كلمةُ حقٍّ تُقال، كانت حلقة الإعلامي مارسال غانم "صار الوقت" بالأمس مع النائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل مُميّزة وهادفة ورائدة. ظهر فيها النائب الشّاب كرجُل دولةٍ واعد، ينبض خطابه بالوطنية والصدق والشفافية والمسؤولية السياسية والأخلاقية، مع رُؤىً مستقبلية لبناء وطنٍ يحفظ كرامة أبنائه، ويُجذّرهُم في أرضهم، ويوقف نزيف هجرتهم ويمنع سقوطاً مُريعاً للنظام، وتهديداتٍ جدّية للكيان.
حزب الكتائب الذي طالما كان حزب الدولة والداعم الأول لرئيس الجمهورية قبل اندلاع الحرب الأهلية-الإقليمية. الحزب الذي أسّس القوات اللبنانية وقادها أثناء تلك الحرب التي استعرت لأكثر من خمسة عشر عاماً، وخرج منها بشهادة زعيمين تاريخيّين: الرئيس بشير الجميل وبيار أمين الجميل، هذا الحزب يجد نفسه اليوم في موقع المعارضة، لا بل ينفرد بريادتها، بعد تقدُّم التيار الوطني الحرّ في الوسط المسيحي، قبل أن تتقدّم القوات اللبنانية لتُزاحمه وتُشاركه النفوذ، الحزب برئاسة سامي الجميل الذي اختار عدم الالتحاق بالتسوية الرئاسية التي أفضت لوصول الجنرال عون إلى سدّة الرئاسة الأولى، وأعادت الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة، خيارٌ صعبٌ كلّف الحزب عُزلة قاسية في وسطه المسيحي، لتتكشّف اليوم مساوئ جمّة نتجت عن هذه التسوية، وأوصلت البلد إلى مأزق حقيقي على كافّة الصُّعُد، وانسدادٍ مُريع في الحياة السياسية (لعلّ أبرز تجلّياتها العجز عن تأليف حكومة جديدة)، ورهن البلد بأكمله لإرادة حزب الله المرهونة بدورها للصراعات الإقليمية ذات الأبعاد الدولية.
سامي الجميل أطلق بالأمس صيحات حقّ ودعوات صدق وتحذيرات هادفة لقيام دولة السيادة والاستقامة والشفافية، وفي ظلّ دولة الفساد والمحاصصة ونهب المال العام لا بُدّ من بلورة معارضة حقيقية ونشطة وصادقة، معارضة وطنية لا طائفية ولا فئوية ولا حزبية مستعدة لبذل التضحيات والبدء برحلة البذل والعطاء لخلاص البلد من شرنقة الفساد والمحاصصة، تمهيداً لطرح معضلات السيادة والاستقلال ونزع السلاح غير الشرعي على طاولة حوارٍ جادّ ومنتج ومسؤول. أمانٍ وتطلُّعات لا يملك رئيس الكتائب اليوم سوى تبنّيها واعتناقها والعمل على تحقيقها، وعسى ولعل.
عن الإمام علي بن أبي طالب (ع): لئن انتصر الباطلُ فقديماً فعل، ولئن انتصر الحقُّ، فعسى ولعلّ.