أولاً : وقف حمار الشيخ "الجبائي" في العقبة...
في رواية تحوُّل الشيخ أبي الحسن الأشعري من فرقة المعتزلة، واعتناقه مذهباً جديداً سيُصبح فيما بعد المذهب الرسمي الغالب لأهل السُّنّة والجماعة، تلك المناظرة بينه وبين أحد أهم رموز الاعتزال في زمنه الشيخ أبو علي "الجبائي"، حين طرح الأشعري على الجبائي المسألة التالية: ما تقول في ثلاثة إخوة؟ مات أحدهم طائعاً لربّه، والثاني عاصياً والثالث صغيراً؟ فأجاب الجبائي: أمّا الطائع ففي الجنّة، والعاصي في النار، والثالث في عالم البرزخ، لا يُثابُ ولا يُعاقب. فقال الأشعري: ولو احتجّ الصغير عند ربّه قائلاً: لماذا أمتّني ياربُّ صغيراً، ولم تُمكنّي لأكبر فأُطيعك لأنعم بجنّتك؟ فأجابه الله تعالى بأنّي كنتُ أعلمُ بأنّك ستعصاني، فتحرّيتُ الأصلح لك (في مذهب أهل الاعتزال أنّ الله تعالى يتحرّى لعباده الأصلح)، فقال الأشعري: فما جوابُك لو احتجّ العاصي عندها فيقول: لماذا يا ربُّ لم تُمتني صغيراً فلا أعصاك، ولا ادخل نار جهنم؟ فقُطع الجبائي ولم ينطُق، فقال الأشعري عندها: وقف حمارُ الشيخ في العقبة.
إقرأ أيضًا: وعند إبراهيم الأمين الخبر اليقين..العُنف علاج الأزمة
ثانياً : تمثيل النواب السُّنّة .. عجائب وغرائب...
عند عُقدة تمثيل النواب السّنة السّتة بمقعد وزاري في الحكومة العتيدة، وقف حمار الجميع في العقبة، لا يقوى على الصعود، ولا يقع في الهاوية، والعجيب الغريب أنّ أحداً ممّن بيده إنقاذ "الحمار" لا يُبادر إلى ذلك، ودعك ممّن افتعل العقدة لاستثمارها، فهو إنّما يقوم بما أُوكل إليه من مهام، العجيب خلُوُّ قاموس الفرقاء أجمعين من عبارة التّضحية، فيتساءل الجميع: وهل ستخرب البلاد أكثر ممّا هي خربة، لو وزّر الرئيس الحريري أحدهم من حُصّته؟ وكذلك رئيس الجمهورية؟ ألم يقل بالأمس أنّ كلّ تأخيرٍ في تأليف الحكومة يكلّف البلد الكثير، ولماذا لا يفعلها مُجدّداً الرئيس بري فيعطي من حصّته مقعداً للشاب الظريف فيصل كرامي؟ فهو أقربُ لنا (أهل الشيعة) من أهل السُّنة، ولربما اهتدى بهدي الله تعالى وتشيّع ووالى آل بيت محمد (ص)، أمّا حزبُ الله، فلا يستطيع في هذه المعظلة أن يُقدّم حلاّ، فقد وعد الجماعة بمنصب وزاري، وهو صادقُ الوعد والوعيد، ولم يُخلف أحداً منهما يوماً، ولا يستطيع أن يُضحّي في هذا المقام. وهو لطالما قدّم التّضحيات.
إقرأ أيضًا: باسيل للقوات: مش عاجبكم اطلعوا برّا..هل يجرؤ قولها لحزب الله؟
ثالثاً: تضحيات الحجاج بن يوسف الثقفي...
ترك لنا الحجاج مثالاً رائعاً في التّضحية، حبّذا لو يقتدي زعماؤنا به: كان الحجاج قد فرض حظراً للتّجول في الكوفة بعد منتصف الليل، حتى أُتي بأعرابيّ دخل المدينة قبل طلوع الفجر، فسأله الحجاج عن سبب مخالفته الشنيعة، فأجاب بأنّه قدم من البادية ليلاً، ولا يعرف بقرار حظر التّجوّل، فأطرق الحجاج مليّاً ثمّ قال: أعتقد أنّك صادق، لكن، في عقابك صلاحُ هذه الأمة.
لنفرض أنّ تمثيل هؤلاء العُصبة عقابٌ لهذه الأمة، أفلا يكون صلاحها في عقابها؟ أمّا يوجد فيكم من يقتدي بسيرة أفضل الحاكمين...زياد بن أبيه أو الحجاج بن يوسف أو المغيرة بن شعبة فيُعيّن وزيراً إضافيّاً لحزب الله، والعاقبةُ للمُتّقين.