تجزم التقارير الديبلوماسية الواردة من واشنطن والتي وصلت منها الى بيروت في الساعات القليلة الماضية أنّ ترامب فاجأ الجميع بالتوقيت الذي اختاره للإعلان عن توقيعه قانون العقوبات الجديد ضد «حزب الله» مستبقاً موعد تطبيق الرزمة الجديدة من العقوبات المفروضة على إيران والتي بوشر بها مطلع الأسبوع الجاري.
فالقانون الذي اقترحته مجموعةٌ من أعضاء الحزبين المتنافسبن الجمهوري والديموقراطي في الكونغرس الأميركي أقرّ سلسلة من العقوبات الإضافية عن تلك التي قال بها القانون ضد إيران وحلفائها في المنطقة والعالم، فضاعف من حجمها ومن ثقلها على «الحزب» وأصدقائه متى جرت تسميتُهم سواء تلك التي طاولت المؤسسات أو الأشخاص.
لكنّ التوقفَ عند الموعد الذي كشف فيه ترامب عن توقيعه خفّف من نسبة المفاجأة. فقد اختار عن سابق تصوّر وتصميم ذكرى مرور 35 عاماً على تفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية قرب مطار بيروت بهدف حرمان الحزب «من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته». وزاد للتعبير عن نيّته باستهداف الحزب بنحوٍ مستقل عن المرجعيّة التي تدعمه في طهران لتأكيد إصرار ادارته على تطبيق القانون بأيّ ثمن، وقصد أن يشرك ذوي ضحايا التفجير لإعطاء القرار أبعاده الأميركية الداخلية اكثر من الخارجية.
عند هذه النقطة بالذات كشف أحد هذه التقارير انّ ترامب أراد من كل ذلك التمهيد للإنتخابات النصفية الأميركية التي انتهت أمس الى نوع من التعادل بين الحزبين الموالي له والمعارض بين انتخابات مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي أكثر ممّا استهدف «حزب الله» خصوصاً ولبنان عموماً.
عند هذه الإشارة البالغة الدقة، قرأ التقرير التأخير في الإعلان عن المراحل التنفيذية لقرار العقوبات ضد «حزب الله» وتحديد المستهدَفين من المؤسسات والأشخاص حتى الأمس القريب، وبات موعد الإعلان عنها رهناً بما ستكون ردة فعله تجاه النتائج النهائية للإنتخابات التي ستعلن في الساعات المقبلة.
وهذا التطور قاد الى مزيد من الإنتظار لمعرفة الخطوات الأميركية التنفيذية اللاحقة التي تعني الحزب وحلفاءه والمتعاونين معه الذين يشكلون البيئة الحاضنة له، فالقانون الجديد فرض عقوبات هدفها الحدّ من قدرة الحزب على جمع الأموال وتجنيد عناصر، إضافة إلى زيادة الضغوط على مجموعة من المصارف التي تتعامل مع بيئته ومسؤوليه وعلى البلدان التي تدعمه وفي مقدمها إيران. كذلك تمنع هذه العقوبات أيّ شخص يدعم الحزب مادياً أو بطرق أخرى من دخول الولايات المتحدة.
وفي ظلِّ حال الإنتظار المفروضة على اللبنانيين، وتحديداً المعنيين منهم بالقانون الجديد، يعرف الجميع أنّ القانون فرض عقوبات على داعمي مؤسسات حزبية كبيرة معروفة بانتمائها الى «الحزب وتشكّل مؤسساتٍ رديفة تديرها القيادة الحزبية. ومنها «بيت المال» و»جهاد البناء» و»مجموعة دعم المقاومة» و»قسم العلاقات الخارجية» في الحزب و»قسم الأمن الخارجي» فيه عدا عن المؤسسات الإعلامية مثل تلفزيون «المنار» وإذاعة «النور» و»المجموعة الإعلامية اللبنانية».
وأما حجم ما هو منتظر من ردات فعل على القانون الجديد لم يغفل التقرير أنّ المستهدفين هم من دائرة اوسع من المحيط والبيئة الحزبية. وهو ما شغل بال عدد من المسؤولين اللبنانيين، ولا سيما منهم اولئك الذين تدخّلوا لدى الإدارة الأميركية لتجنّب شمول هذه العقوبات بعضهم إثر المعلومات التي أفادت أنها ستطاول مَن هم في موقع المسؤولية الحزبية والسياسية، وربما الحكومية.
ولذلك، لم يوفر التقرير الإشارة الى فقدان أيِّ معلومات دقيقة عن هويّات المستهدَفين من خارج بيئة الحزب ومؤسساته في انتظار معرفة مصير المساعي التي بُذلت لتجنيب شمولها هذا المسؤول أو ذاك. ولذلك برّر التقرير في جانب منه التأخير الحاصل في الإعلان عن اللائحة التنفيذية، فلربما تجاوبت الإدارة الأميركية مع تمنيات المسؤولين اللبنانيين فتريّثت في نشر القرارت التنفيذية حتى الآن، وهو أمر سيبقي السيف مسلطاً على رؤوس المستهدفين الى أجل لا يستطيع أحد تقديره من اليوم.
ثمّة مَن يعتقد أنّ الإدارة الأميركية قد تعيد النظر في مضمون القرارات التنفيذية لأسباب تتصل بالإعتبارات التي تعطيها لما يسميه اللبنانيون «الخصوصية اللبنانية» تجنّباً للإساءة الى الأمن والإستقرار والسلم الأهلي في لبنان الذي تعطيه واشنطن الأولويّة في بعض الإجراءات التي تستهدف إيران والحزب منعاً من أن تكون لها تداعياتُها السلبية على الواقع اللبناني.