تحت عنوان "مجتمعنا بخطر ... ما تغضّوا النظر. لا لتشريع زراعة الحشيشة"، ولمواجهة تشريع زراعة القنب لغايات طبيّة بعد أن تزاحمت مشاريع القوانين على تقنينها، ولإلقاء الضوء على مخاطرها ومحاذيرها، ولتكوين ملف شامل عنها، اجتمعت الجمعيات التي تعنى بتأهيل المدمنين لأخذ الموقف وهي: تجمّع أم النور- CDLL سيناكل دو لا لوميار- JCD الشبيبة لمكافحة المخدرات - نسروتو الأناشيد.
وتبعًا لاجتماعات متلاحقة، وسندًا لدراسات علميّة متعددة، ولإطلاع ومخاطبة اصحاب القرار والرأي العام اللبناني على ما توصّلوا إليه، توافقت الجمعيات على الآتي نصه:
غموض في الدراسات في لبنان
يشير أصحاب فكرة تشريع زراعة القنب لغايات طبيّة الى أن الهدف هو مساعدة المزارع في زيادة مدخوله وتحقيق وفر في الموازنة بحدود المليار دولار، ولكن تبيّن للمجتمعين ان الدراسات في هذا المجال غامضة أو غير متوفرة أو غير مؤكدة أو نتائجها غير مضمونة.
فلا دراسات علميّة متوفّرة عن حاجة لبنان الضرورية لهذه الزراعة بهدف الاستعمال الطبّي، كما وأثبتت الدراسات العالمية أن الطلب على الادوية المستعملة من القنب محدود، ما يجعل الغاية من تشريعها من دون فائدة.
فمثلاً، في ولاية ايلينوي، بعد سنتين على وضع القنب في سوق الأدوية لا يزال عدد المرضى الذين يستعملون هذه الادوية متدنيًا، والبرنامج التجريبي الذي ينتهي في العام 2020 لم يعد له أي مبرر للتوسع به.
ويؤكّد مسح صادر أن 90 % من البالغين يستخدمون القنب لاسباب ترفيهية وعشرة بالماية لأسباب طبيّة 36 بالماية يخلطون الترفيهي والطبي. ولا تزال الحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة الأميركية تعتبر القنب من الجدول الأول مثل الهيرويين، وان لا قيمة طبيّة له تضاهي الخطر من سوء استعماله.
الدراسات الطبيّة غير حاسمة
من جهة ثانية، لا تزال الدراسات الطبيّة حول الاستعمال الطبّي للقنب في طورها الأول والأدوية المستعملة منها محدودة لحالات قليلة في تخفيف الألم والتشنّج، في حالة التصلّب اللويحي والشلل التشنجي وفي حالات قليلة لتخفيف الآلام في بعض الأمراض التي يعاني فيها المرضى من آلام مزمنة.
المخاطر والمحاذير
من جهة ثالثة، ان توّفر الادوية المصنوعة من القنب قد رفع من عدد المتعاطين عند الشبيبة والأطفال كما في ولاية كولورادو الأميركية حيث زادت فيها نسبة تعاطي الشبيبة إلى 55 % من المعدل الوطني بعد التشريع بحسب الفدرالية الدولية لمكافحة المخدرات.
إلى ذلك، معظم الدول التي شرعت استخدام القنب لغايات طبية شرعت ايضاً استخدامها لغايات ترفيهية أو ألغت العقوبات عن استخدامها لغايات ترفيهية. كما وارتفعت الفاتورة الصحية في تلك البلدان وارتفعت نسبة الجرائم.
كذلك فإن تشريع الحشيشة يشكّل تغييرًا في القيم الاجتماعية والسلوكيات والثقافة بحيث يصبح من السهل القبول بتعاطي حشيشة الكيف لغايات ترفيهية من دون الاخذ بالاعتبار المخاطر الصحيّة والنفسية والاجتماعية الناتجة عن هذا التعاطي.
وقد اكّدت الدراسات بأن تشريع زراعة القنب لغايات طبيّة يؤدي إلى تغيير النظرة إليها بحيث تصبح أكثر قبولاً بسبب سهولة الحصول عليها ولاعتبارها آمنة صحيًا.
غموض حول الجدوى الإقتصادية
جرى تقديم عدد من مشاريع القوانين لتشريع زراعة القنب لغايات طبيّة ولكن من دون دراسة الجدوى الاقتصادية المحتملة، وتم الإكتفاء بالاشارة إلى مليار دولار كمدخول للخزينة من دون تحديد المورد الذي سيوفرها.
وبسبب خصوصية هذه الزراعة فإن كلفتها أغلى بالنسبة للمزارع من الزراعة التقليدية الحالية، وقد احتسبت في كاليفورنيا كلفتها في السوق التي تتجاوز الـ77 % عن الزراعة غير الشرعية للكيف.
وسيفسح ذلك المجال للمنافسة في حين ان الطلب للزراعات لغايات طبية محدود، وسيظل القنب مطلوبًا للغايات الترفيهية ومن دون مراقبة، وواقعًا يشكّل آفة وسوقًا سوداء غير مضبوطة.
وبسبب محدودية الطلب على القنب الطبي ذات الخصوصية في المكونّات وارتفاع كلفته سيؤدي ذلك إلى استمرارية السوق السوداء كما في الولايات المتحدة.
إضافة إلى ذلك، فإن سلسلة القيم فيما يتعلق بالزراعة حتى التصريف غامضة وبالتالي لا تحقق الأهداف التي وضعت لأجلها والتي تبقى خيالية، كما وأنها تعرض مجتمع بأكمله للخطر وتساوم على مستقبل الشباب، وترفع نسبة التضحيات الصحية والنفسية والاجتماعية وبالتالي الاقتصادية فترفع من نسبة الفاتورة الصحية الناتجة عن التعاطي وحوادث السير وانتشار السلوكيات المدمرة مثل العنف الأسري والعنف على الأطفال.
وهذه الكلفة لا تتضمن الإدمان والتأهيل والإندماج. كما وأن تشريع زراعة القنب قد يدفع إلى ارتفاع الكلفة القضائية لتسوية وضع المزارعين الملاحقين أو المحكومين حاليًا، والكلفة الاجتماعية الناتجة عن تسوية الأوضاع هذه.
غموض حول امكانات المراقبة والضبط
تجيز المادة 12 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف رقم 673 زراعة النباتات الممنوعة ومنها القنب لغايات علمية وطبيّة، وهي كافية ولا تحتاج إلى قانون ينظم هذه الزراعة، بل يحصرها بالمراجع التي من الممكن مراقبتها والاشراف عليها.
فالمشكلة في تشريع الزراعة لغايات طبيّة هي في الاشراف والمراقبة من قبل الدولة للحدّ من مخاطرها. لا سيّما في لبنان من ناحية الزراعة أو التصدير أو استخدام الادوية في السوق المحلي. فهذه كلها بحاجة إلى ضبط صارم ووزارات تنشئ إدارات مختصة وفاعلة لتطبيق القانون ومنع الفلتان ومنع السوق السوداء وردع الاجندات الخفية من تحقيق اغراضها.
حماية لبنان بعدم تشريعها ولو لغايات طبيّة وتنمية المناطق
لبنان وقّع على الاتفاقية الدولية لمراقبة المخدرات وفيها حظرٌ لزراعة القنب، وتحديد المساحات والكميّات وأكثر من ذلك فإنها تلزم في المادة 22 منها على الدول التي ترى نظرا للأحوال السائدة فيها ان تجعل حظرها " أنسب وسيلة لحماية الصحة العامة والرفاه العام ومنع تحويل المخدرات إلى الاتجار بها".
ولبنان الذي يعاني من عدم القدرة على تنفيذ قوانينه وضبط التهريب والتجارة غير المشروعة سيزيد على واقعه واقعًا اسوأ يشوه صورته ويعطي الفرقاء المعنييّن بهذه الزراعة لغايات طبية القدرة على الافلات من القوانين وتحقيق غايات خاصة مختلفة عن الغاية التي قد وضع لأجلها.
وهذا ما يدفع بالجمعيات إلى تسليط الضوء على أن هذا التشريع فاتورته الإجتماعية والصحية والثقافية أغلى بكثير من مردود المليار دولار المحكى عنه.
وإن أفضل وسيلة لتحسين وضع المزارعين والاقتصاد اللبناني هو العمل الجدّي على تنمية المناطق التي تعتمد على الزراعات غير الشرعية وايجاد المشاريع البديلة زراعياً وصناعياً وثقافياً وصحياً على أن تكون مدعومة وأقل خطراً على المجتمع والصحة والمواطن.