يتركز النقاش السياسي الحكومي على عقدة القوات اللبنانية. يُقدّم الموضوع على أنّه إذا حُلّت هذه العقدة، فالحكومة جاهزة لتُعلن خلال ساعات. في مقابل، تجاهل تامّ لعقدة توزير أحد النواب من الطائفة السنية، من خارج تيار المستقبل. لا يزال المعنيون بالملف الحكومي، ولا سيّما فريق رئيس الحكومة، يعتقدون بأنّ فريق 8 آذار «يُناور»، ولن يُعرقل الحكومة في حال لم يتمّ توزير واحد من الحلفاء من الطائفة السنية. الأمر الذي يُبرّر حالة اللامبالاة في التعامل مع هذه العقدة. ولكنّ القصة بالنسبة إلى حزب الله وحلفائه أبعد من مُجرّد مقعد وزاري. هو البعد الوطني للتمثيل السياسي الذي يحرص حزب الله على الحفاظ عليه، والوجود السياسي لشخصيات أثبتت حضورها في الانتخابات النيابية. إنطلاقاً من هنا، مهلة الـ48 ساعة التي تحدّث عنها الرئيس المُكلّف سعد الحريري، من أجل الإعلان عن الحكومة الجديدة، قد تطول في حال لم يتمّ توزير أحد النواب «الخارجين عن عباءته». وتؤكد مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار أنّه «لا حكومة من دونهم (النواب السنّة المستقلون). هؤلاء تبلّغوا من حزب الله بأنّه لن يتخلّى عنهم، وبأنّه أبلغ الرئيس ميشال عون والحريري بضرورة تمثيلهم، ولن يكتفي بذلك». وتُشدّد المصادر على أنّ الأمر متوقف عند عون والحريري، «في حال لم يأخذا هذا المطلب بعين الاعتبار، فهذا يعني لا حكومة لا اليوم ولا غداً». لا بل أكثر من ذلك، حزب الله لن يُسلّم لائحة أسماء وزرائه إلى الحريري، «في حال تمنّع الأخير عن إعطاء الحقّ لأصحابه». وكان النائب فيصل كرامي، قد جزم أمس في حديث إلى قناة الـ«NBN» أنّ «الحكومة لن تتشكل من دون تمثيل النواب السنّة. إذا شُكلّت بغيابنا فهي ليست بحكومة وحدة وطنية». المشكلة هنا، عدم تبنّي وجهة النظر نفسها داخل فريق 8 آذار، الأمر الذي قد يُضعف المطلب. فمصادر عين التينة تقول من جهة إنّ «عون والحريري تبلّغا من حزب الله وحركة أمل موقفهما بضرورة تمثيل النواب السنة»، ولكنّها تُلمّح من جهة أخرى إلى أنّ هذا الأمر «لن يقف عقبة دون تشكيل الحكومة. الكرة اليوم في ملعب رئيس الجمهورية، في حال قرّر أن يعطيهم من حصّته كان به، وإن لم يفعل فإنّه والحريري سيسيران بحكومة من دون النواب السنّة، وبمعزل عن رأي حركة أمل وحزب الله». وعلمت «الأخبار» أن فريق رئيس الجمهورية طرح إمكانية توزير عبد الرحمن البزري كشخصية سنية غير مستفزة للحريري، الذي لا يبدو حتى الساعة، أنّه بوارد «التنازل» عن إحدى الحقائب، وقد بدأ باستخدام ورقة «النواب المسيحيين المستقلين». فقد غرّد النائب هادي حبيش على «تويتر» كاتباً أنّه «إذا اعتُمدت قاعدة التمثيل السنّي من خارج المستقبل، فلن نرضى إلا بتمثيل النواب المسيحيين الـ19 من خارج كتل القوات والعونيين والمردة».
على مقلب القوات اللبنانية، يعقد «تكتل الجمهورية القوية» اجتماعاً «استثنائياً» ظهر اليوم لبحث التطورات في تأليف الحكومة «واتخاذ الموقف المناسب منها». وقد بدأت قيادة معراب تحضير قاعدتها الشعبية للقرار الذي ستتخذه ومن المفترض أن يُعلن عنه في الـ24 ساعة المقبلة، حول عرض القبول بحقائب العمل والثقافة والشؤون الاجتماعية ومنصب نائب رئيس الحكومة أو البقاء خارجاً، من خلال إطلاق وسم «سمير جعجع الأمر لك». ويبرز موقفان داخل «القوات». الأول، يُلوح بعدم المشاركة في الحكومة، لأنّ الحزب «لن يقبل بالعرض وسينتقل إلى المعارضة في حال لم يحصل على حقيبة وازنة». وقال النائب جورج عدوان في مقابلة مع الـ«Mtv» أنّه «في حال قررت الهيئة التنفيذية عدم المشاركة في الحكومة، فإنّ المسؤولية تقع على عاتق كلّ الذين عملوا على تأليف الحكومة». الرأي الثاني، عبّر عنه النائب فادي سعد يوم السبت في عشاء لطلاب القوات في البترون. فأكد أن القوات «ترفع من شأن الحقائب التي نتسلمها وليس العكس. وبما أنّ المعارضة من خارج السلطة هي معارضة غير موجودة في لبنان، ولن تكون موجودة في المدى المنظور، علينا أن نكون حرّاس الهيكل داخل السلطة والأمينين على مصالح الناس من قلب السلطة».
شدّ الحبال الذي تُمارسه القوات اللبنانية، من غير المتوقع أن يُثمر عن نتيجة إيجابية لصالحها كما تبغي. الأفق الوحيد أمامها، في حال تمسّكها بالتمثل حكومياً يبدو القبول بحقيبة العمل، لا سيّما مع سقوط طرح حصولها على حقيبة الاقتصاد، لتمسك التيار الوطني الحرّ بها وبحقيبة الزراعة.
وقالت مصادر عين التينة في هذا الإطار، إنّ القوات اللبنانية «ستعود في النهاية للقبول بالعرض المُقدّم لها». وتُشير المصادر إلى أنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي «تبلّغ من الحريري أنّه لا يريد استبعاد القوات، ولكنّه سيذهب إلى تأليف الحكومة من دونها في حال رفضها عرضه، رغم إدراكه أنّ في الأمر مغامرة». بناءً على هذه المعلومة، تؤكد مصادر عين التينة أنّ «الحكومة ستتشكّل من دون القوات في حال بقيت على عنادها».