في تسجيلٍ صوتي مُسرّب للّواء جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مع الناطق باسم حركة "حماس" في الخارج حسام بدران، نشرته بالأمس جريدة "الأخبار"، مع أنّ تاريخه يعود لسبعة أشهرٍ مضت، ويكشف التّسجيل بؤس القضية الفلسطينية بين أيدي قادة هُواة يتلاعبون بمصيرها، قضية بحجم مأساة الشعب الفلسطيني يتلهّى بها الرجوب مع صديقه في الضفة الأخرى غزّة، والمقيم في قطر، يحتار الرجوب في اختيار المكان الآمن والمناسب للقاء فتحاوي-حماسي تمهيداً لإتمام المصالحة بينهما، والتي طالما عُقدت من أجلها الاجتماعات المُطوّلة وصُرفت في سبيل إنجازها الأموال والأوقات التي هي أغلى من الأموال، المصالحة التي يبدو أنّ معاهدة إقرار مبدأ الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين أقربُ للنّوال منها. إلاّ أنّ المضحك المبكي في كلام الرجوب هي عقلية الاستعلاء والتّنمُّر ضدّ العرب التي احتفظ بها من أحداث الحروب الأهلية اللبنانية، والتي كان لمنظمة التحرير الفلسطينية الدور البارز فيها، فهو يصف المصريين ب "الأنذال"، ويزعم أنّ القاهرة هي الأداة الرئيسية في تنفيذ " صفقة القرن" الأميركية-العربية، وأنّ محمد بن زايد (ولي عهد أبو ظبي) هو المتحكّم الأساسي بالأجهزة الأمنية المصرية، أمّا عن المكان الآمن الذي يراه الرجوب مناسباً لصفقة فتح-حماس، والتي قد يلزمها قرنٌ هي الأخرى لإنجازها، فهو قطر (حيث يقيم بدران) أو عُمان (مُلتقى الأعداء-الأصدقاء)، أو تركيا، أمّا بيروت فالأمن فيها "مضروب"، وهو ليس مستعدّاً أن تدوسها قدماه.
إقرأ أيضا : إيران تدعو السعودية لإعادة النظر في سياساتها
معك حقّ سيادة اللواء، الأمن مضروبٌ في بيروت منذ اتفاق القاهرة عام 1969 ولاند-فتح والسماح بانتشار السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وجرّ لبنان إلى حروب أهلية متداخلة مع الصراعات الإقليمية الدولية، وجنابك حضرة اللواء كنت واحداً من رموزها وابطالها "الأبوات" الذين فازوا بعد ذلك بسلطة وطنية في غزّة وأريحا، وبيروت لم تشف حتى اليوم من جراحها المفتوحة بفضل فلول التنظيمات التي خلّفتُموها وراءكم، وما زالت حتى اليوم تنتقص من سيادة البلد وتنال من وحدته وتساهم في أمنه "المضروب"، وكلّ ذلك باسم قضيّتكم "المقدّسة" إياها.
قال زياد بن أبي سفيان، وكان والياً لمعاوية على العراق: أيُّ الناس أنعم؟ قالوا: معاوية، قال: فأين ما يلقى من الناس؟ قالوا: فأنت، قال: فأين ما ألقى من الثغور والخراج؟ قالوا: فمن؟ قال: شابٌّ له سدادٌ من العيش، وامرأةٌ قد رضيها ورضيتهُ، لا يعرفنا ولا نعرفهُ، فإن عرفنا وعرفناه أفسدنا عليه دينه ودُنياه.