أولاً: حملة قدح وذمّ غير مسبوقة...
لم يترك اليساري المخضرم بيار أبي صعب، والمُطعّم ببركات ولاية الفقيه، عبارة إهانة ومذلّة وتحقير وقدح وذمّ بحقّ الرئيس سعد الحريري إلاّ وساقها وسردها في مقالته بالأمس في جريدة "المقاومة والممانعة" الأخبار، تصريحاً وتلميحاً، همزاً ولمزاً، مع أنّ الله تعالى قال في كتابه العزيز: "ويلٌ لكلّ هُمزةٍ لُمزة"، فرئيس حكومة لبنان يراهُ أبي صعب بين يدي وليّ العهد السعودي (في لقطة قصيرة) مسكيناً وبائساً، لقطة فاضحة تفوّقت على الفيديو الفاضح والمزعوم للمُمثّل ميشال أبو سليمان، رئيس حكومة لبنان مفضوح في مملكة "القتل والشّرّ"، اللّقطة القصيرة تُبرز انتصار بن سلمان وإذلال الحريري، لقد جاء الحريري إلى "وكر" جلاّده لتبرئته من تهمة إهانته قبل عامٍ مضى، حين تلاعب به كدُمية قبل أن يتكاتف اللبنانيون وإعادته سالماً من حفلة الذُّلّ والهوان والاستقالة المفروضة، ولا يتورّع أبي صعب عن وصف الحريري بالصاغر، والصاغر هو المقيم على الضّيم والذلّ والإقرار بهما، ولفظة الصاغر مُستقاة من عهود الذمّية التي ولّت إلى غير رجعة.
لم تتوقّف حملة القدح والذم بحقّ الرئيس الحريري عند حدٍّ في مقالة أبي صعب، فيصفهُ عند عودته إلى مسرح "الجريمة" (أي جريمة العام الماضي): كانت عيناهُ فارغتين، وذاكرته ممسوحة، أمّا كرامته "الممسوحة" فقد تركها في غرفة الحرس، الحريري يُقبّل بشغف اليد التي انهالت عليه بالسحاسيح (جمع سحسوح، وهي كلمة عامّية)، وبالاذن من اللُّغويّين العرب، لا "يُسحسحُ" إلاّ لصبيّ ناشز، أو ذليلٍ حقير أو مرتكبٍ مُدان، وما نكتة بن سلمان بأنّ الحريري في زيارة وليس مخطوفاً، سوى "السّحسوح" الأخير لدولة الرئيس سعد، كما يُسمّيه بن سلمان مناغشاً ومُدلّعاً، يقول أبي صعب.
إقرأ أيضًا: فجور إعلام الممانعة وفجور قريش
ثانياً: بن سلمان.. استغنينا عن الحريري.. خلّيه عندك...
قبل عام، انتصر أبي صعب للحريري في مقالة نُشرت في الأخبار في العاشر من تشرين الأول 2017 .انتصر له كبطل قومي، وزعيم وطني، وعربي صميم ومقدام، كان العهد ما زال يحبو ولم يشتدّ ساعده، كان يتلمّس خطواته بصعوبة، كانوا بحاجة ماسّة للحريري، على الأقلّ ليتنصّل ويتبرّأ من خطاب استقالته في السعودية، والذي حمّل فيه حزب الله ومن وراءه إيران مشاكل لبنان السياسية والأمنية والاقتصادية، يومها كان أبي صعب، ومعه جوقة "الأخبار" كاملة مع عودة الحريري لاستكمال مهامه في بسط السيطرة الإيرانية على لبنان، أمّا اليوم، وهو يحاول أن يقوم بدوره الوطني المفترض والواجب في مشاقّ تأليف الحكومة العتيدة، فإنّ أبي صعب، ونيابةً عن الشعب اللبناني الواقع بين فكّي الامبريالية الأميركية والصهيونية، يُهيب بمحمد بن سلمان أن يحتفظ بالحريري، وصحتين على قلبك، خلّيه عندك.
من فترة وجيزة، قال سالم بن زهران: إذا محمد بن زايد أو محمد بن سلمان طلب من الحريري الذهاب إلى سوريا، يروح ورجله فوق رقبته، لم يسمع يومها الحريري هذه الإهانة، ومرّ عليها هوناً، وربما لم يقرأ ولن يقرأ مقالة أبي صعب، ولربما يبقى إعلام الممانعة في حرزٍ حريز، وسيف القضاء لا يطال سوى رقاب المستضعفين.