أكدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الاعمال عناية عز الدين أن "أولى الخطوات اللازمة لتفعيل مؤسسات الدولة واستعادة نشاطها واستجماع قواها للانطلاق بالعمل والإنتاج، تبدأ بالإسراع في تأليف حكومة قادرة على اتخاذ القرارات المتعلقة بالشؤون الحياتية للناس وبالمشاكل الكبيرة التي تعصف بالمواطن من كل جهة، وتكون على مستوى التحولات والتطورات الكبرى التي تشهدها منطقتنا، بدءا بما يحضر للقضية الفلسطينية مرورا بسوريا وصولا إلى اليمن".
وخلال حفل افتتاح معرض تراثي "ايادي الخير" بالتعاون مع المنتدى التشكيلي في بلدة المنصوري، شدتت عز الدين على "ضرورة التوصل إلى اعتماد الصيغة الجامعة في مسألة تشكيل الحكومة المقبلة، وهي الصيغة التي تعتمد المعيار الواحد الذي لا يقصي أحدا ولا يعزل أي طرف، وهو المعيار الذي يصر عليه دولة الرئيس نبيه بري منذ اليوم الأول للتأليف، ويدعو إلى تطبيقه على الجميع دون اي تمييز"، معتبرة أن "التصدي للمعضلات الكبرى اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في لبنان، يتطلب حكومة تجمع كل القوى".
وأشارت إلى "أهمية النشاطات ذات الطابع التراثي في لبنان عامة والجنوب تحديدا، وخصوصا عندما تأتي عبر مبادرات طوعية من المجتمع الأهلي تعكس روحية الإصرار والمثابرة لديهم وتؤكد على رفضهم للانتظار السلبي للدولة"، داعية إلى "اعتماد هذه الروحية والمنهجية في العمل في مختلف الميادين والمجالات، بهدف ملء الفراغ الذي يخلفه تأخر الدولة وعدم الإنتظام في عمل المؤسسات".
ودعت إلى "تطوير هذه التجارب من خلال اضفاء الجدوى الإقتصادية عليها وربطها بالسياحة الريفية والبيئية والزراعية والدينية الذي بات يعرف بالسياحة المسؤولة"، معتبرة ان "منطقة الجنوب هي نموذجية لتحقيق هذه المشاريع"، مشيرة إلى أن "هذا التوجه هو ما سيتم العمل عليه خلال الفترة المقبلة، من خلال تأمين بناه التحتية والعناصر الضرورية للانطلاق به".
وأكدت أن "أولى هذه العناصر تتمثل في نسج الشراكة بين مختلف الجهات الفاعلة في هذا المجال، وهي البلديات والكشاف والمدارس والمجتمع المدني والاهلي إضافة الى الدولة، ما يسمح لكل طرف القيام بدوره من أجل تطوير هذه التجربة التي تعتبر أحد مداميك الإنماء المتوازن وتنمية المناطق والأرياف وتأمين فرص العمل في هذه المناطق، وهو الأمر الذي سيساهم بحل معضلة التمركز السكاني في العاصمة بيروت الذي يخلف بدوره عددا كبيرا من أزمات تبدأ بأزمة السكن والمواصلات ولا تنتهي بأزمة النفايات".
وأشارت عز الدين إلى أن "هذه المبادرات الأهلية ظهرت في الكثير من المحطات المفصلية في الجنوب، أبرزها تترجم في أزمة النفايات التي قام بها المجتمع المدني مؤخرا، والتي حقق من خلالها مساهمات عملية، نظرا لما طرحه من أفكار مؤثرة أهمها ما له علاقة بمحاولات حثيثة حصلت لبث وتعميم ثقافة الفرز من المصدر التي تعتبر الخطوة الأولى لحل أزمة النفايات بمعزل عن الآلية التي سيتم تبنيها"، داعية إلى "التفكير الجدي بتحويل الفرز من المصدر الى ثقافة عامة".
واعتبرت أن "هذا اليوم التراثي ليس سوى شكل من أشكال المقاومة ومستوى ضروري من مستوياتها كما انه خطوة أساسية على طريق التنمية المستدامة"، لافتة إلى أن "أحد أهم اشكال المقاومة هو تثبيت الناس في قراها، وهو ما أثبتته وقائع التاريخ خارج إطار الشعارات الفارغة او "الكليشيهات" فالجميع يعلم الجهود والمساعي التي بذلها العدو من اجل افراغ قرى الجنوب من ناسها لتحقيق التغيير الديمغرافي، الذي حاول الربط بين وقف الحرب وعدم عودة الناس الى قراهم"، منوهة "بدور رئيس مجلس النواب دولة الرئيس الاستاذ نبيه بري في التنبه لهذا الأمر، والذي رفضه رفضا قاطعا فكان نداؤه الشهير لأهالي الجنوب عشية 14 آب وكانت تلبية الجنوبيين المدهشة، ما ادى الى احباط المشروع".
وأشادت بـ"دور أبناء الجنوب ونجاحهم في الثبات في أرضهم، التي منها يستمدون المقاومة ومنها يستمدون الحياة والتنمية"، معتبرة أن "أولى قواعد التنمية هي ان نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع الذي أدركناه بفطرتنا وسبقنا به كل التنظير السائد في العالم اليوم والقائم على إعادة الاعتبار لكل ما هو طبيعي وعضوي ومنسجم مع الطبيعة والبيئة وتوازنهما" مؤكدة "أن هذا النشاط هو خير دليل على نجاح أبناء الجنوب في العمل وفق هذه القواعد والسنن"، متمنية "أن تستمر مثل هذه النشاطات لتحقيق الإستدامة والفعالية والإنتاجية المرجوة".