تدخل اليوم السنة الثالثة من عهد الرئيس ميشال عون، و″حكومة العهد الأولى″ لم تبصر النور بعد، في وقت ذهبت فيه كل المهل والمواعيد التي أعطاها الرئيس المكلف سعد الحريري أدراج العقد التي تتوالى فصولا، وآخرها ″العقدة السنية″ التي وضعت العصي في دواليب قطار التأليف الذي كان من المفترض أن ينطلق بعد حل عقدة القوات اللبنانية من بيت الوسط الى قصر بعبدا لاصدار المراسيم.
لا يبدو في الأفق حل سريع لتمثيل سنة 8 آذار في الحكومة، فرئيس الجمهورية ميشال عون غير مستعد للتخلي عن وزير سني من حصته لهؤلاء، وهو رمى الكرة في ملعب الرئيس المكلف طالبا منه بذل الجهود لحل العقدة السنية على غرار الجهود التي بذلها من حل العقدة القواتية، والرئيس سعد الحريري يرفض رفضا قاطعا تمثيلهم من حصته، وقد حاول أمس خلال لقائه الرئيس عون التفتيش عن مخرج يحفظ ماء وجهه عبر إقناعه بأن يبادر الى حل هذه العقدة، لكنه عاد الى بيت الوسط خالي الوفاض، في وقت يصر فيه حزب الله على تمثيل النواب السنة المستقلين، ملتزما بالوعد الذي قطعه لهم، ومؤكدا في الوقت نفسه أن ″لا حكومة من دون تمثيلهم وليتحمل الرئيس الحريري مسؤولية خياراته، وعدم مراعاته لنتائج الانتخابات على الصعيد السني″.
يستشرس الحريري حتى الآن في رفض توزير سنة 8 آذار من حصته، ويردد تهديده عبر مقولة: ″فتشوا عن غيري″، لكن الحريري نفسه يعلم وكذلك التيارات السياسية الأخرى بأن هذا التهديد من دون طائل وغير قابل للترجمة، فلا الحريري مستعد للاعتذار وترك رئاسة الحكومة التي قدم في سبيلها كل التضحيات والتنازلات، ولا الأطراف السياسية الأخرى مستعدة للتخلي عن الحريري في الوقت الراهن بمن فيهم حزب الله الذي لا تخفي قياداته إنسجامها معه وصولا الى الاشادة بآدائه.
لكن في الوقت عينه، فإن ما يحصل بدأ يضرب هيبة الحريري وحضوره، ويعرّض رصيده للتآكل في شارعه، ما دفع إعلام تيار المستقبل الى إغراق وسائل التواصل الاجتماعي بالفيديوهات التي تتضمن أغان خاصة للحريري ومواقف سابقة له، فضلا عن بذل مجهود في إظهار نسب الأصوات التي نالها أعضاء اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين، والتي لن تجدي نفعا مع إصرار حزب الله على تمثيلهم في الحكومة.
لا شك في أن ما شهده يوم أمس من مشاورات، أعطى النواب السنة المستقلين دعما إضافيا، خصوصا الموقف العلني من حزب الله بدعمهم على لسان المعاون السياسي حسين خليل، وكذلك الدعم الذي تلقوه من الرئيس نبيه بري الذي إكتفى بالكشف عن أنه نصح الحريري بعدم التهاون بهذه العقدة من دون أن يدخل على خط إيجاد الحلول.
وتشير مصادر اللقاء التشاوري لـ ″سفير الشمال″ الى ″أن نوابه باتوا أكثر إطمئنانا بأن لا حكومة من دون تمثيلهم، لافتة الى أننا غير مستعجلين، فليفتشوا عن الحل الذي يرونه مناسبا، خصوصا أن هناك شريحة واسعة من المواطنين أعطت أصواتها في مواجهة تيار المستقبل، لن ترضى بأن تكون الحصة الوزارية كاملة من حصته، لأن ذلك من شأنه أن يضرب نتائج الانتخابات بعرض الحائط″.
أما مصادر تيار المستقبل فرأت أن ″الحريري يدافع عن حضورة وعن وجوده، وعن علاقاته مع القوى السياسية الأخرى محليا وإقليميا، وهو غير مستعد أن يعطي وزيرا إضافيا لحزب الله من حصته، ومن يريد أن يمثل سنة 8 آذار فليعطيهم من حصته، لأنه من غير المعقول أن يسمي الحريري وزيرا يعلن معارضته له علنا، و”يُنكّد” عليه في مجلس الوزراء″.
وتوقعت هذه المصادر أن ″يتأخر تأليف الحكومة أسبوعا على الأقل الى حين إيجاد حل يرضي جميع الأطراف″.
يمكن القول إن الحكومة وصلت فعليا الى الطريق المسدود، في ظل تمسك كل طرف بموقفه، وفي الوقت الذي يُستبعد فيه حتى الآن أية عملية مقايضة بين الثنائي الشيعي مع رئيس الجمهورية، يلوح في الأفق ثلاثة حلول هي: إما أن يتراجع الرئيس ميشال عون عن موقفه، أو أن يتراجع الرئيس سعد الحريري، أو أن يتراجع حزب الله، وإلا فإن الأزمة مرشحة لأن تطول..