لم ينجح حزب «القوات اللبنانية» بعد نحو 6 أشهر من شد الحبال في عملية تشكيل الحكومة، بتحسين حصته الوزارية كماً ونوعاً. فالحزب الذي كان ممثلا بـ8 نواب في المجلس النيابي السابق تمكن من مضاعفة عدد نوابه تقريبا في الانتخابات النيابية الأخيرة التي حصلت في مايو (أيار) 2018، وباتت كتلته النيابية تضم 15 نائباً، إلا أنه لم يستطع ترجمة «انتصاره النيابي» هذا وزارياً، بعدما وافق مؤخرا على أن تبقى كتلته الوزارية مقتصرة على 4 حقائب، هي نيابة رئاسة الحكومة، وزارة الثقافة، الشؤون الاجتماعية، العمل، بعدما كان وزراؤه الثلاثة (غسان حاصباني، ملحم الرياشي، بيار أبو عاصي) يشغلون في الحكومة التي تحولت أخيراً إلى تصريف الأعمال وزارات الصحة، والإعلام، والشؤون الاجتماعية، إضافة إلى نيابة رئاسة الحكومة.
وكان رئيس «القوات» سمير جعجع يسعى للحصول على 5 حقائب وزارية، بينها حقيبة «سيادية»، أي الدفاع أو الخارجية أو الداخلية أو المالية، لكن المفاوضات الماراثونية انتهت بحصوله على 4. كما أن إصرار رئيس الجمهورية على وزارة الدفاع، و«التيار الوطني الحر» على الخارجية، إضافة إلى تمسك «الثنائي الشيعي» بالمالية، وتيار «المستقبل» بالداخلية، جعله يقبل مجدداً بنيابة رئاسة الحكومة. كذلك جهد جعجع للحصول على إحدى الوزارات الأساسية، فلم يتمكن إلا من الفوز بوزارة العمل، مع تمسك الرئيس عون بـ«العدل»، وباقي الفرقاء بالوزارات الأخرى، سواء الأشغال التي ستكون من حصة «المردة» أم الطاقة التي ستبقى من حصة العونيين، أم الاتصالات التي ستكون من حصة «المستقبل».
وأشار نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال غسان حاصباني الذي سماه حزب «القوات» مجددا لنيابة رئاسة مجلس الوزراء، إلى أنه «لا معارضة وموالاة في المرحلة الحالية التي تحكمها الديمقراطية التوافقية»، مشددا على أن «الجو الراهن هو جو عمل سياسي مشترك يقوم على تحمل كل الفرقاء مسؤولياتهم نظراً لدقة المرحلة وحساسيتها».
وقال حاصباني لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أنه لم يتم التعامل معنا كما الآخرين، مقارنة بحجم نمو الكتلة النيابية، لكننا كنا في النهاية أمام خيارين، إما المشاركة بالحكومة ونكون فاعلين، كما أثبتنا في التجربة الماضية، وإما الاعتراض من خارج الحكومة، وهو ما لا يبدو فعالا في هذه المرحلة».
ولفت حاصباني إلى أن «وزراء (القوات) نجحوا في الحكومة التي تشكلت بعد الانتخابات الرئاسية عام 2016 في وقف بعض الأمور وساهموا بتطوير أمور أخرى، ما جعلهم قيمة إضافية، لذلك اعتبرنا أن مشاركتنا في الحكومة الجديدة واجب علينا؛ لأن الاعتراض من الداخل أثبت جدواه». وأضاف: «هناك قرارات أساسية سيتخذها مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة وأعمال إصلاحية كبيرة مرتبطة بمؤتمر (سيدر)، لذلك وجودنا سيساهم بتحسين شروط نجاح الإصلاح».
ولطالما اعتبر موقع نائب رئيس الحكومة موقعاً له رمزيته، وإن كانت مهامه محدودة. وقد شدد رئيس الجمهورية مؤخرا على أن هذا الموقع يتوجب أن يكون دائما من حصة رئيس البلاد، إلا أنه قرر التنازل عنه مرة جديدة لـ«القوات». واعتبر حاصباني أن وجوده على رأس وزارة الصحة ونائبا لرئيس الحكومة في آنٍ واحد، أدى إلى تغييب الإصلاحات، والدور الذي لعبه في نيابة الرئاسة، معللا: «نظرا لكوني كنت أعمل بفعالية كبيرة في الصحة حيث أدخلنا إصلاحات كبيرة لها وقع مباشر على حياة الناس»، وقال: «لكنني في الوقت عينه كنت أقوم بحركة كبيرة كنائب رئيس حكومة، من خلال ترؤسي لجنة المشاريع الأساسية للمناطق كافة، التي رصدت حاجات 1200 منطقة وشكلت ورشة العمل للتحضير لمؤتمر سيدر، أضف إلى ذلك أنني تابعت عمل اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة وترأست وفد لبنان إلى نيويورك، وأيضاً ترؤسي عدداً من اللجان الوزارية لمتابعة القوانين التي تعمل عليها الحكومة». ويرى حاصباني أن تفرغه لنيابة رئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة سيسمح له بالعمل على مزيد من الإصلاحات مع رئيس الحكومة، وبتوجيهات منه، قائلا: «باعتبار أن دوري سيكون دور المعاون والداعم له للإسراع في بت الملفات ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وغيرها من الملفات».