لا حكومة قريباً. هي الخلاصة التي خرج بها كل الأطراف أمس، في ظل إصرار المعنيين بحل عقدة تمثيل سُنّة المعارضة، أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وحزب الله، كل على موقفه. وهي الخلاصة التي ثبّتها اللقاء المسائي «غير المعلن»، الذي جمع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في قصر بعبدا أمس. رئيس الجمهورية يرفض أن يتمثل هؤلاء من حصته، وحزب الله مصرّ على احترام نتائج الانتخابات النيابية ووحدة المعايير، فيما رئيس الحكومة لا يزال عند المربع الأول، رافضاً، حتى يوم أمس، تقبّل جلوس سُنّة المعارضة معه على طاولة مجلس الوزراء، وهو ما يتضح من خلال استخفافه بمطالبهم، إلى حد عدم قبوله اللقاء بهم منذ الاستشارات النيابية التي عقدها في المجلس النيابي بُعيد تسميته. وعلمت «الأخبار» أن الحريري أبلغ عون أمس بأن تمثيل نواب سُنّة 8 آذار «مستحيل من حصّتي». وقال الحريري: «في السابق، احتسبوا فيصل كرامي وجهاد الصمد في تكتل (النائب السابق سليمان) فرنجية. وبعد ضمان الأشغال للأخير، صار كرامي والصمد في كتلة النواب السُّنّة المستقلين». ويتمسّك الرئيس المكلّف برفض أي معايير لاحتساب عدد وزراء الكتل النيابية، قائلاً: «أنا المكلَّف تأليف الحكومة، ولا أحد يفرض أي معايير عليّ».

وبعد أن أشيع أول من أمس أن الحريري واجه العقدة الأخيرة أمام التأليف، بالقول: «فتشوا عن غيري»، وصلته إشارات عديدة تؤكد تمسك الجميع به رئيساً للحكومة. لكن حزب الله كان يلفت إلى أن من انتظر القوات لخمسة أشهر، لم يهدد خلالها يوماً بالانسحاب، كيف له أن يهدد بالاعتذار بعد يوم واحد من تيقنه من جدية مطلب تمثيل المعارضة السُّنية؟
أما بعد أن انتهى مفعول التهديد الحريري، فقد انتقل البعض إلى الإيحاء أنه بعد حلّ عقدة القوات، لم يعد الرئيس المكلف تحت الضغط من جراء تأخير الحكومة، وبالتالي فإن الحل عند رئيس الجمهورية وحزب الله، وهما الأكثر تعرضاً للضغط، وخاصة حزب الله، الذي أصرّ على تمثيل هؤلاء بعد أن حلت كل العقد.
في المقابل، يبدو حزب الله مطمئناً إلى أن الحريري يدرك أكثر من غيره أن الحزب وحركة أمل كانا أكثر من سهّل التأليف منذ اليوم الأول، من خلال خفض سقف مطالبهما إلى الحد الأدنى. أما الإشارة إلى وضع الحزب تحت الضغط، فلا تشكل بالنسبة إليه هاجساً فعلياً، ولا تجعله يقدم يتنازل عن المطلب الذي أبلغه للحريري منذ اليوم الأول للتأليف. وتذكّر مصادر مطلعة بأنه أثناء التشكيل كان الحزب يُتهم حيناً بعدم رغبته في تشكيل الحكومة بانتظار تثبيت الانتصار في سوريا، وانعكاسه على لبنان، وحيناً برغبته في الإسراع بتشكيل الحكومة لمواجهة العقوبات الأميركية عليه وعلى إيران، فيما الواقع يشير إلى أنه لا يزال هنالك عقدة بسيطة بحاجة إلى الحل، وعلى رئيس الحكومة المكلف أن يجد لها هذا الحل، أسوة بما فعل مع عقد التمثيل المسيحي والتمثيل الدرزي وحقيبة الأشغال. أما التوقيت، فلا يزال من المبكر الحديث عنه، في ظل اللاءات المرفوعة حالياً التي تؤخر البدء ببحث جدي عن الحلول.


وتأكيداً لموقف أمل وحزب الله الداعم لحصول سُنّة المعارضة على مقعد وزاري، استقبل الرئيس نبيه بري، أمس، وفد «لقاء النواب المستقلين» الذي ضم: فيصل كرامي، جهاد الصمد، عدنان طرابلسي والوليد سكرية، وغاب عنه عبد الرحيم مراد وقاسم هاشم بسبب السفر.
وأكد سكرية، بعد اللقاء، «موقفنا الثابت في حقنا بوزير من السُّنة المستقلين وفقاً لنتائج الانتخابات». ونقل عن بري تأكيده أنه «لا بد من تمثيل هذا اللقاء المستقل بوزير في الحكومة، والمسألة هي عند رئيس الحكومة أن يوجد الحلول لذلك».
وبعد لقاء بري، زار الوفد المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الحاج حسين الخليل، الذي قال بعد اللقاء: «هناك مطلب محق لهم ولشريحتهم، وهم لا يأخذون من حصة أحد، بل من حصة من انتخبهم، ونعتبر أن مطلبهم محق وسنقف إلى جانبهم».
ورداً على سؤال، عن قول الرئيس سعد الحريري: «فتِّشوا عن غيري»، قال الخليل: «الأمر غير مطروح لدينا». وأضاف: «العقدة، أو ما تسمى بعقدة تمثيل السُّنة المستقلين ليست أكبر من عقد غيرهم».