بندان على جبهة المشاورات، التي نشطت ليل امس: 
1- إنقاذ مشروع حكومة الوحدة الوطنية، باعتبارها حكمة وفاق، لا تستبعد أحداً.
2- وهذا الانقاذ يكون بإيجاد مخرج لمأزق تمثيل «القوات اللبنانية» بعدما أصرّ الرئيس ميشال عون على ان تكون حقيبة العدل من حصته، وفقاً لمطالعة سياسية وقانونية وحتى دستورية، وفقاً لقراءات البعض وإعلان النائب السابق غازي العريضي من عين التينة، انه لو أعطيت التربية «للقوات» فماذا يبقى للدروز؟
على ان حركة المشاورات التي أجراها الرئيس المكلف سعد الحريري، وشملت موفد الرئيس نبيه برّي الوزير علي حسن خليل، وموفد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور، وموفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الوزير ملحم رياشي.. فضلاً عن الخط المفتوح مع بعبدا والتيار الوطني الحر الذي يرأسه الوزير جبران باسيل الذي يفترض ان يكون بحث أو سيبحث في الصيغة الأخيرة لحل عقدة «القوات» مع الرئيس الحريري..
وكشفت مصادر ذات صلة لـ«اللواء» بأن «الطبخة استوت»، وما بقي «رتوشات» أخيرة، تسبق زيارة الرئيس المكلف إلى بعبدا، والتي يمكن ان تكون اليوم أو غداً على أبعد تقدير..
مرحلة دقيقة
وإذا كان من الصعب التنبؤ بإعلان صدور مراسيم تأليف الحكومة العتيدة، تبعاً للتجارب السابقة والعديدة، حيث كادت «اللقمة تصل إلى الفم»، بحسب تعبير الامثال الشعبية، قبل ان تتعقد الأمور ثانية، فإن حركة المشاورات الماراتونية التي أجراها الرئيس المكلف مع ممثلي الفرقاء المعنيين، ليل أمس، تؤشر إلى ان أمور التشكيل بلغت مرحلة مفصلية ودقيقة جداً، يمكن ان تؤدي إلى حلحلة ما على صعيد معالجة عقدة تمثيل «القوات اللبنانية»، وبالتالي إخراج الأزمة الحكومية من عنق الزجاجة، في خلال اليومين المقبلين.
لكن أوساط الرئيس المكلف، على الرغم من تفاؤلها ما تزال تتكتم على الطروحات الأخيرة المقدمة للقوات، والجواب عليها، ما أعطى انطباعاً لدى المراقبين بأن الأمور لم تتبلور بعد، خصوصاً وأنه لم تتوفر معطيات تُشير إلى ان الرئيس الحريري سيحمل التشكيلة النهائية إلى قصر بعبدا، اليوم أو غداً، وبالتالي ان تمر الذكرى الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون التي تصادف الأربعاء المقبل من دون حكومة كاملة المواصفات الدستورية.
الا ان الأوساط نفسها، أكدت ان الفرصة ما تزال متاحة، وان الحريري سيستفيد من الزخم العربي والدعم الذي أعطي له خلال زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، فضلاً عن التفويض الدولي له والداعم لتأليف الحكومة، من أجل إيجاد الحلول التي تعوق ولادة الحكومة.
دعم سعودي مباشر
وقد تجلى هذا الدعم السعودي، بشكل واضح وعلني أمس، على لسان القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية في بيروت الوزير المفوض وليد بخاري، عندما تمنى، خلال جولة له في الشوف على مؤسسات تربوية وصحية، بصحبة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة حمد الشامسي، تشكيل الحكومة خلال الأيام القادمة، بشكل وازن، معلناً ان المملكة تسعى للبدء بالمشاريع التي من خلالها تستطيع دعم هذا البلد واستقراره وازدهاره، مشيراً إلى ان كل المؤشرات الاقتصادية تجعل من لبنان بلداً معافى.
وإذ شدّد على «العلاقة التاريخية التي تربط المملكة بطائفة الموحدين الدروز في جبل لبنان، انطلاقاً من العلاقة القديمة مع الزعيم كمال جنبلاط وصولاً إلى وليد جنبلاط، أكّد ان المملكة تسعى دائماً للحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وهي تتمنى تشكيل الحكومة التي يعبر عنها الرئيس سعد الحريري وبحسب توقعاته خلال الأيام القادمة، معرباً عن اعتقاده بأنه آن أوان تشكيل الحكومة بشكل وازن كي تبدأ الدول الداعمة والصديقة للبنان البدء بتنفيذ المشاريع التي تكفل الحفاظ على اقتصاد وازدهار البلد».
وكانت جولة بخاري والشامسي في الشوف شملت المؤسسة الصحية للطائفة الدرزية في عين وزين ومؤسسة العرفان التوحيدية في السمقانية ومسجد الأمير شكيب أرسلان في المختارة، واختتمت في منزل رئيس مؤسسة العرفان الشيخ علي زين الدين في بلدة الخريبة في حضور شيخ العقل نعيم حسن، ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط، والوزير مروان حمادة والنائب أبو فاعور، حيث كانت للشيخ زين الدين كلمة كشف فيها ان الملك سلمان بن عبد العزيز قال لجنبلاط ان «الدروز من عشيرتي»، وقال: «نحن هنا صمّام الأمان، ومن حافظ على الجبل قوياً لن نسمح لأحد مسه»، وشدّد على «تضامن الدروز بشكل كامل مع ما تتعرض له المملكة من ضغوط سياسية».
ثم قدم للسفير الشامسي والوزير المفوض بخاري هديتين عبارة عن سيفين قديمين.
مروحة لقاءات
إلى ذلك، لاحظت المصادر المتابعة لعملية التأليف ان مروحة الاتصالات واللقاءات التي جرت أمس في «بيت الوسط» شملت كلاً من المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي الوزير علي حسن خليل، وعضو «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، والوزير القواتي في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي، بعد لقاء عقده الأخير في مكتبه في وزارة الإعلام مع الوزير الدكتور غطاس خوري موفداً من الرئيس الحريري، في حين تحدثت معلومات لم تؤكدها مصادر «بيت الوسط» عن زيارة ثانية قام بها وزير «المردة» يوسف فنيانوس بعيداً عن الإعلام.
ولفتت هذه المصادر إلى ان هذه الحركة والأطراف التي شملتها، تؤشر إلى ان الحريري قد يكون يعمل على طرح صيغة حل ترضي «القوات» تقضي باسناد حقيبة الاشغال لها بدلاً من العدلية، التي يتمسك بها الرئيس عون، في مقابل تنازل «المردة» عنها بمساعدة من الرئيس برّي، الا ان مصادر «المردة» نفت ان يكون الحريري قد طرح عليها التخلي عن هذه الحقيبة، في حين وصفت مصادر «بيت الوسط» ما يُحكى في شأن «الأشغال» «بالتفنيصة»، وقالت ان طرح ان تنازل الحريري عن حقيبة الاتصالات لمصلحة «القوات» في مقابل ان يأخذ العدل من الرئيس عون غير وارد.
على ان اللافت ان أياً من الوزيرين خليل أو ريشي لم يدليا بأي تصريح بعد لقاء الحريير، في حين اكتفى النائب أبو فاعور بالقول ان «اللقاء كان تشاورياً في ما يتعلق بتشكيل الحكومة».
وعندما سئل عن موعد الانفراج، اجاب: «على الطريق».
لكن الوزير السابق غازي العريضي الذي زار عين التينة أمس، قال بعد لقائه الرئيس برّي، رداً على سؤال عن إمكانية التخلي عن حقيبة التربية؟: «لا شيء يبقى للطائفة الدرزية إذا قدمناها، وزارة التربية ثابتة، ووليد جنبلاط قدم كل التسهيلات».
مهمة ليست سهلة
وعكس تكتم هذه الأطراف، عمّا يجري من مداولات وطروحات، انطباعاً بأن مهمة الرئيس المكلف ليست سهلة على ما يبدو، فكل طرف يتمسك بالوزارات التي آلت اليه: «المردة» بالاشغال، والحزب الاشتراكي بالتربية، وتيار المستقبل بالاتصالات، و«التيار الوطني الحر» بالطاقة، كما ان الوزارات السيادية تبدو حتى الساعة على حالها، علماً ان ذهاب احداها إلى «القوات» كفيل بحل المشكلة بدقائق.
ونقلت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون انه قدم كل ما لديه لتأليف الحكومة ولم يعد لديه ما يقدمه، لافتة إلى أن وزارة العدل حسمت من حصة الرئيس، وكذلك وزارة الدفاع، في حين قالت مصادر مقربة من «التيار الحر» ان ليس لديه أي عرض جديد أو حقيبة من الممكن ان يتنازل عنها، ودعت «القوات» إلى القبول بالعرض المتاح لها وهو حقيبة العمل، مشددة في الوقت نفسه على ان ما من فريق يريد ان يخرج «القوات» من التشكيلة الحكومية، وان ما قيل عن لسان النائب آلان عون عندما دعا إلى التفتيش عن فريق مسيحي آخر يتمثل في الحكومة، مما اغضب «القوات» لم يكن دقيقاً، وان كان قد جاء بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير».
واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان لا عودة الى الوراء في ما خص الحقائب الوزارية السيادية وان المطروح اليوم معالجة عقدة القوات من خلال منحها حقيبة موازية لحقيبة العدل التي كانت تطالب بها. 
وافادت المصادر ان الموضوع هو بيد رئيس الحكومه المكلف، وقالت المصادر مجدداً ان ما من مهلة دستورية لانجاز التشكيلة وان ما يتردد عن رغبة بولادة الحكومة قبل بدء ولاية رئاسية جديدة لم يشر اليها رئيس الجمهورية انما كان يكرر تأكيده ضرورة الاسراع بتشكيل الحكومة.
واذ اعلنت ان القوات رفضت ان تتولى حقيبة العمل اشارت ان هناك مقترحات يعمل عليها، ولفتت الى انه حين يصبح لدى الحريري صيغة بتوزيع الحقائب يعرضها على الرئيس عون ليصار الى اسقاط الأسماء على الحقائب مع العلم ان ما من احد من الأطراف رفع اسماء. واوضحت ان ما يريده العهد هو قيام الحكومة بأسرع وقت وان المساعي متواصلة لذلك والتواصل بين بعبدا وبيت الوسط يتم بشكل غير مباشر.
القوات
وكانت مصادر «القوات» أبلغت «اللواء» قبل زيارة الرياشي إلى «بيت الوسط» ليلاً، بأنه ليس هناك من جديد بانتظار ان يتم ابلاغها من قبل الرئيس الحريري بأي معطى جديد أو أجوبة على سلّة الأفكار التي طرحتها مع العلم، بحسب ما تقول ان الرئيس المكلف يقوم باجراء كل الاتصالات اللازمة من اجل الوصول الى حكومة شراكة حقيقية ووحدة وطنية، وتعتبر ان كل الذي منع التأليف في الفترة الماضية سببه الرئيسي سعي البعض لتشكيل حكومة امر واقع او اكثرية، وهذا ما يرفضه الرئيس المكلف جملة وتفصيلا، وتلفت الى سعي الرئيس الحريري المستمر من اجل الوصول الى حكومة وحدة وطنية، وكشفت هذه المصادر الى ان الاتصالات بين القوات والرئيس الحريري مستمرة، وهو يقوم بدوره بالاتصالات اللازمة مع الاطراف المعنية من اجل هندسة الحكومة بشكل متوازن، وبشكل يجسد تمثيل كل الاطراف بعيدا عن محاولات التحجيم او تشكيل حكومة «غالب او مغلوب»، لذلك تؤكد المصادر استمرارها بانتظار اجابات الرئيس الحريري من اجل ولادة حكومة متوازنة، خصوصا ان الرئيس المكلف ليس في الوارد على الاطلاق ولادة حكومة «غالب او مغلوب».
تمثيل السنة المستقلين
وفيما ما زال الرئيس المكلف يحاول اقناع «القوات اللبنانية» بحقيبة العمل الى جانب ثلاث وزارات اخرى ومن دون نتيجة حتى الان برغم اجواء التفاؤل المسيطرة في بيت الوسط،  بقيت مسألة تمثيل أحد أعضاء «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» في الحكومة الجديدة موضع بحث ونقاش بين الاعضاء انفسهم وبينهم وبين بعض الحلفاء، من دون التوصل الى نتيجة حاسمة حتى الان، بانتظار موقف رئيس الجمهورية من الصيغة النهائية التي سيقدمها له الرئيس المكلف سعد الحريري، وما اذا كان سيصر على تمثيل احد النواب الستة: عبدالرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد واسامة سعد وعدنان طرابلسي وفؤاد مخزومي، باعتبار ان النواب السنة الباقين من خارج «تيار المستقبل» منضوون في كتل نيابية مثل الرئيس نجيب ميقاتي والنائب قاسم هاشم والنائب الوليد سكرية.
وقال النائب مراد لـ»اللواء»: ان موضوع تمثيل احدنا لم يحسم بعد بانتظار موقف وتحرك الحلفاء، وتمثيلنا ليس منّة أو حسنة من احد وهو حق لنا اسوة بباقي الكتل التي تمثل حيثية شعبية معينة، ونحن نتابع الموضوع مع الرئيس بري ومع الاخوة في «حزب الله» وسواهما من حلفاء.
  وعن المخرج المطلوب لحل هذه المسألة العالقة؟ قال مراد: علمنا ان الرئيس عون سأل الرئيس المكلف عندما قدم له الصيغة الاولى للحكومة عن تمثيل النواب السنة المستقلين، وهذا يعني انه مصر على تمثيلنا، ولا ندري كيف سيكون الموقف عندما يتقدم الحريري بالصيغة النهائية لحكومته.
التزام بتوصيات «سيدر»
في غضون ذلك، جال وفد برلماني فرنسي من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ الفرنسيين برئاسة رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية مارييل دو سارنيز ورئيس لجنة الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ كريستيان كامبون، جاء الى لبنان في زيارة استطلاعية وللتعبير عن تضامن البرلمانيين الفرنسيين مع لبنان ودعمهم له في المجالات كافة، على الرئيسين ميشال عون ونبيه بري ولجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية.
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ان «لبنان ملتزم توصيات مؤتمر «سيدر» بالتزامن مع تطبيق خطة النهوض الاقتصادية التي أقرتها الحكومة المستقيلة لتعزيز قطاعات الانتاج في البلاد».
واوضح الرئيس عون للوفد ان «لبنان الذي قدم منذ العام 2011 وحتى الان، الرعاية الكاملة للنازحين السوريين، ما الحق تداعيات سلبية على اقتصاده وامنه وبنيته الاجتماعية، يدعم اليوم مسيرة العودة الامنة لهؤلاء النازحين الى بلادهم، لا سيما بعد توقف القتال في عدد كبير من المناطق السورية، وتنظيم مصالحات على مختلف الاصعدة.
وجدد الرئيس عون التأكيد على ان «لبنان لا يمكنه ان ينتظر تحقيق الحل السياسي في سوريا لتتم عودة النازحين».
وردا على سؤال، اكد الرئيس عون للوفد البرلماني الفرنسي ان «القرار اللبناني مستقل وسيد وهذا ما ادركه المجتمع الدولي، لا سيما من خلال المواقف التي صدرت عن رأس الدولة في المحافل الاقليمية والدولية، ولن يقبل لبنان اي مساس بسيادته واستقلاله وقراره الحر، وكما نحترم استقلالية كل دولة، فاننا نريدها ان تحترم استقلاليتنا».