النقطة التي تتجه الأنظار إليها، بعد منتدى باريس للسلام، غداً والذي يُشارك فيه الرئيس المكلف سعد الحريري، سواء التقى الرئيس عمانويل ماكرون أم لا، هي ما يمكن ان يعود به إلى بيروت، لمعاودة البحث في مسألة توزير أحد النواب السنة الستة، المحسوبين على 8 آذار، وسط مسالك، ما تزال مسدودة، بعد الإجابات القاطعة والاسئلة التي طرحها الرئيس ميشال عون على أعضاء اللقاء، الذين استقبلهم، في موعد تقرر في اليوم نفسه، ولم يكن مدرجاً على جدول الأعمال.. وإن ربطته مصادر على اطلاع باستباق إطلالة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بعد ظهر اليوم في مناسبة «يوم الشهيد» ليبنى على الشيء مقتضاه..
في المعلومات، ان الرئيس عون بعدما استمع إلى النائب عبد الرحيم مراد، ونواب آخرين، سأل المجتمعين: عندما جئتم إلى الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف، جئتم مع كتلكم الأساسية، التي فزتم بالانتخابات على أساسها، أم ككتلة مستقلة؟ فكان الجواب: اننا جئنا مع كتلنا: التنمية والتحرير، والوفاء للمقاومة، وكتلة التكتل الوطني..
ثم استطرد الرئيس قائلاً: بالنسبة للنائب طلال أرسلان: الوضع مختلف، فهو ترأس لائحة في انتخابات الجبل، وفاز مع عدد من أعضائها المرشحين، الذين أصبحوا نواباً، وشكل كتلة قرار الجبل، وشاركت في الاستشارات الملزمة على هذا الأساس، فكان له الحق ان يتمثل بالوزارة الجديدة..
الحريري آت
وبحسب المعلومات شبه المؤكدة، فإن الرئيس الحريري سيعود إلى بيروت مساء الأحد، لكي يتمكن من المشاركة في أعمال الجلسة التشريعية التي ستنعقد يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، لا سيما وانه على جدول أعمالها مشاريع قوانين لها علاقة بمقررات مؤتمر «سيدر».
وبطبيعة الحال، فإن عودة الحريري، بحسب ما هو متوقع، ستعيد الحرارة إلى ملف تشكيل الحكومة، الذي شهد في الأسبوعين الماضيين، جموداً وشللاً، بسبب طرح ما سمي «بالعقدة السنية» والتي هي عبارة عن مطلب النواب السنة الستة من حلفاء حزب الله بتمثيلهم في الحكومة بواحد منهم، وهو ما اعتبره الحريري انه بمثابة «تنفيذ أمر عمليات يخرق التمثيل الوزاري للرئيس المكلف، وإدخال وديعة من الودائع السنية السورية أو الإيرانية إلى طاولة مجلس الوزراء»، بحسب ما اورد تلفزيون «المستقبل» في مقدمة نشرته المسائية، مشيراً إلى ان هؤلاء النواب، الذين زاروا رئيس الجمهورية ميشال عون في نقلة نوعية جديدة لتحركهم، لا يملكون من قوة القرار سوى القوة التي تقف وراءهم وترعى تعطيل المسار الحكومي، في إشارة إلى حزب الله.
وقال ان هؤلاء يستقوون على التأليف بسلاح الآخرين وليس باسلحة من يمثلون، واصفاً إياهم «بحجارة شطرنج».
وأكدت المحطة ان الرئيس المكلف لن يتراجع في هذا الشأن عن موقفه المعلن، ولن يسلم تحت أي ظرف من الظروف بوجود أي وديعة للمخابرات السورية على طاولة مجلس الوزراء، وهو لن يكلف نفسه الذهاب إلى حكومة تتسلل إليها ودائع اللواء علي المملوك وحملة الشهادات العليا بالتسويق والتنظير للسياسات السفلى للنظام السوري وفضائل مشاركة محور الممانعة بالحروب الأهلية العربية.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس الحريري سيغتنم فرصة وجوده في منتدى السلام في العاصمة الفرنسية لمناسبة مئوية الحرب العالمية الأولى، لاجراء مشاورات مع العديد من قادة الدول لشرح الوضع في لبنان وموقف النأي بالنفس عن الأزمات الخارجية وحروب الإقليم، وسيشارك الحريري غداء سيقيمه اليوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في مقر الخارجية الفرنسية «الكي دورسيه»، تكريماً للوفود المشاركة في منتدى باريس للسلام، على ان يكون حفل الغداء غداً الأحد في قصر الاليزيه.
وعشية المواقف التي سيعلنها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في اطلالته بعد ظهر اليوم، لمناسبة «يوم الشهيد» والتي يفترض ان تضيء على مصير مشهد الأزمة الحكومية المستجدة سلباً، أو إيجاباً، أعلن الوزير باسيل، في عشاء هيئة الصيادلة في «التيار الوطني الحر» «أننا بدأنا العمل لايجاد حل للعقدة السنية-الشيعية والحل يبدأ بالعودة الى المعايير والى مبدأ عدم احتكار الطوائف والمذاهب والاخذ بالاعتبار الكتل الفعلية وطريقة تمثيلها».
وشدد على أنه «ولو اننا غير معنيين بحل العقدة السنية-الشيعية لكننا معنيون بالمساهمة في الحل»، مضيفا: «لا تقلقوا على الحكومة لأنها ستولد لكن اقلقوا على الوقت الذي نخسره»، مؤكدا أنه «يجب ان تكون الحكومة مرتكزة على معايير العدالة حتى تتمكن من الانجاز وليس هناك ما يستعصي على الحل».
لا مبادرة
واستبعدت مصادر مطلعة احتمال ان يطرح السيّد نصر الله اليوم مبادرة تتصل بحلحلة «العقدة السنية»، تبعاً للتأكيدات الجديدة للحزب بأنه يدعم مطلب النواب السنة المستقلين في ان يتمثلوا في الحكومة، لكنه ليس الجهة التي تقرر عنهم.
وسيحرص السيّد نصر الله، بحسب ما توقعت مصادر حزبية، على نفي ما يقال بأن الحزب يستخدم هؤلاء النواب لتعطيل تشكيل الحكومة، أو ان يكون وراء مواقف الحزب أي أجندة إيرانية، تتصل بالعقوبات الأميركية على إيران، كما سيؤكد على ان «العقدة السنية»، ليست مشكلة سنية - شيعية، بل هو مطلب حق لكتلة نيابية، بأن تتمثل في الحكومة وفق المعايير الموضوعة، ونتائج الانتخابات النيابية، وان الحزب سيبقى خلف هؤلاء في ما يقررونه ويوافقون عليه، لكنه لأي لا يقرّر عنهم في ماذا يفعلون، لأنه ليس الجهة المخولة بالتفاوض عنهم، وسيعيد التأكيد أيضاً على ان الكرة في ملعب رئيس الحكومة المكلف، وبإمكانه ان يحل الأزمة في خمس دقائق إذا وافق على تمثيل النواب السنة الستة.
وبهذا المعنى، فإن إطلالة السيّد نصر الله في ما خص الأزمة الحكومية، لن تقدّم جديداً، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية، على اعتبار ان المرحلة ليست مرحلة طرح مبادرات، طالما ان مبررات افتعال العقدة السنية، في الشكل الذي طرحت فيه، لم تصل إلى أهدافها بعد، وما تزال في مراحلها الأولى، الأمر الذي يؤشر إلى ان الأزمة ستبقى مفتوحة إلى ان يظهر الخيط الأبيض من الأسود.
وكانت محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» قد نقلت أمس، عن مصادر مقربة من «حزب الله» تأكيدها بأن «لا مبادرة جديدة أو طرح جديد بالنسبة لتشكيل الحكومة»، مشيرة إلى ان السيّد نصر الله سيكرر في اطلالته اليوم دعم تمثيل النواب السنة المستقلين، وسيؤكد بأن الحزب ليس الجهة الصالحة للتفاوض، وانه يقبل ما يقبل به هؤلاء النواب.
وكشفت بأن طرح توزير شخصية سنية كحل وسط من خارج سنة 8 آذار وقريبة منهم في الوقت نفسه، جدي، لكن النواب الستة يرفضون ذلك، بدعم من «حزب الله»، كما انه طرح توزير سني مستقل من حصة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، على غرار ما فعله في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في العام 2010، لكن برّي رفض.
المبادرة الروسية
وبالنسبة للمعلومات عن احتمال طرح مبادرة روسية لإيجاد مخرج يكفل ولادة الحكومة، وفق ما نقل عن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف خلال لقائه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط من ان موسكو حاضرة للمساعدة في تذليل العقد الحكومية، نقلت المحطة نفسها عن مصادر وصفتها «بالمعنية» بأن كلمة مبادرة كلمة كبيرة بالنسبة للجهود الروسية، موضحة بأن «المبادرة الروسية هي للسؤال عن الحكومة والاستفسار عن المساعي الجارية والحث على الإسراع بالتأليف»، مؤكدة ان «روسيا مهتمة بالوضع الداخلي اللبناني، وهي تعتقد ان لبنان بحاجة لتأليف حكومة بأسرع وقت».
الا ان المصادر كشفت عن احتمال زيارة بوغدانوف إلى لبنان في الأسابيع المقبلة، وان هذه الزيارة يمكن ان تساعد في تقديم حلول، من دون ان يكون ذلك تدخلاً في شؤون لبنان الداخلية، أو على صعيد عقدة معينة.
بخاري
وحضر موضوع الحكومة في اللقاء الذي جمع القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد بخاري مع وزير الإعلام ملحم رياشي في مكتبه في الوزارة، كما حضر في كلمة الدبلوماسي السعودي امام وفد موسع من رؤساء الجمعيات والروابط الأهلية في بيروت، الذي زار السفارة السعودية متضامناً ومستنكراً الحملة الإعلامية التي تتعرض لها المملكة من بعض وسائل الإعلام، عندما اعرب عن أمله امام الوفد بأن تتكلل جهود الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة، مؤكداً ان المملكة ستكون إلى جانب الشقيق على الدوام.
وقال ان «الشعب اللبناني شعب أصيل، والمملكة دائماً تسعى لاستقرار لبنان، وان العلاقات الراسخة بين البلدين والممتدة منذ أكثر من مائة عام، هي علاقات تاريخية مميزة، وتتعزز باستمرار لأنها علاقات اخوة ونسب، ولن تؤثر فيها حملات إعلامية رخيصة».
سنة 8 آذار في بعبدا
إلى ذلك، اوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونواب السنة المستقلين امس كان مريحا تخلله كلام صريح وتبادل لوجهات النظر.
وافادت ان الرئيس عون شرح موقفه وعارضا لواقع الاستشارات النيابية التي شارك فيها هؤلاء النواب وكيفية توزيعهم من ضمن الكتل التي ينتمون اليها وليس ككتلة واحدة.
ولفتت الى ان الوفد بدوره اعاد مطلبه بتمثيل احد النواب الستة في الحكومة انطلاقا من نسبية التمثيل وما افرزته الإنتخابات النيابية.
وعلم ان الرئيس عون اشار للوفد الى انه سيرى كيفية درس الوضع في ضوء المعطيات التي تكونت لديه وما يمكن القيام به على أن يتشاور مع الرئيس المكلف سعد الحريري في ما سمعه من الوفد ومعلوم ان المشكلة ليست عند رئيس الجمهورية.
وافادت المصادر ان اللقاء بين عون والوفد اعاد وصل ما كان مقطوعا، واوضحت ان موقف الرئيس عون لا يزال على حاله لجهة موضوع توزيع التمثيل وليس موضوع التوزير. ورأت انه في ما خص الافكار التي تطرح للمعالجة المتصلة بعقدة تمثيل السنة المستقلين افكار يسمعها الرئيس عون.
وبالنسبة إلى كتلة «ضمانة الجبل» برئاسة النائب طلال أرسلان، والتي أثارها الوفد، على اعتبار ان النواب الثلاثة الآخرين إلى جانب أرسلان هم من «التيار الوطني الحر»، قالت المصادر ان وضع هذه الكتلة يختلف، لأنها انشئت بعد الانتخابات النيابية، وحتى ما قبلها عند التحالف، وأتت إلى الاستشارات بكامل أعضائها، مشيرة إلى ان القصر الجمهوري ليس هو الجهة التي تضع توزيع الكتل بل مجلس النواب.
اما مصادر وفد «اللقاء التشاوري» بحسب ما يجب ان يُطلق على نفسه، فقد أكدت ان الاجتماع مع الرئيس عون «فتح نافذة في جدار الأزمة»، وان الرئيس عون «رئيس متفهم وطيب».
وفي المعلومات، ان الرئيس عون استجاب فوراً لطلب النواب الستة لزيارته، وحدد لهم موعداً للقاء به عند الثالثة من بعد الظهر، من دون ان يكون أحد على علم، واستقبلهم لمدة تزيد عن نصف ساعة، ووصفت مصادرهم اللقاء بأنه «ودي وايجابي»، وان الرئيس كان لطيفاً في الاستماع إلى وجهة نظرنا التفصيلية.
وقالت مصار اللقاء ان النواب الستة: عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي والوليد سكرية وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم توالوا على الكلام كل بمفرده شارحا اسباب المطالبة بتمثيلهم في الحكومة، لا سيما لجهة نتائج الانتخابات ولجهة قول الرئيس عون انه مع تشكيل حكومة جامعة وميثاقية وتعكس نتائج الانتخابات، واكدوا حرصهم على تشكيل الحكومة وانهم لا يريدون التصعيد بوجه احد، وليسوا هم المعرقل امام تشكيلها بل عناد الرئيس المكلف برفض حتى مجرد الاستماع الى وجهة نظرهم.
واوضحت المصادر ان الرئيس كان مستمعا بشكل جيد، ومتفهم لموقف النواب ولم يقفل الابواب امام الحوار، وتمنى على النواب اعتماد الخطاب الهاديء، وقال: انه سيفكر في الموضوع، واعطونا مجالاً لنرى ماذا سنفعل، وان شاء الله خير.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس عون اكد انه سيتواصل مع الرئيس الحريري من اجل البحث في الموضوع وقد يكلف الوزير جبران باسيل تولي هذا التواصل. كما عُلم ان لقاءات الوفد ستتوالى مع كل المعنيين والفعاليات السياسية والدينية، وقد يكون اللقاء المقبل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي بعد عودة النائب مراد من رحلة قصيرة الى الخارج يبدأها غدا الاحد تستمر اياما قليلة.
وقال النائب مراد بعد اللقاء مع عون: «نحن نمثل 6 نواب وحصلنا على 30% من أصوات السنة وعندما يقول الرئيس المكلف لن أسمي أحدا من خارج تيار المستقبل فهذا يتعارض مع ما تم العمل عليه سابقًا»، مضيفا «الرئيس عون دعا الى التعاطي بهدوء ونحن نحاول ان نوضح وجهة نظرنا لكل القوى التي نلتقيها». واشار الى «اننا طرحنا حلًّا يقضي بأن يتمثّل أحد من النواب الستّة ولا حل آخر غيره والمخرج يجب ان يكون عند الرئيس الحريري»، متمنيا «ان تتشكل حكومة بأسرع وقت ولا يجوز أن نكون الضحية والرئيس وعد خيرًا».
اما النائب سكرية فقال «نحن نُمثّل خطًّا معيّنًا ضمن الطائفة السنّيّة ووصلنا إلى المجلس النيابي لنُعبّر عن ناخبينا السُّنّة وتحالفنا لنُعبّر عن هذا النهج ومتمسّكون به ومتمسّكون بأن يكون أحدٌ من النواب الستة وزيرًا ويُمثّل هذا النهج».
الادعاءات الإسرائيلية
وقبل ان تغادر المنسقفة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل كارديل بيروت إلى نيويورك لتقديم تقريرها حول مراحل تنفيذ القرار 1701 امام مجلس الأمن، في إطار الاحاطة الدورية، زارت قصر بعبدا، حيث أكّد لها الرئيس عون ان الادعاءات الإسرائيلية من وجود مصانع أسلحة ومخابئ سرية في عدد من الأماكن اللبنانية لا أساس لها من الصحة، وان أركان السلك الدبلوماسي المعتمدين في لبنان رافقوا وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في جولته تأكدوا خلالها من عدم صحة هذه الادعاءات، كذلك فإن قيادة «اليونيفل» نفت ان تكون هناك اسلحة في مناطق وجود منظمة الاخضر بلا حدود، ولفتها الى ان لبنان ملتزم المحافظة على الاستقرار على طول الحدود وتطبيق القرار 1701، في وقت تواصل فيه إسرائيل انتهاك السيادة اللبنانية في البر والبحر والجو غير آبهة بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة. وجدّد عون التأكيد على موقف لبنان الداعي الى عودة النازحين السوريين الى بلادهم، داعياً المجتمع الدولي الى المساعدة على تأمين هذه العودة.
وأعربت السيدة كارديل بدورها عن ارتياح الأمم المتحدة للتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية والخطوات التي تتخذ لتعزيز قدرات الجيش وتمكينه من القيام بدوره كاملاً. كما أعربت عن التقدير للرعاية التي يقدمها لبنان للنازحين السوريين على ارضه.