على الرغم من أن روسيا ممسكة بالملف السوري في المنطقة، إلا أنها في حاجة إلى الدور الأميركي نظراً إلى سببين أساسيين، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية. السبب الأول، الحاجة إلى الأميركيين من أجل اعمار سوريا. والثاني، الحاجة اليهم من أجل التفاهم على الحل النهائي السياسي للأزمة السورية، والذي لم تلُح أي بوادر له في الافق، مع أن الإتصالات الاميركية – الروسية البعيدة عن الأضواء قائمة. كما أن هناك تحضيرات لقمّة أميركية - روسية خلال الأشهر المقبلة.
وتلاحظ المصادر، أن السياسة الأميركية حيال سوريا عادت لتستقيم إلى حدّ ما، من خلال قرار واشنطن استمرار البقاء في سوريا إلى حين خروج إيران منها. وهذا يعني أن واشنطن ستشارك في أي حل في سوريا ولن تدع روسيا وحدها تتسلّم زمام المبادرة في الملف السوري.
أما بالنسبة إلى الملف الإيراني، فإن الإدارة الأميركية واضحة في سياستها حيال ذلك، وربما هذا الوضوح هو الوحيد مقارنة بمدى وضوح سياستها بالنسبة إلى ملفات المنطقة الأخرى. الإدارة الأميركية تريد "تركيع" إيران، بحسب المصادر، ومن ضمن ذلك يأتي الضغط على "حزب الله". وتتوقع المصادر، أن يبلغ حجم الضغوط على إيران أعلى معدلاته وكذلك حجم المواجهة بينهما، وهدف واشنطن هو تغيير سلوك إيران في المنطقة، ونزع أي مقومات تمكّنها من إنتاج القنبلة الذرية. وهذا ما جعل الإدارة تنسحب من الإتفاق النووي بالتزامن مع رفع منسوب العقوبات على إيران. ولا شك أنه من الآن حتى تحقيق هذه الأهداف، تأخذ الإدارة بالإعتبار مصالح حلفائها العرب.
وهناك قلق جدي من أية قرارات قد تتخذها الإدارة بالنسبة إلى لبنان في سياق حملتها على "حزب الله"، كونها إدارة متطرفة، بالنسبة إليها لبنان تفصيل، هي لديها سياسة تجاه المنطقة وليس تجاه لبنان، إنما لبنان هو جزء من المنطقة. لكن إذا لم تضغط على الدولة، هناك حظوظ للبنان أن يتأقلم مع الوقائع الجديدة.
حتى الآن ليس من ضغط أميركي على الدولة، لا بل ما يهم الأميركيين هو إستقرار لبنان. وفي هذه الأجواء يستطيع لبنان تمرير المرحلة ولن يتعرض لمخاطر كبيرة.
كل ذلك يجسد نوعاً من التوازن في العلاقة الأميركية مع لبنان. من الآن هناك نجاح في الهروب من تأثير العقوبات على البلد بشكل عام، وعلى الإقتصاد، لأن العقوبات لا تعني الإقتصاد اللبناني. لكن من الواضح أن هذه الإدارة تقوم بكل ما في وسعها للحدّ من نفوذ إيران وحلفائها ولتحقيق هذا الهدف يلزم مزيد من الوقت.
وتشير المصادر، إلى أنه بعد الإنتخابات النصفية في الكونغرس والتي ستجرى بعد أسبوع تماماً، ستتبلور أكثر الإستراتيجية الأميركية في المنطقة، لا سيما في ضوء توقع فوز الديمقراطيين بالمجلس النيابي، ما سيؤثر في قرارات الرئيس.
وبالتالي، ستتبلور اتجاهات العلاقة الأميركية - الروسية. فالاميركيون يسعون إلى تحقيق شروط أفضل في التسوية في سوريا، واليمن والعراق. وملف العراق يشكل أولوية لدى واشنطن نسبة إلى الملفات الأخرى. وبعد هذا الملف ستتفرغ الإدارة للملف السوري، مع إستبعاد أن يكون هناك إنفتاح غربي على النظام السوري في هذه المرحلة. واشنطن لن تترك الملف السوري، وهذا بات واضحاً بالنسبة إلى الروس، ولو كان جزء من هذا الاتجاه مرتبط بمكافحة الإرهاب، وبمستقبل أدلب. المسألة الآن متى سيقرر الأميركيون والروس البدء بمعالجة فعلية للملفات في المنطقة، بعيداً عن استمرار المراوحة.
ويبدو، بحسب المصادر، أن الأميركيين تفاهموا مع الفرنسيين قبل القمّة الرباعية التي انعقدت السبت الماضي في إسطنبول بين فرنسا وتركيا والمانيا وروسيا، على ضرورة أن تضغط روسيا لانسحاب إيران وحلفائها من سوريا. والتطورات التي ستحصل بعد القمّة ستُظهر مدى الإلتزام الروسي بالوعد للأميركيين السير في هذا التوجه، والذي كان جرى بحثه في القمّة الأميركية - الروسية في ١٦ تموز الماضي. روسيا تقول إنها لا تريد أفغانستان أخرى في سوريا، ولا تريد تورطاً غير محسوب النتائج، فهل ستلتزم روسيا بما ستتفق حوله مع الأميركيين؟ .الضغط على إيران في سوريا يشكّل جزءاً من سياسة الولايات المتحدة الساعية إلى الحدّ من نفوذها في المنطقة.