سيدي القاضي، أقف أمامكم اليوم بعد أن مَللت البراءة وأنا ظالم... فقد أعطيت شيكاً بلا رصيد لأحد العاملين معي، وهو ما زال يركض في قاعات المحاكم منذ أكثر من 10 سنوات ولم يحصّل ليرة واحدة من حقّه.
استوليت على قطعة أرض إبن عمّي من غير وجه حقّ، وأنا أزرعها وأعيش من مواسمها منذ عام 1991 وهو لا يزال ينتظر حكماً يعيد له حقّه من يومها.
أسرق كهرباء الدولة ومياهها أبّاً عن جدّ، ولم يصلني أبداً تبليغ قضائي يُثنيني عن وقاحتي وقلّة ضميري. بعت شقتي لأكثر من 6 أشخاص يحاولون بناء عائلة بأساسات من دين وقهر، وأخطّط بحريتي لتكرار فعلتي قريباً...
وبالأمس، قتلت زوجتي بدم بارد بعد أن أمعنت في ضربها وتعذيبها بكل أدوات المطبخ، مباشرة بعد أن سمعت بصدور حكم البراءة بحقّ الزوج المتّهم بقتل رلى يعقوب بعد 5 سنوات على سجنه.
سيدي القاضي، أعلم أنكم ستحكمون بالعدل في كلّ الجرائم التي ارتكبتها، وسيأتي يوم ستعاقبونني فيه على أفعالي... لكنني أقف اليوم أمامكم لأطلب من حضرتكم إزالة القليل من الغبار عن كتب القانون اللبناني وتحديثه ليشبه عصرنا، والكثير من الوحول عن بيروقراطية سَمجة وآلية تنفيذ شاقة، تفرّق بين صاحب الحق وحكمه بالسنوات وتقرّب بين المجرم وتاريخ حريته بالساعات.
سيدي القاضي، هل تسمحون بتعليق مشنقتي حالاً في أي ساحة تريدون، وتجعلون منّي عبرة لكلّ المُعتدين على القانون والسارحين بجرائمهم في مجتمع نخاف يوماً بعد يوم أن يشبه المجرمين وليس الأبرياء...
هل تسمحون بتعليق مشنقتي حتى تمنعوا قتل رلى يعقوب مرّتين، وحتى ترتاح جميع النساء اللواتي يمتن يومياً على نار هادئة فوق أسرّة من حرير، وعلى بلاط من رخام، وفي ديكورات من خشب.
هلّا تتكرّمون عليّ وتأمرون بشنقي حتى تنصفوا جميع الواقفين في كوريدورات المحاكم وقصور العدل وهم يموتون من انتظار أحكام يستحقونها منذ اليوم الأول...
سيدي القاضي، اللبناني فقد أمله بالسياسة، وفقد أمله بالأمن والاسقرار، وفقد أمله بالاقتصاد والسياحة، فقد أمله ببيئته وصحّته وراحة باله، وليس معلّقاً سوى بمطرقة قاض تَمسح دموعه من ظلم الفاسدين والمجرمين والسارقين...
وأنت يا رلى لا تحزني، فالذي قتلك، سواء كان الذي خرج من السجن أو الذي لم يدخل السجن أصلاً، يسرح في مجتمع يشبهه...
وأمّا الأبرياء فيتضرّعون إلى العدل حتى يرتاحوا من ميتاتهم اليومية، أملاً في عيش يوم معك في المكان الذي يشبههم.