أتم رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون عامه الثاني في قصر بعبدا، وإن كان هذا العام، بخلاف الذي سبقه وبإقرار «العونيين»، لم يسجل كثيراً من «الإنجازات» نتيجة الفراغ الحكومي الذي استمر نحو 6 أشهر، مما أدى لسيطرة مفهوم تصريف الأعمال على كل الوزارات ومؤسسات الدولة. ولعل الانتخابات النيابية التي شهدتها البلاد في مايو (أيار) الماضي بعد تمديد ولاية البرلمان 4 سنوات، شكلت الخرق الوحيد في رتابة المشهد اللبناني طوال العام الماضي، وإن كان الوضع الاقتصادي المتردي ومحاولة استيعاب أي انفجار اجتماعي ظلا أولوية الأولويات في القصر الجمهوري.
ويعقد الرئيس عون كل آماله على السنوات الـ4 المتبقية من عهده لتحقيق «الفرق»، كما يقول مقربون منه، لذلك ارتأى تسمية الحكومة التي يتم تشكيلها حاليا والتي انبثقت عن الانتخابات النيابية، «حكومة العهد الأولى»، علما بأن الحكومة التي سبقتها هي التي كانت عمليا أولى الحكومات التي شُكلت بعد انتخاب عون رئيسا في عام 2016.
ويعدد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم عون ما يسميها «إنجازات العامين الماضيين»، سواء لجهة إقرار قانون جديد للانتخاب يعتمد النسبية، الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية قبل نحو 6 أشهر، وإقرار الموازنة بعد سنوات من الصرف العشوائي، وتحرير جرود عرسال من التنظيمات الإرهابية، وإقرار التعيينات، والانطلاق في مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد، ووضع القطار على السكة الصحيحة في عملية استخراج النفط والغاز، لافتا إلى أنه «لا يزال هناك الكثير لإنجازه، لكن ما تأخرنا به خلال هذا العام لن نخسره في الأعوام المقبلة، وستثبت أفعالنا ما قلناه مرارا وتكرارا». ويشير عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «وجود 3 ملفات ستشكل أولوية العهد والحكومة في المرحلة المقبلة، ألا وهي: النازحون السوريون، والاقتصاد، والإصلاح»، لافتاً إلى أن «هذه الملفات الثلاثة مترابطة، ولدينا النية والقدرة على الإنجاز فيها». وأضاف عون: «ما عشناه في المرحلة الماضية لجهة محاولة البعض تكبيل العهد والسعي لإفشاله، لم يكن مفاجئا بالنسبة لنا، لذلك لم نكن متساهلين مؤخرا في عملية تشكيل الحكومة حرصا منا على التصدي لأي محاولات مماثلة في المرحلة المقبلة»، مشيرا إلى أنه «وفي إطار التركيبة الحكومية الجديدة، باتت لدينا القدرة على منع العرقلة، خصوصا بعدما فقد الفريق الذي حاول عرقلة العهد الدعم الخارجي».
وفي حين تمكن الرئيس عون خلال العام الماضي وبصعوبة من الحفاظ على علاقته برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تردّت علاقته برئيس «القوات» سمير جعجع، وبقيت على حالها من السوء برئيس «المردة» سليمان فرنجية. وإذا كان «القُوّاتيون» يصرون على الفصل بين علاقتهم بعون وعلاقتهم برئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، ويعدّون أنفسهم جزءا من العهد لاعتبارهم أنهم ساهموا في وصول الرئيس عون إلى سدة الرئاسة، يبدو تيار «المردة» أقرب إلى اعتبار سياسة عون وباسيل واحدة، ويذهب أبعد من ذلك بالحديث عن محاولات لاستثمار هذا العهد سياسياً لحماية مستقبل «التيار الوطني الحر» وتوريث باسيل رئاسة الجمهورية... هذا ما يقوله مصدر قيادي في «المردة»، انتقد بشدة «دخول العهد في هذه المتاهات بدلا من أن يكون وصول الرئيس عون إلى سدة الرئاسة تتويجاً لمسيرة من النضال السياسي»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العام الثاني من ولاية عون لم يُسجل أي إنجاز يُذكر، بل بالعكس تماما؛ تفاقم الوضع الاقتصادي ووصل إلى مستويات غير مسبوقة في ظل غياب الرؤية اللازمة للحل». وقال المصدر: «العهد الناجح هو عهد نشهد فيه رفع الدخل القومي، وحل مشكلة البطالة وخلق فرص عمل، وخفض الدين العام، وحل المشكلات المزمنة كأزمة الكهرباء والسير، والحد من الهجرة... وغيرها كثير». وأشار المصدر إلى «نقاط سلبية جدا أمكن تسجيلها في مرمى العهد خلال العام الماضي؛ أبرزها تلك المرتبطة باستقلالية القضاء بعدما تم تحويل وزارة العدل إلى وزارة خدماتية، وبعدما شهدنا تدخلا سياسيا بأبشع صوره في القضاء». وتساءل المصدر: «هل هذا ما كان ينتظره اللبنانيون من عهد ميشال عون؛ هذه الشخصية الاستثنائية، بإقرار من محبيه ومعارضيه؟».