تترقّب الأوساط السياسية على اختلافها محطتين ستشهدهما عطلة نهاية الاسبوع، وسيكون لهما تداعياتهما على مصير الاستحقاق الحكومي: المحطة الاولى، عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من باريس، ليتابع مشاوراته لتذليل ما بقي من عِقد تعوق ولادة حكومته، ولا سيما منها عقدة تمثيل "النواب السنّة المستقلّين"، الذين يرفض حتى الآن تمثيلهم. والمحطة الثانية، المواقف التي سيُعلنها الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله من هذا الموضوع، خصوصاً وانّه كان قد تناوله في خطابه الأخير، مشدداً على وجوب تمثيل هؤلاء النواب في الحكومة.
علمت "الجمهورية"، انّ "حزب الله" أبلغ الى المعنيين الذين راجعوه في شأن تأييده تمثيل النواب السنّة المستقلّين في الحكومة، انّ لهؤلاء أحقية بهذا التمثيل، لما يتمتعون به من حيثية شعبية أظهرتها نتائج الانتخابات. ونصح الحزب المعنيين، بوجوب أن يستمعوا الى هؤلاء النواب، وانّه يقبل بأي نتيجة يتوصلون اليها معهم، سواء كان تمثيلهم بوزير يُختار من بينهم او من خارجهم، او تخلي هؤلاء عن مطلبهم التمثيلي.
وحتى الآن، لم يظهر أنّ الحريري في وارد تمثيل هؤلاء او حتى الاجتماع بهم، في حين أبدت رئاسة الجمهورية ليونة في الموقف، من دون ان تؤيّد تمثيلهم بوزير. ولكن، علمت "الجمهورية" انّ الوزير جبران باسيل قدّم تصوراً لحل هذه العقدة، وهو يعمل على تسويقه، ويعقد اجتماعات بعيداً عن الأضواء لهذه الغاية، ويطرح فيها توزير شخصية من البقاع الغربي تمثل هؤلاء النواب، مستبعداً خياري توزير أحد النائبين جهاد الصمد وفيصل كرامي المنتمين الى "التكتل الوطني" بزعامة رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية.
وفي معلومات لـ"الجمهورية"، انّ حركة اتصالات نشطت في الساعات المنصرمة ونتجت من مساعٍ جهات رسمية، وكان محورها عين التينة - حارة حريك- بعبدا، وتبعتها زيارة نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي الى عين التينة، حيث كان لافتاً الموقف الذي أعلنه عقب لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وناشد فيه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، التحرّك للمساهمة في حلّ العقدة الحكومية.
وعلمت "الجمهورية"، انّ وفداً من "اللقاء التشاوري" للنواب السنّة الستة المستقلّين، قد يزور بعبدا في وقت قريب، بعد زيارته أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، وهو ما وصفته جهات مواكبة للتأليف، بأنّه يشكّل خطوة قد تمهّد لمخرج من الأزمة الحالية، خصوصاً انّ الخطوة تأتي قبل الكلمة المرتقبة للسيد نصرالله غداً السبت، والتي من المتوقع، إذا ما أثمرت الجهود المبذولة، ان تَرد فيها إشارات إيجابية في اتجاه الحلحلة.
وأكّد المفتي دريان خلال لقائه الوفد، انّ أبواب دار الفتوى "مفتوحة لجميع اللبنانيين ولا تفرّق بينهم، بل تعزّز وحدتهم وتضامنهم". وتمنّى على الجميع "بذل أقصى ما لديهم لتسهيل ولادة الحكومة". كذلك دعا "الى التكامل في العمل بين من هم داخل الحكومة ومن هم في المجلس النيابي" .
وكانت مصادر "اللقاء التشاوري السنّي" كشفت أمس، أنّ أركانه طلبوا أمس موعداً للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وانّهم ينتظرون الرد. كذلك لدى "اللقاء" النيّة لزيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لكنه لم يطلب موعداً من بكركي بعد. وأشارت المصادر، الى أنّ الهدف من تحرّك "اللقاء" هذا، هو شرح وجهة نظره بعدما سمع مواقف الاطراف، وقالت: "إنّ أركان اللقاء ثابتون على موقفهم، لكنهم يودون ان يشرحوا لمن سيلتقونهم وجهة نظرهم وأسباب مطالبتهم بأن يتمثلوا بوزير في الحكومة".
"حركة بلا بركة"
في المقابل، قالت مصادر تيّار "المستقبل" لـ"الجمهورية" إنّ "كل الحركة التي يقوم بها النواب السُنّة الستة هي بلا بركة، ولن تدفع أياً كان لأن يكون "شاهد زور" على البدعة التي يتمترسون خلفها بتوجيه من "حزب الله"، وخير شاهد على ذلك، موقف رئيس الجمهورية ميشال عون المنسجم مع موقف الرئيس المكلّف برفض بدعة تمثيلهم، ورسالة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى "حزب الله" لحضّه على تسهيل التأليف".
وأكّدت المصادر نفسها، "أنّ عنوان التعطيل بات معروفاً وهو "حزب الله"، والكرة اليوم هي في ملعبه للعودة عن هذه البدعة التي لن تمرّ، لا على رئيس الجمهورية، ولا على الرئيس المكلّف، مهما اشتد الضغط السياسي ومحاولات الابتزاز بعامل الوقت".
المشنوق
ومن دار الفتوى أيضاً، أعلن الوزير نهاد المشنوق "أنّ الحريري لن يعتذر وسيؤلّف الحكومة، ولا نحن نقبل ولا هو في وارد الإعتذار على الإطلاق، هو مكلّف وهذا حقّه في الدستور، وسيشكّل الحكومة خلال أيام أو أسابيع، وحكومات كثيرة أخذت أشهراً طويلة في ظروف أفضل". معتبراً "انّ النواب "السنّة المستقلّين" طالبوا من خلال استعمال الباب الخطأ، ودخلوا من خلال طرف سياسي ليس مناسباً لتسمية واحد منهم". وقال: "إنّها مسألة أيام ويعود الرئيس المكلّف، وتعود الاتصالات بين جميع الأفرقاء لمحاولة إيجاد مخرج للحل"، معتبراً "أنّ الاهم هو الحوار الهادئ للوصول الى تأليف الحكومة التي ستؤلف بالمعايير الوطنية التي يراها الحريري".
نصرالله
وفيما تترقب الاوساط السياسية كلمة السيد نصرالله لمناسبة "يوم الشهيد"، وهل سيقدّم أي مبادرة للحل أم انّه سيمضي قدماً في تشدّده في الموقف المتمسّك بتميثل النواب السنّة المستقلين في الحكومة، رسمت مواقف نائبه الشيخ نعيم قاسم الصورة خير تمثيل، إذ اكّد قاسم "انّ الكرة في ملعب رئيس الحكومة، وفي استطاعته أن يدوِّر الزوايا وأن يصل إلى حل معقول ومناسب، وأن يتمثل "اللقاء التشاوري" بحسب مطلبه". وأضاف:"فهمنا من اللحظة الأولى، أنّه توجد قاعدة ومعيار، على أساسهما ستُشكّل الحكومة، القاعدة أنّ تكون الحكومة حكومة وحدة وطنية، والمعيار أن تُراعى نتائج الانتخابات وتأخذ القوى بحسب أوزانها التي حصلت عليها من خلال الانتخابات النيابية. أما حكومة الوحدة الوطنية، فتعني ضمّ جميع القوى ذات الحيثية الشعبية إليها، وقد ذكّرنا الرئيس الحريري مراراً، بضرورة التعاطي بجدّية مع مطلب تمثيل النواب السنّة المستقلّين، لما لهم من حيثية شعبية، ولهم الحق في ذلك، وهم اختاروا إطاراً سمّوه "اللقاء التشاوري"، وضمّ ستة نواب ليعبّروا عن حالتهم الشعبية والسياسية".
"الوفاء للمقاومة"
من جهتها، شدّدت كتلة "الوفاء للمقاومة" على انّ تمثيل "السنّة المستقلين" هو "مسؤولية تقع على عاتق الرئيس المكلّف أساساً، وعلى القوى الوازنة في البلاد التعاون لتحقيق هذا الامر". واكّدت، "انّ التزام الحزب بدعم حق ومطلب هؤلاء في مشاركتهم بالحكومة، هو التزام اخلاقي وسياسي معاً، ولا نرى أي مبرّر يمنع الاستجابة لهذا الحق والمطلب".
مبادرة روسية
الى ذلك، قال عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل ابو فاعور، الذي رافق رئيس "اللقاء" النائب تيمور جنبلاط في زيارته لموسكو "انّ هناك اهتماماً روسياً كبيراً باستقرار لبنان وسيادته واستقلاله"، كذلك اكّد انّ "هناك اهتماماً كبيراً بالاسراع في تأليف الحكومة التي سيترأسها الرئيس سعد الحريري".
وقال: "إنّ روسيا على علاقة مع جميع الاطراف في لبنان وليست لها خصومات على الاطلاق"، وأمل في "ان تكون هناك مبادرة روسية قريبة في اتجاه الداخل اللبناني، تحرّك المياه الراكدة في موضوع التشكيل الحكومي".
العقوبات على إيران
على صعيد العقوبات، التي بدأت الولايات المتحدة الاميركية تنفيذها على إيران، قال وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو لقناة "بي. بي. سي" البريطانية، إنّ الهدف من هذه العقوبات هو "وقف التأثير الإيراني الذي يزعزع الاستقرار في المنطقة، وحملة الاغتيالات المدبّرة في أوروبا، ووقف دعم طهران لـ "حزب الله" اللبناني الذي يهدّد الأميركيين والإسرائيليين، وكذلك، استغلال ثروات الشعب الإيراني للتحرّيض على الإرهاب حول العالم".