رجحت مصادر عالية «الثقة» ان يكون جواب «القوات اللبنانية» ايجابياً، بمعنى الموافقة على العرض الذي تلقته لدخول الحكومة، ويقضي بإسناد نائب رئيس الحكومة لها، مع ثلاث حقائب، وهي: الشؤون الاجتماعية والثقافة والعمل.
ويأتي جواب «القوات» بعد اجتماع استثنائي لتكتل «الجمهورية القوية» والمخصص لمناقشة الموقف المتعلق بالعرض، الذي قدمه الرئيس المكلف سعد الحريري الذي من المفترض ان يكون عاد ليل أمس من زيارة عائلية وخاصة إلى الأردن.
وتوقع مصدر لم يشأ الكشف عن هويته ان تقبل «القوات» بالعرض، في ضوء الحرص، الذي يبديه الرئيس المكلف على اشراكها، ومطالبة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، العائد من جولة خارجية، والذي أبلغ مَنْ يعنيه الأمر ان حكومة الوحدة الوطنية تفرض تمثيل كل القوى السياسية، في إشارة إلى عدم استبعاد «القوات».
لكن المصدر استدرك قائلاً ان اللقاء بين الرئيس ميشال عون والحريري يبقى متوقفاً على جواب «القوات» ومعالجة كامل «الرتوشات»، مستبعداً حصول هذا اللقاء اليوم، لكنه أكّد بما يشبه الجزم ان مراسيم الحكومة غداً الثلاثاء.
في متناول اليد
في تقدير مصادر سياسية، ان الحكومة العتيدة باتت في متناول اليد قبل حلول بدء السنة الثالثة من ولاية رئيس الجمهورية، الذي يصادف الخميس المقبل، وبدت كل الإجراءات التحضيرية لاعلانها خلال الأيام الثلاثة المقبلة على أبعد تقدير، عبر طلب الرئيس المكلف من القوى السياسية المشاركة في الحكومة اعطاءه أسماء الشخصيات التي تنوي توزيرها لاسقاطها على الحقائب التي باتت محسومة لكل القوى السياسية، ما عدا حقيبة أو اثنتين «للقوات اللبنانية» التي ترددت معلومات انه جرى تخييرها بين منصب نائب رئيس الحكومة بلا حقيبة أو مع وزارة دولة، وثلاث حقائب هي: «العمل (أو الصناعة)، الشؤون الاجتماعية والثقافة (أو الإعلام)، أو الحقائب الأربع المذكورة من دون منصب نائب رئيس الحكومة.
وبموجب هذا العرض الأخير، باتت «القوات» مضطرة للاختيار خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة، هل تشارك في الحكومة، بمعنى القبول بأحد هذين العرضين، أم تبقى خارجها في إطار معارضة برلمانية - سياسية، إذا لم تعط ما تريده من من حقيبة خدماتية أخرى غير الثقافة أو العمل كحقيبة الصحة أو الاشغال أو حقيبة الزراعة أو التربية، وهو الأمر الذي لم يعد متاحاً بعدما حسمت هذه الحقائب لـ«حزب الله» وحركة «أمل» وتيار «المردة» والحزب التقدمي الاشتراكي.
وكان الرئيس الحريري قد سعى خلال اليومين الماضيين إلى إقناع بعض القوى السياسية بالتنازل عن إحدى هذه الحقائب لمصلحة «القوات»، في إطار «خلطة» جديدة لكن جواب هذه القوى كان الرفض، ولم يبق امام الحريري سوى ان يقترح على «القوات» بأحد العرضين المطروحين.
وتردد ان المحاولة الأخيرة كانت مع الرئيس نبيه برّي عندما التقاه أمس الأوّل السبت في عين التينة، حيث ذكرت بعض المعلومات انه تمنى على برّي منح حقيبة الزراعة «للقوات»، لكن برّي رفض لأنه مرتبط بوعود لمزارعي البقاع بتنمية قطاع الزراعة، خاصة بعد إقرار قانون تشريع نبتة القنب الهندي (الحشيشة) لأغراض طبية، فضلاً عن البعد السياسي لهذه الحقيبة، كونها لها علاقة بالمزارعين والمدى الجغرافي المتصل بسوريا، بما يستلزم علاقة جيدة بين وزير هذه الحقيبة والنظام السوري.
يوم مفصلي
وبحسب المعلومات، فإن اليوم الاثنين، سيكون يوماً مفصلياً، يفترض ان تتوضح فيه كل المعطيات، من خلال الجواب التي ستعطيه «القوات» للرئيس المكلف، بعد اجتماع استثنائي ستعقده الهيئة التنفيذية للقوات برئاسة سمير جعجع، وفي ضوء هذا الجواب الذي سينقله وزير الإعلام ملحم رياشي سيبني الرئيس الحريري المقتضى اللازم بالنسبة لزيارة قصر بعبدا ورفع التشكيلة النهائية إلى الرئيس عون.
ووفق الترجيحات فإن لقاء بعبدا يفترض ان يتم اما مساء اليوم أو غد الثلاثاء، مهما كان جواب «القوات» بالرفض أو القبول، ذلك انه في حال الرفض، سيكون امام الرئيس المكلف ومعه رئيس الجمهورية، ان يفكر بأحد حلين: اما التفتيش عن فريق مسيحي آخر ليكون شريكاً في الحكومة بديلاً من «القوات»، سواء من خلال حزب الكتائب أو «التكتل الوطني» الذي يضم «المردة» ونواب مسيحيين آخرين، والذي سبق ان طالب بتمثيله بوزيرين، أو ان يجري جولة مشاورات جديدة، لا أحد يعلم عمّا ستسفر فضلاً عن مداها الزمني، مع العلم ان الرئيس المكلف سبق ان أعلن في غير مناسبة، انه لن يُشكّل حكومة من دون «القوات».
اما في حال قبول «القوات» بالعرض الأخير، وهو ما ترجمة المعلومات، فإن اللقاء مع الرئيس عون سيكون ضرورياً للتشاور معه سواء بالنسبة لإسقاط الأسماء على الحقائب، أو بالنسبة للعقدة الصغيرة المتبقية، وهي مسألة تمثيل السنة المعارضين لتيار «المستقبل»، وهنا سيصر الرئيس الحريري على عدم توزير أحد من هؤلاء من حصته، ونقل عنه قوله مساء السبت، على هامش اطلاقه شعلة «مهرجان الأمل» في «بيت الوسط» غامزاً من قناة «حزب الله» الذي يُصرّ على هذا الأمر: «اذا اردتم تمثيل السنة المستقلين من حصتي ففتشوا عن رئيس حكومة غيري، اما إذا أراد رئيس الجمهورية اعطاءهم مقعداً وزارياً من حصته، فهذا الأمر يعود له».
لقاء عين التينة
وكان الرئيس الحريري، قد أكّد بعد زيارته الرئيس برّي في عين التينة ظهر السبت، إصراره على تشكيل حكومة وفاق وطني لمواجهة التحديات التي يواجهها لبنان، مشدداً على ان الأيام المقبلة ستشهد ولادة الحكومة التي لن يكون فيها خاسر أو منتصر، معتبراً ان «الجميع ضحى لمصلحة البلد»، مستعيداً قول الرئيس برّي، بأن التأليف شيء والتآلف ضروري لمواجهة التحدي.
وإذ وصف لقاءه برئيس المجلس والذي استغرق ساعة ونصف الساعة وتخلله غداء، بـ«الايجابي» وانه لمس منه دائماً «الانفتاح على المساعدة لتشكيل الحكومة»، كشف انه مضطر للسفر إلى الأردن لأسباب عائلية لأن هناك وفاة، وانه سيعود مساء الأحد لإكمال جهوده، آملاً ان تكون ولادة الحكومة بداية الأسبوع المقبل، مشدداً على ان المبدأ ان يكون كل الأفرقاء السياسيين في هذه الحكومة لكي ننهض بالبلد الذي هو فعلاً بحاجة إلى أكبر وجود سياسي في الحكومة، وايضاً لكي نواجه الصعوبات أكانت اقتصادية أم إقليمية.
واوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان موعد اعلان الحكومة بات اقرب الى ما يمكن لأحد ان يتوقعه بعدما ابلغت «القوات» ان ردها على طرح رئيس الحكومة المكلف سيقدم اليوم.
ورأت انه اذا اتى الجواب اليوم باكرا فقد يتم الاتفاق على التاليف في اليوم عينه اما اذا جاء الرد مساء فان الحكومة قد تولد اما صباح الثلاثاء او بعد الظهر.
واشارت الى ان ما عرض على القوات هو 3 حقائب وزارية مع نيابة رئاسة الحكومة وليس اكثر من ذلك وهذه الحقائب هي وزارة الشؤون الاجتماعية والثقافة والعمل.
وقالت المصادر انه ليس معروفا ما اذا كان هناك من تعديل نهائي في الحقائب ام لا. واشارت الى ان الامور اصبحت شبه نهائية.
«القوات» أمام القرار الصعب
وليلاً، أعلن المكتب الإعلامي لرئيس حزب «القوات» سمير جعجع ان تكتل «الجمهورية القوية» سيعقد اجتماعاً استثنائياً برئاسة جعجع عند الساعة الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم الاثنين في معراب، لبحث آخر تطورات تأليف الحكومة، واتخاذ الموقف المناسب منها.
وفي تقدير مصادر سياسية، ان القرار الذي ستجد «القوات» نفسها امام ضرورة اتخاذه سيكون صعباً، سواء في حالة قبول العرض الذي قدمه إليها الرئيس الحريري، أو رفضه، لأنه في الحالتين لا بدّ من دفع ثمن غال لا يمكنها تحمله، فهي من جهة تعتبر أوساط مقربة منها، ان العرض، والذي هو عبارة عن ثلاث حقائب، ليس بينها حقيبة سيادية، أو حقيبة وازنة أو أساسية، عبارة عن «فتات» بحسب تعبير الوزير الرياشي في آخر مقابلة تلفزيونية معه، وبالطبع لا يلبي طموحاتها، ولم يأت بحسب نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث سبق لها ان طالبت بحقيبة سيادية من ضمن خمس حقائب بحسب حجمها النيابي، ومن ثم تنازلت إلى أربع حقائب على أساس ان تكون بينها حقيبة أساسية.
الا انها، من جهة ثانية، لا تستطيع الرفض، مع انه وارد، لأن خروجها من الحكومة معناه انها ستبقى خارج السلطة طيلة ما تبقى من سنوات العهد التي سعت إليه أصلاً، عبر المصالحة مع «التيار الوطني الحر» ولاحقاً «تفاهم معراب»، وهو أمر بالتأكيد لا يمكنها تحمله، ولا حتى قاعدتها الشعبية، التي تريد من قيادتها ان تكون شريكة فعلية في السلطة، فضلاً عن انها ستخسر مكتسبات سياسية كبيرة، لو بقيت خارج الحكومة، والذي يعني أيضاً اخلاء الساحة السياسية لخصومها خاصة وانها ستبقى وحيدة مسيحياً، لا معين لها، لا من حزب الكتائب ولا من تيّار «المردة»، حتى ولو تمت المصالحة بين جعجع والنائب السابق سليمان فرنجية، في بكركي، بحسب ما أكّد امس البطريرك الماروني بشارة الراعي لدى عودته أمس من روما.
وفي هذا السياق، لاحظ نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان، ان الجواب النهائي للقوات حول الحكومة سيكون «دقيقاً جداً»، وانه يتطلب اجتماعاً للهيئة التنفيذية للقوات، حيث سيتم مناقشة الموضوع والتصويت عليه.
وإذ المح عدوان إلى وجود احتمال كبير لعدم مشاركة «القوات» في الحكومة، رأى ان هناك من يتمنى ألا تشارك «القوات» في الحكومة، لكنه إذا كان وجودنا فيها أفعل لاستكمال ما بدأناه فسنشارك في الحكومة، موضحاً ان «الحزب اعتمد سياسة تتعلق بحصر كل اتصالاته بالرئيس المكلف، ولم يحاول إطلاقاً البحث في الحقائب الا معه»، الا انه أكّد ان الحريري «يرغب في مشاركة «القوات» في الحكومة، لكنه اتهم الوزير جبران باسيل بأنه يملك رغبتين: اما العمل على عدم تمثيل «القوات» بوزنها الحقيقي في الحكومة أو عدم مشاركتها».
ومن جهته، قال وزير الإعلام ملحم رياشي ان «القوات» لا تغويها مناصب ولا حقائب، فهي أينما تكون وكيفما تكون تشبه نفسها، وهي موجودة لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية في مشاركتها أو معارضتها، أو في أي موقف تتخذه، وهذه الأهداف هي: سيادة الدولة وسيادة القانون ومكافحة الفساد.
الراعي
وكان البطريرك الراعي، اعتبر بعد عودته إلى بكركي أمس، بعد غياب استمر 40 يوماً، ان حكومة الوحدة الوطنية تفرض تمثيل كل القوى السياسية، ولا يجب ان ننسى ان 51 في المائة من اللبنانيين لم يشاركوا في الانتخابات النيابية، داعياً إلى تمثيل الجميع، إذ لا يمكن الاستغناء عن أحد.
وشدّد على انه آن الأوان لتشكيل الحكومة ولا مبرر للتأخير.
وكشف الراعي انه التقى في روما رئيس المردة الوزير السابق سليمان فرنجية الذي أبلغه بأنه سيعقد لقاء مصالحة مع جعجع في بكركي، انطلاقاً من اجتماع القادة الموارنة الأربعة في بكركي في نيسان من العام 2011، متمنياً ان يكون اللقاء في أقرب وقت ممكن.