ماذا في الأفق، بعد مرور ما يقترب من أسبوعين على بروز مطلب توزير أحد «النواب السنة الستة» عن أحد المقاعد السنية في الحكومة العتيدة، والذي تحول إلى عقدة، تبدو كأنها كأداء ، أو عقدة مأزق تحتاج وفقاً للنائب وائل أبو فاعور، إلى مبادرة روسية تجاه لبنان، قد تحرك الركود في تأليف الحكومة، وفقاً لما اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس، أو إلى «مساهمة فعالة» من قبل الوزير جبران باسيل، جاءت المناشدة على لسان نائب رئيس الحكومة ايلي الفرزلي من عين التينة.
توصي مطالبة الفرزلي، وفقاً لمصدر نيابي، بأن يأخذ فريق العهد المبادرة بأن يكون الوزير المقترح من حصته، في اطار التبادل مع الرئيس المكلف سعد الحريري، مرضي عنه قبل النواب الستة، بعدما أعلن حزب الله، عبر مصادر مطلعة على موقفه انه ليس الوسيط، أو المفاوض، عن هؤلاء النواب الذين بدأوا تحركاً، قادهم من دار الفتوى إلى بكركي في إطار تحرك لشرح موقفهم من طرح توزيرهم..
لكن الحزب، وعلى لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، قال: نعتقد بأن مفتاح الحل بيد الرئيس المكلف، فهو الذي باستطاعته ان يُنجز الحكومة غداً، وهو الذي يؤجل الحكومة إلى وقت آخر».
وسارعت مصادر في تيّار «المستقبل» إلى الرد على الشيخ قاسم، وقالت الكرة موجودة فقط في ملاعب التعطيل، مشيرة الى ان الجهة المسؤولة عن التعطيل معروفة لكل اللبنانيين.
واضافت مصادر المستقبل ان الرئيس المكلف يلتزم حدود الدستور ولن يحوّل تأليف الحكومة الى ملعب تتبارى فيه العراقيل والمسؤولون عن العرقلة وهو أنجز مهمته في تدوير الزوايا، وعلى الآخرين ان يتوقفوا عن تدوير العقد.
المخرج
على ان أجواء الغموض والترقب، لم تحجب الاهتمام بإيجاد مخرج فعلي لازمة توزير نواب 8 آذار من السنة.
وفي هذا المجال، كشف مصدر مطلع ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم توجه إلى باريس، لعقد محادثات مع الرئيس المكلف، تتعلق بإيجاد حل وسطي، بتوزير سني، خارج النواب السنة الستة، على ان تكون من حصة الرئيس الحريري والشخصية مقربة من الرئيس ميشال عون، وغير محسوبة عليه أو على الرئيس الحريري..
ولدى جهات وازنة معلومات بان رئيس الجمهورية اخذ على عاتقه جديا ايجاد حل لمشكلة توزير النواب السنة رغم اعتراضه على توزيرهم سابقا، وهو اوعز الى احد المقربين منه بالعمل على تقريب وجهات النظر بين حزب الله الداعم الاساس لمطلب توزير سنة المعارضة وبين الرئيس الحريري وتسويق حل يقوم على توافق الرئيسين عون والحريري مع الحزب على تسمية شخصية سنية وسطية من خارج كتلة اللقاء التشاوري اي من النواب الاربعة الباقين «نجيب ميقاتي اسامة سعد فؤاد مخزومي بلال عبدالله».
واشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان ما من جديد سجل في ملف تأليف الحكومة ولا سيما على صعيد معالجة العقدة المتمثلة بمشاركة النواب السنة المستقلين في الحكومة وتوقفت عما صدر عن دار الفتوى لجهة التكامل بين من يعارض في مجلس النواب وبين من هو في الحكومة وهذا كلام اكثر من واضح. وكشفت المصادر ان وفد نواب السنة المستقلين لم يطلبوا موعدا من القصر الجمهوري لكنها اكدت ان أبواب القصر الجمهوري مفتوحة.
ولم تشأ المصادر التكهن عما سيقوله السيد نصر الله غدا السبت، لكنها لفتت الى ان لكلامه دائما تأثيره في الحياة السياسية الوطنية.
وفي سياق متصل اشارت الى ان تأكيد رئيس الجمهورية في مواقفه الاخيرة على الوحدة الوطنية رسالة في هذا الظرف بالذات.
بالمقابل قالت مصادر دبلوماسية لـ«اللواء» ان العقدة التي تحول دون إصدار مراسيم الحكومة، هي عقدة إقليمية، تحديداً مرتبطة بطلبات للنظام في سوريا، بالإضافة إلى شروط إيرانية ذات صلة بالعقوبات الأميركية على إيران، وحزب الله والتي أعلن لبنان التزامه بها (الخبر في مكان آخر)، وعليه فالمعالجة تخطت الإطار الداخلي، وتتجه الأنظار إلى مؤتمر باريس للسلام الأحد، والذي يُشارك فيه رؤساء الدول الكبرى، كالرئيس فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي والمستشارة الالمانية فضلاً عن 70 دولة وحكومة، حيث من المتوقع ان يثار وضع لبنان، ومساعدته على تذليل آخر العقد المتعلقة بتوزير نائب سني من حصة الرئيس الحريري.
وإذا صدقت المعلومات، فإنه سيكون للبنان حكومة قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني، لتكون «عيدية» اللبنانيين، بحسب ما تصر مصادر في 8 آذار على تسميتها، مشيرة إلى ان هذه «العيدية» تعمل عليها جهات إقليمية ودولية.
غير ان محطة O.T.V الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» نقلت عن مصادر «حزب الله» تشديدها على ان «لا وزير سنياً إلا من 8 آذار»، ولا حكومة إلا بتوزير سني من 8 آذار، رغم ان المصادر أكدت ان الحزب ليس وسيطاً في موضوع توزير سنة 8 آذار، وان «من يريد الوساطة ان يتحدث مع سنة 8 آذار مباشرة».
وعلمت «اللواء» ان كتلة «المستقبل» ستعقد اجتماعاً استثنائياً يوم الاحد المقبل للاطلاع بشكل مفصل على المشاريع المدرجة على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ستعقد يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، الا ان الرئيس الحريري لن يحضر هذا الاجتماع لوجوده في العاصمة الفرنسية ومشاركته في مؤتمر السلام.
تحرك نواب السنة المستقلين
وسط ذلك ذكرت مصادر اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين لـ«اللواء» ان الاجتماع مع المفتي عبد اللطيف دريان تخلله شرح مفصل لمطلبهم لا سيما لجهة ضرورة التنوع داخل الطائفة، والتمثيل فريق واحد للطائفة لا يجوز لا سياسياً ولا دينياً ودستوريا، وان هناك نسبة كبيرة من الناخبين السنة اختارتهم.
وعُلم ان المفتي دريان عاتب النواب على عدم زيارته والتشاور معه قبل الآن، وتمنى ان يتم اللقاء بين كل الاطراف على المحبة والتفاهم.
واوضحت المصادر ان اللقاء طلب امس، موعدا من الرئيس ميشال عون، وسيطلب ايضا مواعيد من الرئيس المكلف سعد الحريري ومن رؤساء الحكومات السابقين الثلاثة فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام.
وكان لافتاً للانتباه البيان الذي صدر عن دار الفتوى، بالنسبة إلى استقبال النواب الستة، إذ ان البيان لم يأت على ذكر «اللقاء التشاوري» أو النواب السنة المستقلين، وإنما اقتصر على تسمية النواب، وفي ذلك إشارة إلى ان مفتي الجمهورية استقبلهم بصفتهم نواباً في البرلمان وليس نواباً سنة في تكتل نيابي، وتأكيده على ان أبواب دار الفتوى مفتوحة امام أي نائب مهما كانت طائفته وانتماؤه السياسي.
اما في مضمون البيان، فقد كانت لافتة كلام المفتي دريان من انه يأمل في ان تشكّل الحكومة بدعم جميع القوى والقيادات السياسية في لبنان وهناك مجلس نيابي منتخب من مهامه التشريع ومحاسبة الحكومة على ادائها وهنا يكون التكامل في العمل بين من هم داخل الحكومة ومن هم في المجلس النيابي وبالنتيجة الجميع يكون مشاركا في خدمة الوطن».
وأشارت المصادر المقرّبة الى «ان المفتي دريان تقصّد الحديث عن «تكامل» عمل مجلس النوب مع الحكومة، اذ ليس بالضرورة ان يكون مجلس الوزراء عبارة عن مجلس نيابي مصغّر. مهمة الحكومة العمل ووظيفة مجلس النواب المراقبة والمحاسبة».
وفي حين فهم من مضمون بيان دار الفتوى انها لا تؤيّد مطلبهم بالتوزير، وان مكانهم الطبيعي ممارسة المعارضة البنّاءة في مجلس النواب، لفتت المصادر الى «ان المفتي دريان استمع الى وجهة نظرهم، الا انه اصرّ على موقفه المتماهي مع موقفي الرئيسين عون والحريري في «رفض» توزيرهم لانهم لا يشكّلون كتلة نيابية، وان ليس بالضرورة ان يتمثّلوا في الحكومة. فهناك مجلس نيابي تستطيعون من خلاله المشاركة في الحكم عبر المحاسبة والمراقبة. الحكومة يجب ان تُشكّل ولا يجوز ان تضعوا العصي في الدواليب». واوضحت «ان المفتي لم يعدهم باجراء الاتصالات مع المعنيين لمناقشة مطلبهم».
تجدر الإشارة، إلى ان المفتي دريان استقبل بعد ذلك وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي شدّد على ان دار الفتوى هي «ضمير السنة في لبنان، وهي دار الحوار والاعتدال التي تستقبل كل اللبنانيين». وشدد على أن «الرئيس سعد الحريري لن يعتذر، وسيشكل الحكومة، ولا نحن نقبل ولا هو في وارد الاعتذار على الإطلاق، هو مكلف وهذا حقه في الدستور، وسيشكل خلال أيام أو أسابيع وعلى «كفالتي».
وقال ردا على سؤال عن النواب السنة أن «بعض الزملاء النواب استعملوا الباب الخطأ، ودخلوا من باب خارجي وليس من الباب الداخلي، وليس هو المدخل المناسب». وطالب «بالتعامل بهدوء وحكمة، وحتى لو احتاجت المسألة الى أسابيع، إلا أن الحكومة ستتشكل بالمعايير الوطنية التي يراها الرئيس الحريري، وقاعدتها التفاهم والحوار مع الجميع، وليس توزير الجميع».
جلسات الضرورة
الى ذلك.. ومع تزايد العقبات امام تشكيل الحكومة، صدرت الدعوات من بعض القوى السياسية من اجل عقد جلسات لمجلس الوزراء تحت عنوان جلسات الضرورة من اجل تسيير اعمال الدولة والمواطنين، وذكرت مصادر وزارية من مؤيدي عقد جلسات الضرورة لـ»اللواء» ان هناك حاجة لعقد جلسات لمجلس الوزراء لضبط الكثير من الامورخاصة الانفاق غير المراقب ومعالجة الامور الاقتصادية والمالية الملحة، لا سيما وان الدستور لا ينص على ما يمنع عقدجلسات لحكومة مستقيلة، لكن هذا لا يعني انه يمكن في مثل هذه الجلسات اتخاذ قرارات استراتيجية بللتسيير المراف العامة واقرار مراسيم معينة.
لكن عضو «كتلة المستقبل» النائب رولا الطبش جارودي أكدت «أننا لا نريد خلق اعراف جديدة في ما يتعلق بكيفية تصريف ألاعمال. الحكومة المستقيلة تصرف اعمالها ضمن الاصول والدستور. أية أعراف جديدة لسنا معها. نحن مع تأليف حكومة وفاق وطني واضحة، تعمل بمسارها الطبيعي».
الجميل: حرب أهلية مستورة
ومن ناحية ثانية، كشف رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل في حديث لـبرنامج «صار الوقت» عبر قناة الـM T V أن «العهد عرض على الحزب الدخول في الحكومة لكننا رفضنا ذلك»، متسائلا: «ما هذه «البهدلة» الحاصلة من خلال المحاصصة القائمة؟»، مشيراً إلى «انني افهم مبادرة الرئيس عون وفريقه السياسي تجاهنا والمبادرة مشكورة ولكننا لسنا مقتنعين بحكومة طبق الاصل عن السابقة لانها حكومة تناقضات».
ولفت الجميل إلى أن «الانتخابات النيابية أفرزت أكثرية لدى حزب الله، والحكومة الآتية سيكون للحزب اليد الطولى بتشكيلها كما يقرّر عن اللبنانيين ونتمنى ان يكمل الرئيس عون والحريري بتشكيل سدّ منيع وطالما هما مُتفقان فليشكّلا حكومة»، مشيراً إلى أنه «عندما ترشّح عون للانتخابات الرئاسية كان «حزب الله» الوحيد الى جانبه ولاحقًا سار الجميع به فـ»حزب الله» يفرض رأيه في الملفات المطروحة».
ورأى ان»طريقة تشكيل الحكومة هي حرب أهلية مستورة»، مشدداً على وجوب «ان نبني البلد بمنطق السلم لا بمنطق الحرب و اذا كان الرئيس عون مستعدا لضرب يده على الطاولة وتنفيذ سياسته فلديه الاكثرية بالاتفاق مع الحريري».