لا جديد في شأن «العقدة السنية». الجميع كانوا في انتظار عودة الرئيس المكلّف سعد الحريري من باريس لاستئناف الاتصالات، إلا أن الأخير قرّر شراء الوقت والاعتكاف في العاصمة الفرنسية، متخفّفاً من مسؤوليته عن الأزمة. وفيما جرى تلقّف كلام وزير الخارجية جبران باسيل عن «الاستعداد لتقديم التضحيات» بإيجابية في أوساط 8 آذار، أكّدت مصادر في التيار الوطني الحر أن «ما في شي ما بيتحرّك... والمهم هو خفض السقوف العالية»

عدا عن «الإشارات الإيجابية» التي أطلقها وزير الخارجية جبران باسيل، والمواقف الحادّة التي أطلقها النائب جهاد الصمد من الضنيّة، فإن عطلة نهاية الأسبوع لم تسجّل أي جديد في حل عقدة تمثيل النواب السنّة، مع استمرار تمسّك كل من الأطراف بموقفه. وأكّدت مصادر كل الأطراف أن الاتصالات «جامدة»، ولا سيّما بين التيار الوطني الحر وحزب الله، مع إبقاء خط التواصل الروتيني مفتوحاً بين باسيل ورئيس وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا.

وفيما كان الجميع ينتظرون عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت ليل أمس لاستئناف الاتصالات، قرّر الأخير الاعتكاف في العاصمة الفرنسية بعدما كان مفترضاً أن يرعى اليوم عشاءً يحضره اقتصاديون ورجال أعمال. إلّا أن إدارة «بيت الوسط» تولّت الاتصال بالحضور وإبلاغهم إلغاء العشاء، بذريعة أن رئيس الحكومة سيبقى في باريس لـ«أيام». ونقل متصلون بالحريري عنه تمسّكه بموقفه الرافض توزير النواب السنّة، وأنه «لا يجد مبرراً لتمثيل من ينتسبون إلى كتل نيابية لديها ممثلوها في الحكومة». كما نقلت عنه تأكيده أنه «لن يوقع أي مرسوم يضم اسماً من الأسماء الستة، ولو كان ذلك من حصة غيره»، في إشارة الى احتمال أن يضم الرئيس ميشال عون واحداً من «مجموعة الستة» إلى حصته، أو أن يبادر الثنائي الشيعي الى التنازل عن مقعد شيعي لمصلحة أحدهم.
في غضون ذلك، تلقّفت القوى السياسية بإيجابية كلام باسيل، السبت، عن أن التيار لن يسمح لعلاقته بأي مكون في لبنان بأن تنهار، و«لن نسمح مهما بلغت التضحيات أن يقع الانفجار بين المكونات اللبنانية». واعتبرت مصادر في قوى 8 آذار أن الأمر يفتح باباً للحل ويؤشّر إلى نية باسيل للتحرك وإيجاد حلول. وفيما أكّد عاملون على خط الاتصالات أن «الأبواب غير موصدة تماماً»، قالت مصادر بارزة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار»: «ما في شي ما بيتحرّك... المهم هو خفض السقوف العالية». وشدّدت على أن «الموضوع بين الحريري وحزب الله ولسنا معنيين به، ولكن يمكن أن نكون مساعدين في إيجاد الحل». فيما على ضفّة تيار المستقبل، من ينتظر اتصالاً من باسيل بالحريري، أو حتى إمكان زيارة وزير الخارجية باريس للقاء الرئيس المكلّف والبحث في سبل الخروج من المأزق، بعدما أيقن الجميع أن موقف حزب الله لناحية توزير «سنّة 8 آذار» ليس مناورة، وأنه متمسّك بهذا الموقف الذي أبلغه إلى الحريري منذ تكليفه بالتأليف. وأكّد العاملون على خط الاتصالات أن الحريري أقر بأن الحزب «أبلغه سابقاً إصراره على تمثيل النواب السنّة الستة. لكنه كان يعتقد بأن الأمر قابل للحلحلة، وأنه سمع تقويماً من التيار الوطني الحر بإمكان إقناع الحزب بالتراجع عن مطلبه».
إلى ذلك، فجّر الصمد مواقف ناريّة في وجه الحريري وباسيل، ووضع العقدة في محاولة التيار الوطني الحر الحصول على الثلث زائداً واحداً في الحكومة، واصفاً ذلك بأنه «سحب لصلاحيات رئاسة الحكومة». وأكّد نائب الضنيّة أن «السجال اليوم ليس بين الشيعة والسنة أو بين حزب الله والمستقبل، إنّما على خلفية الإقصاء في الساحة السنيّة واعتبار الحريري الممثل الحصري للطائفة من جهة، ومن جهة ثانية تنازل الحريري عن صلاحياته لباسيل في الحكومة عبر إعطاء التيار كتلة وزارية تسمح له بالتعطيل والتحكّم بالمسار الحكومي بمعزل عن باقي الفرقاء».
وبدا لافتاً في الأيام الماضية أيضاً، الموقف الذي أصدره مجلس المفتين، بدعم الحريري واعتبار المطالبة بتمثيل الآخرين «أياد خبيثة تحاول عرقلة جهود الرئيس المكلف وابتزازه سياسياً»، من ضمن أجواء التخوين التي يبثّها المستقبل بحقّ النواب السنّة من خارجه. وأثار الموقف استياءً لدى قاعدة النوّاب السنّة حول دور المفتي دريان، ما أدى إلى موقف أقل حدة صدر عن المجلس الشرعي.