لا شيء تغير حكومياً. المفاوضات متوقفة والمخارج لا تزال مقفلة والرئيس المكلف يستجم في فرنسا، وإن يعِد بالعودة قريباً. وحده حزب الله قرر الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، متوجهاً إلى من يتهمه بالتعطيل بالإشارة إلى أن عنوان التعطيل في وادي أبو جميل وليس في حارة حريك. فمن يرفض مطلب كتلة وازنة من النواب الذين سموه لتشكيل الحكومة، كما يرفض حتى لقاءهم، هو الرئيس سعد الحريري وليس حزب الله، الذي يدعم مطلب سنة 8 آذار كما سبق أن دعم مطالب حلفاء آخرين.
بالنسبة لحزب الله، فإن الأمر صار مبتوتاً، احترام نتائج الانتخابات يعني تمثيل السنة من خارج تيار المستقبل أكثر من أي شيء آخر. فهم العنوان الأبرز لنتائج «النسبية» التي لم تؤد إلى أي تعديل جوهري في تمثيل الكتل، لكنها شكلت باب عودة هؤلاء إلى السلطة، بعدما تحملوا الكثير من حملات التخوين في بيئتهم، لمجرد أنهم كانوا يعارضون الحريري. مع ذلك، لم يقفوا على طرف نقيض منه عندما فازوا في الانتخابات. مدوا اليد له من خلال تسميته لرئاسة الحكومة، لكنه رد عليهم بعدم الاكتراث لوجودهم... ولا يزال.
أما حزب الله فكان حاسماً مرة جديدة بدعمه لحلفائه حتى النهاية. نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، قال في لقاء سياسي في برج البراجنة: «بكل وضوح لا تنفع الاتهامات ولا الشتائم، ولا محاولة إثارة النعرات المذهبية والفتنوية، ولا الصراخ المرتفع في تشكيل الحكومة، الحكومة لها طريق، والحل الوحيد لتشكيلها هو اللجوء إلى الحوار مع أصحاب الحق، وتجاوز العقبات المصطنعة، وهم في اللقاء التشاوري يتخذون قرارهم ولا أحد ينوب عنهم». وأضاف: «الكرة في ملعب رئيس الحكومة، وفي استطاعته أن يدور الزوايا وأن يصل إلى حل معقول ومناسب وأن يتمثل اللقاء التشاوري بحسب مطلبه».
وعلى المنوال نفسه، اعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها الأسبوعي أن «إلغاء تمثيل أي مكون سياسي ورفض مشاركته في الحكومة لا يخدم المصلحة الوطنية إطلاقاً ولا يخدم حسن سير عمل الحكومة أيضاً»، مشيرة إلى أن «تمثيل السنة المستقلين هو مسؤولية تقع على عاتق الرئيس المكلف أساساً، وعلى القوى الوازنة في البلاد التعاون لتحقيق هذا الأمر».
أما الرد المستقبلي، فأتى عبر «مصادر تيار المستقبل»، التي نقل عنها تلفزيون المستقبل قولها إن «الكرة موجودة فقط في ملاعب التعطيل»، مشيرة إلى أن الجهة المسؤولة عن التعطيل معروفة لكل اللبنانيين. وأضافت «مصادر المستقبل» أن الرئيس المكلف يلتزم حدود الدستور ولن يحوّل تأليف الحكومة إلى ملعب تتبارى فيه العراقيل والمسؤولون عن العرقلة وهو أنجز مهمته في تدوير الزوايا، وعلى الآخرين أن يتوقفوا عن تدوير العقد.
أما أصحاب العلاقة، أي نواب اللقاء التشاوري، فبدأوا سلسلة زيارات لشرح موقفهم، فكانت البداية من دار الفتوى، حيث التقوا المفتي عبد اللطيف دريان. وتحدث باسمهم النائب قاسم هاشم، بعد اللقاء، معلناً أنه للتأكيد على «دور هذه الدار الجامعة في كل المناسبات وفي كل الأزمات». ومن المنبر نفسه، كان الوزير نهاد المشنوق، الذي التقى دريان أيضاً، يعلن أن الحريري لن يعتذر وسيشكل الحكومة، معتبراً أن النواب السنة المستقلين طالبوا من خلال استعمال الباب الخطأ ودخلوا من خلال طرف سياسي ليس مناسباً لتسمية واحد منهم.