يوما بعد يوم تتكشف حلقات التعقيد الحكومي . فبعد عقدة القوات اللبنانية، وعقدة الدرزي الثالث،ها هي عقدة السني المعارض تطل برأسها لتسقط القناع الذي يختبئ وراء عدم تشكيل الحكومة العتيدة منذ أكثر من خمسة أشهر مضت، ولتكشف موقع العقدة الجوهرية: العقدة ليست داخلية انما خارجية بحت ومرتبطة بالوضع الاقليمي والدولي ،هكذا تقول مصادر سياسية متابعة للمسار الحكومي. كما تضيف المصادر السياسية نفسها ان كل ما يثار حول عقد داخلية تمنع التشكيل ليس سوى "ابرة في كومة قش" خصوصاً في ظل الوضع الاقليمي المأزوم والمرتبط بالتسويات التي قد يفرج عنها في مدى زمني ليس بعيد، عبر اخراج اما في المناطق التي تشهد اشتباكات او في مناطق اخرى فيها حرب ناعمة.
وهذه الاجواء ليست مؤاتية بطبيعة الحال لتأليف حكومة في لبنان، واي حكومة، تضيف المصادر السياسية في وقت كل الاطراف السياسية التي لها علاقة بالتأليف لديها ارتباطات بالخارج، وهو ما يؤكد ان العقدة السنية هي بدعة او اختراع والا لماذا عدم الدخول بالتسميات والابقاء على العموميات ورفع السقف بضرورة ان يكون في التركيبة الحكومية سني معارض.
وعليه، فان المصادر السياسية تختم جازمة بانه في ظل هذا الواقع لا تأليف سريع ولا مفاجآت خصوصا انه لا يمكن في المرحلة الراهنة تأليف "اي" حكومة امام كل هذه المعطيات على اي حال في كل الحسابات تختم المصادر السياسية نفسها سواء الداخلية الدقيقة او في حسابات المنطقة، اطارالحكومة لن يتبلور في الوقت الراهن.وما يؤكد صوابية قراءة تلك المصادر طبيعة المفاوضات المرتبطة بالتأليف . بحيث أن الموضوع لم يقف عند حدود عقدة تمثيل في الحكومة لهذه الشريحة أو تلك، فما إن تُذلَّل عقبة، حتى تولد عقدة جديدة بسحر ساحر. وما إن تذللت عقدة تمثيل القوات، حيث كان من المتوقع أن تسلك الحكومة طريقها إلى الولادة، حتى ظهرت عقدة تمثيل النواب السنّة من خارج كتلة المستقبل، والتي طُرحت بشكل يعيق أي ولادة للحكومة من دونهم بعد الموقف الصارم من قبل “حزب الله الداعم لهم.
إقرأ أيضا : الرئيس القوي والدولة الضعيفة
وهنا من الصعب الإفتراض، حتى في أعلى مرتبة من الرحابة، أن "حزب الله" اكتشف أخيراً أهمية الديموقراطية في الاحتكام إلى آراء الناس وإراداتهم لرسم السياسات والسَّير على اساسها.. أو أنه صار يحترم آليّة صناديق الاقتراع للوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها وقرّر تبعاً لذلك أن يضرب قدمه في الأرض ويطلب تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة العتيدة!
العارفون بأمور الحزب وبالآلية التي ينتهجها لفرض إرادته، يدركون أنّ مطلبه الفجائي في اللحظات الأخيرة، كان حجّة لفرملتها "لغاية في نفس يعقوب"، لأنّ الحزب الذي لم يأبه لإسقاط أعراف وقوانين متجاوِزاً صلاحيات الرئيس المكلف ورئيس الجمهوريّة، معلناً رفضَه قيامَ حكومة لبنانية دون تمثيل سنّة المعارضة، لا تستوقفه مؤسسات وآليات عمل ولا اللوم ولا العتب. ليطرح الواقع المفروض تساؤلات مثيرة للقلق؟