نحن نحترم ونجل أهل العلم والتقوى وأهل الدين والمعرفة، ونقدِّر العلماء العاملين في سبيله من الذين لا يريدون أجراً إن أجرهم على الله، إنطلاقاً من قول القرآن الكريم:"وما أسالكم عليه من أجرٍ إن أجري إلا على رب العالمين /الشعراء آية 109/.. وقوله تعالى: "قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد/سبأ آية 47/.." ونجل العالم الذي لا يخشى في الله لومة لآئم، ولا يتاجر في الدين العظيم، ولا يرتدي الزي الديني من أجل البروز وحب الظهور ويغطي قذارته بجبة وعمة، ويتبوأ منصباً بطرق غير شرعية لنقصٍ في الدين والأخلاق، وبطرقٍ غير مشروعة لتجارته الرائجة للبشر والحجر ولأشياء أخرى تحت هذا الغطاء ويقدم نفسه على أنه ملاك بلباس ضأن، وهو في واقعه ذئبٌ وشيطان حتى إذا لاح له الحرام إقتحمه، رويداك رويداك كما ورد عن مولانا زين العابدين والساجدين علي بن الحسين (ع) هذا المعنى (إذا رأيتم الرجل ـ وخصوصاً رجل الدين ـ قد حسُنَ سمته وهديه،وتواضع في حركاته وسكناته، فلا يغرَّنكم لربما نصب الدين فخاً حتى إذا لاح له الحرام إقتحمه)..
إقرأ أيضًا: منشار الحزب وعقدة خشب التيار...!
نحن لا نحسد من يتاجر بالتجارة والصناعة ولا نحسد الغنى على غناه، ولا نطمع بشيء ليس لنا، كما فعل هؤلاء رجال السوء من معممين بعمامة الدين، أما أن يصطلي عباءة الدين ويعتاش بدينه تحت ألف ذريعة وذريعة ويصطاد على أكتاف الناس والفقراء كما تفعل السوسة التي تعيش على ماء الحياة، وهو يتقاضى رواتب تحت وظيفة وهمية (مفتي، مدرس فتوى، أمين سر الفتوى، مساعد مفتي ، وما إليها من تسميات..) ثم نراه يعظ الناس ويقدِّم نفسه على أنه واعظ أخلاقي تندلق من فمه الأخلاق دلقاً وهو بعيد كل البعد عنها ما هو إلا شيطان مريد، ولا يعيش هم الناس من فقر وذل وفاقة وحاجة وهو لا يحمل هماً لأن آخر الشهر بانتظاره، بالله عليكم من يحتاج إلى وعظ، هؤلاء الناس الطيبين أم هؤلاء المتخمين..؟ ثم نسأل: ما هي وظيفتهم وما حاجة الناس إليهم..؟ ألا يكفي أن يكون في بلد الطوائف لكل فرقة أو طائفة مفتٍ واحد..؟ لأن الناس تلتزم بمرجعيتها الدينية التي تتبعها وتقلدها، وليست بحاجة إلى مفتٍ هنا عينته الظروف السياسية والتجارات المحلية، حينها فيكون مفتي سياسي وليس مفتي ديني..؟ ثم لا نراهم يقفون موقفاً أمام هذا الوضع المتردي والمزري التي نعيشها في هذا البلد، جل إهتماماتهم هل هناك جن..؟ هل يسيطر الجن على الإنسان..؟ هل السواك يُفطِّر..؟ ثم يشغلوننا بعدد مسامير سفينة نوح (ع)..؟ يبحثون عن جنس الملائكة... وعن النملة (مذكر أم مؤنث) تلك التي حدثها نبينا سليمان (ع)..؟ وهكذا يبقون يحدثون الناس ويشغلونهم عن حقوقهم وعيشهم ويعدونهم بنار جهنم التي تشوي الوجوه فيما لو قصرتم بأداء الحقوق...
أين هي حقوق الأخماس والزكوات والأموال الشرعية، كيف توزَّع إنه سؤال إلى المعنيين، لأن الأقوياء والأغنياء ـ من هذا الصنف ـ استحوذوا على كل شيء..؟ ويبقى السؤال من كل مواطن (عاطل عن العمل) إذا أراد أن يقدِّم على وظيفة مفتي وأخواته، ماذا يُطلب منه..؟