر.
ويقع حي 22 مايو السكني جنوب مستشفى «22 مايو»، الأكبر في المدينة والذي سيطرت عليه القوات الموالية للحكومة أمس الاول، وشمال طريق سريع رئيسي يربط وسط المدينة الساحلية بالعاصمة صنعاء.
وفي الحي سوق كبير للخضار والفواكه تسعى القوات الحكومية للسيطرة عليه.
كما أنّه يقع على مقربة من حي آخر يطلق عليه اسم «سبعة يوليو» ويمثّل معقل المتمردين الرئيسي في المدينة.
وفي جنوب غرب المدينة، اشتدّت مساء امس المعارك مع سعي القوات الحكومية للتقدم على الطريق الساحلي شمالا باتجاه الميناء، حسبما أفاد المسؤولون العسكريون.
وبحسب المسؤولين، فإن المتمردين يستخدمون القناصة ويعتمدون على الألغام وعلى القصف المكثّف بقذائف الهاون لوقف تقدم القوات المهاجمة.
وقال سكان لفرانس برس ان الحوثيين يستخدمون أيضا المدفعية.
وعبر ميناء الحديدة تمر غالبية المساعدات والمواد الغذائية التي يعتمد عليها ملايين السكان للبقاء على قيد الحياة في بلد يواجه نحو نصفه سكانه (27 مليون نسمة) خطر المجاعة، وفقا للامم المتحدة.
لكن رغم الهجوم، لا يزال الميناء الخاضع لسيطرة المتمردين الحوثيين يعمل «بشكل طبيعي»، بحسب نائب مديره يحيى شرف الدين.
وقال المسؤول لوكالة فرانس برس في اتصال هاتفي «الميناء مفتوح حتى الآن، الجميع هنا ونحن نعمل بشكل طبيعي».
وأبدت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه السبت غضبها إزاء «الخسائر غير المعقولة» نتيجة تصاعد الأعمال القتالية في الحديدة والتي استهدفت سكانا «خائفين للغاية من الجوع» في اليمن.
وعلى وقع التصعيد في الحديدة، أعلن التحالف الذي تقوده الرياض ليل الجمعة السبت أنه طلب من الولايات المتحدة وقف عمليات تزويد طائراته بالوقود في الجو، مؤكدا أنه بات قادرا على تأمين ذلك بنفسه.
وأمس، أكّد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني المهلة الجديدة لعقد المفاوضات.
وقال حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» ان حكومته ملتزمة «بدعم جهود المبعوث الأممي (...) لعقد دورة المشاورات القادمة قبل نهاية العام الحالي».
الى ذلك، كشف وزير الإعلام المنشق عن حكومة الانقلابيين غير المعترف بها دوليا، عبد السلام جابر، أن ميليشيا الحوثي تعيش النفس الأخير، مشيرا إلى احتقان وغضب واسع لدى اليمنيين الذي يعيشون في مناطق سيطرة هذه الميليشيا.
وقال جابر في مؤتمر صحفي من العاصمة السعودية الرياض التي وصل إليها بعد انشقاقه:» أشعر بسعادة غامرة وأنا ألتحم مع القوى الوطنية بعد مضي 4 أعوام من الحصار والوقوع تحت الهيمنة في صنعاء».
وعبر جابر عن شكره للحكومة الشرعية «على اهتمامها وما بذلته في تأمين وصولنا من صنعاء إلى عدن ومنها إلى الرياض».
وقال إن وجوده في الرياض يفتح له آفاقا أوسع «للعمل في إطار إعادة الشرعية إلى الوطن الذي تعرض لنكبة فاقت قدرتنا على الاحتمال لما تمارسه ميليشيات الحوثي».
وكشف جابر أن الانقلابيين «رغم هيمنتهم وفرض القبضة الأمنية المطلقة داخل المدن التي يسيطرون عليها، فإن شعبنا هو في حالة احتقان ويرفض هذا الوجود وهذه الهيمنة ويتحين الفرصة المناسبة للخروج على هذه الجماعات».
وأوضح أن «الانقلابيين صاروا في النفس الأخير، لكن النزاع الأخير دائما ما يكون أقوى من البدايات».
ولفت جابر خلال المؤتمر الصحفي إلى ما وصفه بـ»مؤشرات جيدة .. من العمق الذي يسيطر عليه الانقلابيون»، قائلا:» هناك أصوات ستعود إلى جانب الجيش الوطني والتحالف في الفترة المقبلة».
ودعا الوزير المنشق عن الانقلابيين، القوى الوطنية في صنعاء من أجل التحرك الجاد لمواجهة هذه الميليشيا.
وأقر جابر بأنه كان أحد واضعي سياسات التضليل خلال الفترة التي أجبر فيها على العمل داخل أوساط الانقلابيين، قائلا إنها «حكومة لا تمت بصلة لتاريخ وأصالة الشعب اليمني ولا تمتلك أي شرعية».
وأكد أن السلطات في صنعاء تركزت في أيدي «مجاميع لديهم مشروع آخر لا يشبهنا في اليمن ولا يتصل بتاريخنا»، لافتا إلى أن اليمنيين لا يقبلون بالضيم ومشاريع الهيمنة الخارجية، معبرا عن أمله في ان يكون «الخلاص قريبا».
وكان نائب وزير التعليم في حكومة الانقلاب عبد الله الحامدي، قد انشق في تشرين الاول الماضي، مؤكدا أن الميليشيات «دمرت العملية التعليمية في اليمن، وعملت على شرعنة الجهل والعنف والتخلف».
وإلى جانب الحامدي، انشق عدد كبير من المسؤولين العسكريين والمدنيين عن حكومة الانقلاب، وقالوا إن الأمر جاء بعد أن طفح الكيل من ممارسة الميليشيات.
(أ ف ب - رويترز - سكاي نيوز)