ضرب اللبنانيون موعدا جديدا لولادة الحكومة العتيدة هو عيد الاستقلال في 22 الشهر الجاري، وذلك بعدما سقطت مواعيد كثيرة من عيد الجيش مرورا بدخول العهد عامه الثالث وصولا الى إقرار العقوبات الأميركية، حيث حالت العراقيل والعقد دون أن تبصر الحكومة النور والتي يبدو أنها ستبقى على مواعيد المصالح والمكاسب والحصص للتيارات السياسية.
حتى الآن ما تزال كل الآفاق مسدودة أمام تشكيل الحكومة، في وقت ترتفع فيه نبرة التحدي بين الأفرقاء لا سيما بين الرئيس سعد الحريري وبين نواب اللقاء التشاوري الذين يصرون على تمثيلهم في الحكومة بدعم من حزب الله المحتفظ مع كتلة التنمية والتحرير بأسماء الوزراء الى أن يصار الى حل العقدة السنية التي تزداد تأزما مع إصرار كل طرف على موقفه، حيث يعتبر الحريري أن تمثيل نواب سنة المعارضة بمثابة ″إنتحار سياسي له وإنهاء لحياته السياسية″، بينما يتهم النواب الحريري ″بعرقلة تشكيل الحكومة والتعاطي مع الطائفة السنية وفق قاعدة ″أنا أو لا أحد″.
تشير بعض المصادر الى أن الرفض المطلق للحريري لتمثيل اللقاء التشاوري، ينطلق من الاحراج الكبير الذي يشعر به أمام القيادة السعودية لجهة قبوله بإختراق حزب الله البيئة السنية وفرض وزير محسوب عليه في الحكومة، بعدما كان الحريري يفخر أمام السعوديين بأنه الممثل الأوحد للسنة في الحكم، وأنه هو من يسمي وزراء الطائفة في الحكومات، وهذا يعني أن تمثيل سنة المعارضة في الحكومة سيفرض على الحريري الاعتراف بالخسارة التي لحقت به في الانتخابات النيابية وبأنه بات لديه في طائفته أكثر من شريك عليه إحترام حضورهم وتمثيلهم الشعبي وذلك للمرة الأولى منذ العام 2005 الأمر الذي قد ينعكس سلبا في المملكة.
من هذا المنطلق يأتي موقف الحريري المتصلب، وهذا ما يجعله مستشرسا لعدم توزير أي من النواب السنة في الحكومة حفاظا على ماء وجهه سعوديا، في وقت ترى فيه مصادر اللقاء التشاوري أن ″الانتحار الحقيقي للحريري هو خروجه من السلطة التي قدم في سبيل البقاء فيها الكثير من التنازلات″، معتبرة أن ″تمثيل سنة المعارضة في الحكومة هو تنازل بسيط جدا مقارنة بالتنازلات التي سبق وقدمها″، لافتة الانتباه الى أنها ″على ثقة تامة بأن تشكيل الحكومة مرهون بتوزير أحد نواب سنة 8 آذار، وبالتالي فإن على الحريري أن يكون أكثر واقعية وأن يرضخ لنتائج الانتخابات النيابية.″
في غضون ذلك، ما تزال طريق بعبدا حارة حريك مقطوعة، وسط جهود تبذل على أكثر من صعيد لإعادة المياه الى مجاريها بين رئيس الجمهورية المتمسك بحصته السنية للحصول على الثلث المعطل الذي لطالما سعى إليه الوزير جبران باسيل، وقد كان بمتناول اليد وبرضى الحريري قبل أن يفجر حزب الله قنبلة العقدة السنية، وتعلن مصادره بأنه ″لا توجد ضرورة للثلث المعطل بيد أي طرف سياسي″.
أمام هذا الواقع، تنشط جبهات المصادر بين الأطراف المتنازعة لتضاعف من الاحتقان، مقابل نشاط مطرد لماكينات التحريض لا سيما في الشارع السني حيث بدأت تحركات تيار المستقبل تشهد تحركات مضادة على صعيد رفع الصور واليافطات والشعارات خصوصا في طرابلس.
كل ذلك يجعل الحكومة تتأرجح، وتنتظر تقريب وجهات النظر وتدوير الزوايا لحل العقدة السنية، وفي الوقت الذي تتفاوت فيه نسب التفاؤل والتشاؤم بين جهة وأخرى يضيع التأليف بين رفض رئيس الجمهورية، وإعتكاف الحريري، وإصرار حزب الله، ودعاء نبيه بري، وتأملات وليد جنبلاط، وتشفّي سمير جعجع.