إذا لم تشكل الحكومة في نهاية الأسبوع، فإن التشكيل سيبتعد إلى أجل غير مسمى. تلك معادلة ليست جديدة، لكن يبدو أنها للمرة الأولى ستضع التفاؤل باقتراب التشكيل على المحك. عقدة القوات لا تزال مكانها. لا حقيبة بديلة للعدل من وزنها، وحصتها تتراوح بين نيابة الرئاسة والشؤون الاجتماعية والعمل والثقافة أو الإعلام. وهذا يعني أنه لم يعد أمام الرئيس سعد الحريري سوى خوض المغامرة، وحمل التشكيلة إلى قصر بعبدا، بما أوتي من صلاحيات دستورية أو مستفيداً من غطاء سعودي يوافق على السير بالحصة القواتية كما هي. أما عدا ذلك، فليس أمامه سوى انتظار معجزة جديدة، كأن تقتنع القوات أنه لم يعد بإمكانها التعطيل أكثر، أو أن يتخلى الاشتراكي عن حقيبة التربية، منضماً بذلك إلى لائحة المتخلين عن المقاعد والحقائب لمصلحة القوات. وتشير مصادر التيار الوطني الحر إلى أنه «تم الاتفاق بين الجميع على أن القوات أخذت ثلاثة أمور «زيادة على ما تستحق»: رئيس الجمهورية أعطاها نيابة رئيس الحكومة، الحريري أعطاها حقيبة إضافية والتيار أعطاها مقعداً وزارياً، ولا أحد من الأطراف الأخرى مستعد لإعطاء المزيد». وقالت المصادر إن «الرئيسين عون والحريري، والتيار الوطني الحر، مصرون على مشاركة القوات، لكن لا يمكن الانتظار بعد كل هذه المدة».
 

الرئيس المكلف، وبعد عودته من الرياض أمس، استقبل وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس. لكن الأخير أكّد أن موعد اللقاء محدد قبل سفر الحريري إلى السعودية، وأنه غير متصل بتأليف الحكومة، بل بشؤون وزارته. ومن المتوقع أن يزور الحريري بعبدا في الساعات المقبلة ليضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في آخر التطورات الحكومية، علماً أن الرئيس المكلف، وبحسب مصادره، طلب مساعدة وزير الخارجية جبران باسيل لحل عقدة حقيبة العدل. وبات من شبه المحسوم أن «عقدة العدل» لن تُحل على حساب الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرى أنه قدّم «تضحية» كبيرة بقبوله التخلي عن المقعد الدرزي الثالث، نزولاً عند طلب رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، بحسب ما عبّر النائب وائل أبو فاعور في ردّه على اتهامات «بالتفرد» وجهها العضو السابق للمكتب السياسي لتيار المستقبل، علي حماده، للنائب السابق وليد جنبلاط.


وإلى أن تحل عقدة القوات، انتقل الجميع إلى مرحلة جديدة تتعلق بتقدير الأسماء والطوائف المرتبطة بالحقائب التي يُفترض أن يحصل عليها كل طرف. إلا أن هذه الخطوة سيتم إنجازها على سبيل «العصف الذهني»، على ما يقول أحد المتابعين للتأليف.
وإلى ذلك، كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يخوض في العمل النيابي بشكل منفصل عن مساعي تشكيل الحكومة، والتي زاد تفاؤل عين التينة بأنها لم تعد بعيدة. لكن على سبيل الحيطة، جمع بري هيئة مكتب المجلس لدرس جدول الأعمال المقترح لانعقاد جلسة تشريعية عامة. وقال نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي إنه جرت مناقشة كل بنود جدول الأعمال المزمع طرحها على الهيئة العامة. وارتبط تعيين موعد الجلسة بتطور الواقع الحكومي في اليومين المقبلين على أمل أن يكون هناك خير، وإذا لم يظهر الخير، فسيتم تعيين الموعد في أقرب وقت ممكن بعد أن يكون قد وزع جدول الأعمال على النواب جميعاً.
وأوضحت مصادر المكتب أن بري سيعمد إلى توزيع جدول أعمال الجلسة اليوم، من دون أن يحدد موعدها، لكن توزيع الجدول يكون قد حرره من مهلة الـ48 ساعة التي تفصل بين توزيع الجدول وانعقاد الجلسة. وأشارت المصادر إلى أنه في حال لم تشكل الحكومة خلال نهاية الأسبوع، فإن بري سيعمد إلى الدعوة للجلسة في بداية الأسبوع، على أن تعقد الثلاثاء أو الأربعاء. وفي عين التينة، كانت القناعة راسخة بأن مسألة التشريع صارت خارج الحسبان، وهو ما أكده النائب ألان عون عبر إشارته إلى أنه «بعد أن طالت الحكومة، نحن على وشك الانتقال من تشريع الضرورة إلى ضرورة التشريع».