العارفون بأمور الحزب وبالآلية التي ينتهجها لفرض إرادته، يدركون أنّ مطلبه الفجائي في اللحظات الأخيرة، كان حجّة لفرملتها «لغاية في نفس يعقوب»، لأنّ الحزب الذي لم يأبه لإسقاط أعراف وقوانين متجاوِزاً صلاحيات الرئيس المكلف ورئيس الجمهوريّة، معلناً رفضَه قيامَ حكومة لبنانية دون تمثيل سنّة المعارضة، لا تستوقفه نداءات الإستغاثة ولا اللوم ولا العتب. ليطرح الواقع المفروض تساؤلات مثيرة للقلق؟
- مَن كلّف الحزب الأقوى شيعيّاً بتحصيل حقوق السنّة المعترضين؟
- هل يحق لـ«حزب الله» الإعلان عن توقّف تشكيل حكومة؟
والسؤال الأبرز: «هل بدأت أزمةُ ثقة بين الحزب والعهد؟
هل حصّل العهد الثلث المعطّل؟
مصادر مطلعة تلفت الى سيناريو الحسبة السياسية الوزارية الجديدة التي وافق الرئيس عون فيها على إسم الدرزي الثالث والتي ترجّح حصول الرئيس مع «التيار الوطني الحر» على 11 وزيراً رغم أنّ ولاء الشخصية الدرزية المطروحة هو أيضاً لإرسلان ولحليفه الأساس «حزب الله»!.
الأمر الذي ربما دفع الحزب الى التريّث إن لم نقل التشكيك، ففرمل تشكيل الحكومة لإعادة «صياغتها حسابيّاً» «صفراء أصليّة» مكفولة ولا «صفراء صينية» غير مكفولة. فاحتمالُ حصول العهد مع باسيل على الثلث المعطّل ولو كان احتمالاً ضئيلاً، لا يستسيغه الحزب فاستعان بالعقدة «الأضعف» أي العقدة السنّية التي لم يستشرس قبلاً لتحصيل حقوقها. أمّا عتب فيصل كرامي على الحلفاء واعتراف «حزب الله» برضاه عن حصة الثنائي الشيعي خير دليل على ذلك.
«الإشتراكي» يستبعد
مصادر الحزب الاشتراكي تستبعد ما يُطرح من احتمال مضاعفات توزير الشخصية الدرزية على حساب العلاقة بين العهد والحزب، وتقول إنّ الثلث المعطّل موجودٌ أساساً ضمن فريق العهد و«حزب الله»، ونظرية الفصل بين الفريقين ليست صحيحة.
فإذا كان الحزب يريد إسقاط الحكومة يمكنه ذلك، ولو حصل الرئيس على الثلثين لا على ثلث واحد. فليس هو مَن يستطيع التعطيل بل الحزب ولو لم يمتلك الثلث. وتضيف المصادر أنّ اللقاء السنّي المستقلّ حمّل مسؤولية تمثيله الرئيس الحريري فقط وليس رئيس الجمهورية.
وتتساءل تلك المصادر إذا كان «حزب الله» يريد الإسراع في تشكيل الحكومة لمواجهة العقوبات فمّن يقول إنّ حكومة تصريف الأعمال لا تناسبه أكثر؟ ومَن يقول إنّ التشكيلة الحكومية الجديدة تُرضي طموحه؟
وفي وقت يتساءل المتابعون إذا كان الحزب يحتمل العقوبات الآتية دون سند الحكومة الشرعية، يلفتون أيضاً الى أنّ أيَّ خيارات وزارية تحوم عليها شكوكٌ مستقبلية ولا تصبّ كلّياً في مصلحة الحزب، هو في غنى عنها، مذكّرين بإشارتين:
- رفض السيّد نصرالله تحديد مهلة زمنيّة للتشكيل.
- إستغلال الحزب إحراج السعودية والرئيس المكلّف لتحسين شروطه.
والسؤال الاهمّ ما الذي يناسب «حزب الله» في المرحلة الحالية حكومة تصريف أعمال أم حكومة شرعيّة ثقيلة حريرياً؟
أما بالنسبة الى شكوك الحزب بولاء الوزير الدرزي الثالث فتقول أوساط متابعة إنّ «إعلام» «الحزب» و»التيار الوطني» اختار تسليط الضوء على مكان آخر وإبقاء العقدة في ملعب الحريري رغم أنّ الكرة ما زالت في ملعب عون، فيما برزت أيضاً محاولة جديدة لتحميل القوات العرقلة عبر اعتراضٍ رئاسيّ على هويّة ومذاهب بعض وزراء القوات.
سترتدّ عليه!
المصادر نفسُها تلفت الى أنّ سيناريوهات التعطيل تتوالى لإبعاد الضوء عن المعرقل الفعلي في حين يبرز تعاطفٌ مع الحريري كالّذي ساد لدى عودته، وينعكس سلباً على السنّة المعترضين.
أما عن إصرار المعارضة السنّية فتقول مصادر «المستقبل» إنّ فيصل كرامي لا يخدم مصالح السنّة بل مصالح «الحزب»، لافتةً الى أنّ إصرار كرامي على تمثيل سنّة المعارضة خطأٌ مكرّر هو غيرُ قادر على تحمّل تبعاته بعد تصاعد التعاطف السنّي مع زعيم الطائفة الأوّل.
وتضيف «على رغم يقيننا أنّ الأمر لا يهمّه بل يهمّه الوصول الى السلطة لشراء تلك الشعبية من جديد بعدما استطاع كسبَ الانتخابات بفضل دعم «الحزب» مستفيداً من القانون النسبي.
كما تعتبر مصادر «المستقبل» أنّ «كرامي نائبٌ لـ«حزب الله» وليس للسنّة، وإصراره سيرتدّ عليه كالعادة شعبياً، وهو مسؤول تجاه الحزب وليس جمهور السنّة، ولا يمون عليه سوى حسن نصرالله والأقلّ تراتبيّةً منه في «حزب الله».
أما عن استمرار صمود الرئيس الحريري فتؤكد مصادر المستقبل: «الحريري سيصمد لأنّ عدمَ صموده انتحارٌ سياسي».