عندما كنت صغيراً كان بيت الأسرة في بيروت يضم مكتبة كبيرة فيها ثلاثة آلاف كتاب أو أكثر. ودخلت سنوات المراهقة وأقبلت على القراءة، فكانت الكتب نصيبي من الدنيا حتى اليوم.
أعجبت بالدكتور زكي مبارك الذي درس في السوربون وقرأت كتابه «ليلى المريضة في العراق». قرأت كثيراً من كتب عباس محمود العقاد وطه حسين ومصطفى لطفي المنفلوطي. وأقبلت على كتب جبران خليل جبران، مثل «النبي» وغيره، وأيضاً ميخائيل نعيمة الذي درس مع جدي في روسيا قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة حيث أسس مع جبران وأدباء مهاجرين آخرين الرابطة القلمية. كنت أرى نعيمة في الشخروب قبل الوصول إلى صنين، وسألته والأصدقاء عن تفاصيل كتابه «سبعون».
كنت أقرأ «الهلال» و «روايات الهلال» و «كتاب الهلال»، وأيضاً المجلات من نوع «المصور» و «الاثنين» و «آخر ساعة». وقرأت معها المجلات اللبنانية فيحزّ في نفسي أن تتوقف مطبوعات دار الصيّاد عن الصدور، وإن بقي لي منها «أيام معه» الذي كتبته الأخت إلهام عن أبيها سعيد فريحة.
كنت وطنياً «من منازلهم» فلم أنضم إلى حزب سياسي عربي أو جمعية العمر كله، وإنما حلمت بوحدة عربية من المحيط إلى الخليج ككثيرين من أبناء جيلي، وعشنا لنرى الحلم تدمره حروب وخلافات أتابع منها هذه الأيام ما يحدث في سورية واليمن وليبيا وغيرها.
أسهمت في كتابة «تقرير النهار العربي والدولي» مع الأستاذ العظيم غسان تويني، وهو تقرير أسبوعي كان يصدره أخونا رياض الريّس بمهارة فائقة. كم حزنت لموت غسان تويني الذي كان بيته في بيت مري يجاور بيت الأستاذ كامل مروة، مؤسس دار «الحياة»، حيث عملت رئيساً لتحرير «الديلي ستار» حتى نهاية 1975 عندما بدأت الحرب الأهلية وانتقلت إلى لندن.
ماذا أقرأ الآن؟ أقرأ كل ما تقع يداي عليه، وأهمه مجلة «العربي» التي تصدر في الكويت، وأعرفها منذ كان رئيس تحريرها الأستاذ الكبير أحمد زكي.
معي اليوم عدد أكتوبر من المجلة الشهرية الراقية وموضوع الغلاف هو «إلى أين ستذهب كوبا بالتغيير»، ومعه عنوان صغير هو «مشاهدات واقعية بعيون عربية» كتبه الباحث اللبناني المقيم في الكويت حمزة عليان. الموضوع يشغل الصفحات من 36 إلى 65 وفيه صور كثيرة، بعضها لسيارات قديمة، أكثرها أميركي، لا تزال تُستَعمل في كوبا التي عرفت حصاراً اقتصادياً أميركياً قبل أن تنفتح على العالم أو ينفتح العالم عليها. الكاتب يقول إن هافانا اليوم تشبه ميامي في ستينات القرن الماضي، وهو يزور مع دليله بيت الروائي أرنست همنغواي، كما يزور المدينة القديمة، ويتحدث عن صنع السيجار ويزور مصنعاً له، كما يزور المركز الثقافي العربي- الكوبي الذي أسس عام 1997. الكاتب يقول إن الهجرة اللبنانية إلى كوبا بدأت بعد الحرب العالمية الأولى (كان اسمها الحرب العظمى وتغير بعد قيام الحرب العالمية الثانية) وكانت العائلات اللبنانية المهاجرة من كسروان وغزير والبترون، مع عدد محدود من الجنوب، وكانت الهجرة الثانية بعد انتصار الثورة بقيادة فيدل كاسترو.
قرأت في العدد الأخير من «العربي» موضوعاً قيّماً عنوانه «فهم النصّ الديني» كتبه الدكتور عادل سالم عبدالجادر الذي يرى أننا أمة توارثت في تاريخها تمجيد الأشخاص ورفعهم إلى مرتبة تجعلهم لا يرتكبون خطأ.
الكاتب «الحبيب الدائم ربي» كتب مقالاً عنوانه «مجلة العربي ظاهرة ثقافية فريدة» وأتفق مع رأيه في مجلتي المفضلة. قرأت أيضاً موضوعاً عن الكتابة عن الرحلات في الجزائر للدكتورة سميرة انساعد، وموضوعاً عنوانه «حياة بلا ميكروبات ماذا تعني» للدكتورة منال جمال فرحان، وأيضاً موضوعاً عنوانه «مشاجرات الأشقاء مزعجة لكن مفيدة» للكاتبة اللبنانية مهى قمر الدين، وموضوعاً عنوانه «الشاعر خليل حاوي» كتبه الدكتور ميشال جحا.
وأختتم ببيت شعر من الطرائف العربية في العدد الحالي عن غبي هو: نقول له زيد فيكتب خالداً / ويقرؤه بكرا ويفهمه عمرا.