الثابتة الوحيدة مع العد العكسي للتحضيرات الجارية للاحتفال بالذكرى الـ75، لاستقلال لبنان، وبعد أسبوع من دخول التكليف للتأليف شهره السادس، هو ان طريق الاتصالات لم تكن سالكة بعد، لمعالجة عقدة ربع الساعة الأخير، المتمثلة بمطالبة حزب الله تمثيل سنة 8 آذار في الحكومة، من حصة الرئيس المكلف.
والمعلومات حول تجمّد الاتصالات تدحض من دون أدنى اجتهاد، ما دأبت المصادر القريبة من التيار الوطني الحر على الترويج له، في محاولة للتغطية على تطوّر جديد في المشهد السياسي، يتمثل ببروز الخلاف بين الرئيس ميشال عون وحزب الله إلى العلن، وتصويرالحزب انه يخطئ بالتكتيك، واعتبار محطة O.T.V ان كلام رئيس الجمهورية في الإطلالة التلفزيونية، من ان «العقدة السنية مختلقة وغير مبررة» من انه كان «رسالة واضحة إلى ما يعنيهم أمر الوطن قبل التأليف»، من ان الكلام، يستهدف الجهة المعنية بالعرقلة، ومن ضمنها حزب الله، والنواب السنة الستة المعنيين.
ولم يخفِ النائب آلان عون وجود تباين مع حزب الله، لكن ذلك لا يعني إنهاء التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، الموقع منذ العام 2006، إلا ان تغريدة النائب العوني زياد الأسود، من كتلة لبنان القوي، حول انه لا إمكانية لحكم سيّد، ما دام له ما ينافسه بالسيادة بقوة السلاح..
وتنقل أوساط ذات صلة ان حزب الله غاضب على ما أعلن في الندوة التلفزيونية، فضلاً عن عتبه علىعدم الاستماع للنوابالسنة، على نحو ما حصل مع «القوات» أو النائب طلال أرسلان أو سوى هذين الطرفين.
ومع ان مغادرة الرئيس الحريري قبل ظهر أمس بيروت، متوجهاً إلى باريس في «زيارة خاصة» على حدّ ما أوضح المكتب الإعلامي للرئيس المكلف فإن سفره جمّد المساعي، فقصر بعبدا لم يشهد لقاءات، لا علنية ولا سرية، ولا حتى اتصالات، أو زيارات، وفقاً لما كشفته مصادر قريبة من حزب الله، خلافاً لما ذكرته مصادر بعبدا عن وجود اتصالات، من الممكن ان تتوضح صورتها في الأيام القليلة المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى ان الرئيس الحريري الذي يعود في الأيام القليلة المقبلة، سيغادر مجدداً إلى باريس للمشاركة في مؤتمر حول السلام، دعا إليه الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون.
وكانت «اللواء» اشارت إلى المؤتمر ودعوة الرئيس الحريري إليه قبل عدّة أيام.
تجميد محركات التأليف
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان سفر الرئيس الحريري المفاجئ إلى باريس، في زيارة خاصة، تعني ببساطة، ان محركات تأليف الحكومة جمدت أو أعطيت «اجازة اجبارية»، وان لا حل في الأفق، أقله في الأيام المقبلة، لعقدة تمثيل النواب السنة من 8  آذار، فيما انصرف «حزب الله»، بعدما باتت الكرة في ملعبه، إلى تقييم الوضع، لا سيما بعد موقف الرئيس ميشال عون برفض تمثيل هؤلاء النواب باعتبار انهم «فرادى وليسوا تكتلاً أو مجموعة»، إلا ان معظم أركان الحزب غابوا عن السمع، في حين كانت تجرى اتصالات «بالواسطة» مع الرئيس عون لإيجاد المخرج اللائق والممكن لهذه العقدة، بما يضمن الإسراع في تشكيل الحكومة، في وقت ذكرت مصادر المعلومات ان الرئيس عون لم يُقرّر بعد من سيكون الوزير السني من حصته، علماً ان الوزير الدرزي الثالث لن يكون من حصة رئيس الجمهورية، بل هو متفق عليه بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الوزير طلال أرسلان، ما يعني انه ستكون للرئيس عون حصة من أربعة وزراء، عدا الوزير الدرزي الثالث، بينهم مسيحيان وسني والوزير الرابع غير معروف بعد.
وأوضحت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية ان إعلان الرئيس عون رفضه توزير أحد النواب السنة المستقلين، لأنهم ليسوا كتلة موحدة، لا يعني ان الاتصالات توقفت لمعالجة هذه العقدة، بل ان الاتصالات والمبادرات لا تزال مستمرة من خلال من اسمتهم «سعاة خير» ينقلون رسائل ومبادرات بين الأطراف المعنية بملف التشكيل، والعمل جار للخروج من هذه الدوامة، معتبرة ان اعتماد «التكتيك» في التشكيل الذي تحدث عنه الرئيس عون في حواره مع الإعلاميين أمس الأوّل، لا يعني ان طرفاً معيناً لا يريد الحكومة، بل ان هناك عملية «شد حبال» بين الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة.
وقال المصادر، انه على الرغم من سفر الرئيس الحريري، فإن الاتصالات ستتواصل، معتبرة ان ما حصل ربما جمد التشكيل، لكنه لم يجمد البحث في موضوع التأليف.
وفي المعلومات، أن أياً من نواب سنة 8 آذار لم يزر قصر بعبدا، مثلما تردّد، كذلك لم يعرف اما إذا كانت الاتصالات شملت «حزب الله»، حيث تردّد أيضاً احتمال قيام وفد من الحزب برئاسة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بزيارة القصر، إلا ان مصادر الحزب نفت ذلك.
حزب الله على موقفه
وقالت مصادر موثوقة مطلعة على موقف «حزب الله» لـ«اللواء»: ان الحزب متمسك بشدة بموقفه من توزيراحد النواب المستقلين بحكم معادلة الانتخابات النيابية، وانه كان قدابلغ الرئيس الحريري والرئيس عون والوزيرجبران باسيل منذ اكثر من شهرين واكثرمن ثلاث مرات موقفه هذا، لذلك فهذه القضية ليست مستجدة ووليدة ساعتها،  بل هي مثارة منذ اشهر وتم تجاهلها لحين معالجة مسألة تمثيل «القوات اللبنانية». 
ونقلت المصادر عن قياديين في «حزب الله» قولهم: ان لا علاقة لهذا الموقف بما يثار بوجه الحزب عن سعيه للحصول على ثلث ضامن له في الحكومة او تشليح الرئيس عون او الرئيس الحريري ثلثا ضامنا يسعيان اليه، المسألة ان تمثيل النواب السنة المستقلين الستة من خارج «المستقبل» هي قضية حق، ونحن سنبقى على موقفنا حتى لو تأخر تشكيل الحكومة اياما فنحن اوفياء وصادقون مع الحلفاء والاصدقاء.
واستغربت المصادر القيادية «انتظار تشكيل الحكومة خمسة اشهر لحل مسألة تمثيل «القوات» وعدم انتظار حل مسألة تمثيل النواب السنة المستقلين اياما قليلة»؟ وقالت: غير صحيح ان «حزب الله» يريد تطويق الرئيس الحريري او تعجيزه او إحراجه لإخراجه، والا لما كان عمل منذ بداية الطريق على تسميته لتشكيل الحكومة وعمل على تسهيل التشكيل.
واوضحت المصادر ان موقف الحزب ليس موجها الى احد، لكن فيصل كرامي وجهاد الصمد وعبد الرحيم مراد واسامة سعد لهم حق بالتمثيل في الحكومة حتى لو لم يكونوا ضمن تكتل واحد، لأنهم يمثلون شريحة سنية كبيرة ولم يأتوا بأصوات الشيعة في مناطقهم.
وعما تردد عن ان الحزب سيعرقل تشكيل الحكومة اذا لم يتم توزير احد النواب السنة المستقلين، قالت المصادر: انها ليست عرقلة بل تمسك بمطلب حق.
وحول القول ان الكرة الان باتت في ملعب «حزب الله»، قالت المصادر: انها في ملعب من يصدر مراسيم تشكيل الحكومة ولسنا نحن من يُصدر مراسيم التشكيل.
وعن رأي الحزب بموقف الرئيس عون الرافض لتوزير هؤلاء النواب؟ قالت المصادر: «ان الرئيس عون عبّر عن رأيه والحزب ايضا عبر عن رأيه، وهذا لا يعني ان هناك خلافاً بيننا وبينه، فهو ما زال حليفاً وصديقاً كبيراً وتحصل اختلافات بوجهات النظر بين الحلفاء».
ونفت المصادر اتهام الحزب بأنه يحاول تأخير تشكيل الحكومة بسبب العقوبات الأميركية عليه وعلى إيران، معتبرة انه بالعكس، فإن العقوبات المرتقبة سبب أساسي يدفعنا لطلب تسريع تشكيلها.
مناورة أم استحقاقات خارجية؟
غير ان مراقبين ينظرون بعين الريبة إلى ما آلت إليه عملية تأليف الحكومة، يرون ان تمسك الثنائي الشيعي بتمثيل السنة المعارضة في الحكومة يندرج في إطار من اثنين: إمّا أن يكون مناورة لتضييع الوقت بانتظار ما ستؤول اليه الانتخابات النصفية الأميركية وانعكاسها على السياسة الخارجية لواشنطن تجاه طهران مع قرب الدفعة الثانية من العقوبات التي ستطال أيضا شخصيات جديدة في حزب الله، وإمّا تعبيرا عن تحفّظ على شكل الحكومة الحالية لا سيما بعد التسوية التي قام بها الرئيس عون مع النائب السابق جنبلاط والتي قد تمنحه بشكل غير مباشر ثلثا معطّلا في الحكومة، إذا ما سمّى شخصية درزية من حصّته تكون أقرب الى الوزير إرسلان. 
لكن هؤلاء يفضلون التحليل الذي ستؤول إليه التطورات الخارجية على مسار تأليف الحكومة, بدءاً من الانتخابات الأميركية، وصولاً إلى ما يُحكى عن رغبة أميركية شديدة بإنهاء الحرب في اليمن، تمثلت في اليومين الأخيرين بالتصريحات الأميركية الواضحة لوزيري الدفاع والخارجية بضرورة جلوس الأطراف المتنازعين الى طاولة المفاوضات بعد الفشل الذي ألمّ بها في شهر أيلول الفائت، وكأنّ وقت التسوية في هذا البلد قد حان بالتوازي مع أفول الحرب في سوريا وتسوية الأوضاع السياسية في العراق، ومسار صفقة القرن في فلسطين المحتلة.
إلى ذلك، ذكرت مصادر «اللقاء التشاوري» للنواب السنة المستقلين، ان هناك استحالة لولادة حكومة من دون هؤلاء السنة، حتى ولو قرّر الحريري البقاء مكلّفاً حتى نهاية العهد». والمسالة الآن بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعد حريري اللذين يتوجب عليهما مراجعة الأرقام التي أنتجتها الانتخابات النيابية والحجم التمثيلي للنواب السُنة في كلّ لبنان، كما العودة إلى المعايير التي على أساسها تم تشكيل الحكومة الإفتراضية التي لا يتمثل فيها السُنة المستقلون، وعندها سيكتشفان بأنّ المعيار المُتَّبع ينطبق علينا أكثر مما ينطبق على جهات أخرى ممثلة في الحكومة».
 واكدت المصادر «نحن جبهة سياسيّة قائمة منذ منتصف حزيران وليست طارئة، ولم تعمد الى تجميع أعضائها في اللحظة الأخيرة كما يقال».
سجال تويتري
وفي هذ الصدد، طرأ سجال عنيف عبر «تويتر» بين جنبلاط والنائب فيصل كرامي، على خلفية سؤال الأوّل عمن يمثل هؤلاء النواب المستقلين، موجهاً في المناسبة تحية للنائب اسامة سعد على موقفه الممتنع عن الدخول في عملية التوزير.
وقال جنبلاط في تغريدته: «‏يبدو ان اخبار لبنان وصلت الى بغداد فأخذ العراقيون يبحثون في شارع المتنبي عن كتاب حول السنة المستقلين والبعض الآخر وجد التقرير الاخير للبنك الدولي عن لبنان .انه مخيف فهل قرأه السنة المستقلون. بالمناسبة مستقلون عن من؟». 
ورداً على جنبلاط غرد النائب كرامي، على حسابه على تويتر، فكتب: «عم تتهضمن يا بيك»؟!السنة المستقلون الذين اعجزك ايجاد تعريف لهم لدرجة الذهاب الى بغداد والبحث في شارع المتنبي عن الكتب، هم السنة اللبنانيون الذين لم يكونوا تابعين لتشكيلة من الدول الاجنبية والعربية خلال تاريخهم السياسي.
أضاف، غامزاً من قناة جنبلاط: «السنّة المستقلون هم السنّة اللبنانيون الذين لم يتورطوا في حروب المذابح والفرز المذهبي الذي حوّل لبنان الى فيدرالية طوائف، وهم الذين لم يستقبلوا شيمون بيريز في قصورهم ولكنهم ماتوا اغتيالاً في دفاعهم عن عروبة لبنان، وهم الذين لم ينهبوا المال العام بشراهة غير مسبوقة اوصلتنا الى تقرير البنك الدولي المرعب والخطير الذي تتحدّث عنه». 
تحية الى روح المناضل الكبير «سلطان باشا الاطرش».
الكهرباء وتلوث جونية
في غضون ذلك، بدا ان لبنان مهدد بالعتمة الكاملة، بسبب النزاع القائم بين وزارتي الطاقة والمال بصرف السلفة التي طلبتها وزارة الطاقة، للوفاء بالتزاماتها تجاه الشركة الجزائرية التي تؤمن الفيول لمؤسسة الكهرباء، فيما أعلن ان مجموعتين في معمل الذوق توقفتا أمس عن العمل، في حين ان معملي الحريشة والذوق القديم مهددان بالتوقف، الأمر الذي من شأنه ان يغرق كافة المناطق اللبنانية بالظلام، علماً ان مؤسسة الكهرباء، بدأت اعتباراً من أمس، تطبيق نظام من التقنين القاسي للتيار في العاصمة والمناطق بمعدل 12 ساعة في اليوم.
وذكرت مصادر وزارة الطاقة، انها أجرت اتصالات مع الشركة الجزائرية «سوناتراك» لتأمين وصول الفيول لمؤسسة الكهرباء، على ان يتم صرف الاعتمادات لها لاحقاً.
يُشار الى ان الوزارة كانت طلبت سلفة مالية بـ638 مليار ليرة، بموجب مرسوم، لكن وزارة المال اعترضت على أساس انه لا يجوز صرف السلفة بمرسوم، لأن صرف أي مبلغ يفوق الاعتمادات المقررة يحتاج إلى قانون، وهو أمر غير متاح إلا إذا انعقدت جلسة تشريعية، لا يبدو موعد انعقادها ملحوظاً في الأفق القريب.
في هذا الوقت، تداعى نواب كسروان إلى اجتماع يعقد السبت لمتابعة ما ورد في تقرير منظمة «غرينبيس» الدولية، من ان مدينة جونية حلت في المرتبة الخامسة عربياً والـ25 عالمياً بين المدن الملوثة، بسبب الدخان المنبعث من مداخن معمل الكهرباء في الذوق.
ودعا نائب كسروان فريد هيكل الخازن وزير الطاقة سيزار أبي خليل إلى تحمل مسؤوليته في هذا الموضوع، فيما سأل النائب شامل روكز، خلال مؤتمر صحفي عقده في مجلس النواب عن أسباب عدم اتخاذ الوزارة المعنية الخطوات المطلوبة من أجل استبدال الفيول اويل المستخدم في معمل الذوق بمادة الغاز، على الرغم من الإجماع على كون ذلك يُخفّف من الفاتورة الصحية ويقلل من كلفة تشغيل معامل الكهرباء ويزيد من انتاجية المعامل بنسبة 15 إلى 20 في المئة؟
على ان اللافت في الموضوع، بحسب ما ورد في ردّ الوزير ابي خليل، قوله ان مناقصة تحويل إنتاج الكهرباء بواسطة الغاز، لن تنتهي قبل سنة تقريباً، بما يُؤكّد ان المعالجات لن تكون متاحة لإنقاذ مدينة جونية من التلوث قبل سنة، وبالتالي فإن على المواطنين ان يتحملوا التلوث في صحتهم سنة أخرى من المعاناة.