وجد الرئيس دونالد ترامب أن لا أحد في العالم يرحب بعقوباته على إيران فتقدم ليعلن عن تطبيق الدفعة الثانية للعقوبات يوم الجمعة الماضي أي قبل ثلاثة أيام من موعد دخولها حيز التنفيذ. وبذلك شن ترامب حرباً نفسية ضد إيران. وغرّد ترامب على حسابه في تويتر أن" العقوبات آتية! " أملاً في إخافة إيران من تلك العاصفة التي ستتبع العقوبات.
ربما يجهل الرئيس ترامب حقيقة أن الشعب الإيراني يتعود على تلك العقوبات منذ 40 عاماً وليس منذ مجيء ترامب. كما أن العقوبات التي سيبدأ تنفيذها اعتبار من الغد الاثنين قد تم تطبيقها منذ أكثر من شهر من قبل الكثير من شركاء إيران التجاريين تجنباً من أي شبهة في ذلك.
فعلى سبيل المثال فإن كوريا الجنوبية أوقفت وارداتها للخام الإيراني منذ شهرين أو ثلاثة تمهيداً للدخول في المرحلة المقبلة. كما أن العراق أوقف صادرات الخام من حقول كركوك النفطية إلى إيران منذ ثلاثة أسابيع.
وكدليل واضح على أن العقوبات الجديدة لا تأتي بجديد هو أن السوق الإيراني لم تتأثر بهذا النبأ بل على العكس شهدت بورصة طهران يوم السبت إرتفاعاً ملحوظاً وأسعار العملة الصعبة لم ترتفع أمام العملة الإيرانية ما يدل على أن الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية قد تركت تأثيرها قبل دخولها حيز التنفيذ.
إقرأ أيضًا: إيران وقناة التواصل المالي الأوروبي
فالرئيس ترامب لا يختلف عن أسلافه الرؤساء الأميركيين إلا أنه يعلن عما كان أسلافه يكتمونه. إنه على غرار سابقيه يريد القضاء على الجمهورية الإسلامية ولا يخفيه. وأن إعلانه عن الإستعداد للتفاوض مع إيران إنما هي مناورة إعلامية.
إن إعفاء أميركا ثماني دول من العقوبات على إيران يظهر مدى قوة إيران ومدى زيف تهديدات الولايات المتحدة وعجزها من تحقيق أحلامها.
أميركا ترامب لم تنجح في خلق سخط الشعب الإيراني على النظام وبل على العكس دفع مواليها في إيران إلى معاداة الولايات المتحدة. إن شرائح كبيرة من الشعب الإيراني كانوا قبل مجيئ ترامب يعارضون الهتاف بشعار الموت لأمريكا ولكن تصرفات ترامب الجنونية أقنعتهم بأن أميركا هي الشيطان الأكبر وأن ثمن معارضتها أقل من التصالح معها. إن إيران تقدمت خلال المفاوضات النووية نحو التصالح مع أميركا ولكنها لا يمكن التصالح معها.
من يثق بأميركا من دول العالم؟
بالتأكيد ليس هناك إلا الكيان الصهيوني. فحتى تركيا ذاقت طعم صداقة الأميركيين خلال محاولة الجيش للإنقلاب العسكري.
ألا يحق للإيرانيين أن لا يثقوا بأميركا ويختاروا مواجهتها على التصالح معها؟