«العمل الحكومي» كي ينطلق، هل يتوقف على قبول حزب «القوات اللبنانية» بوزارة العمل؟
مردّ السؤال ان وزارة العدل، باتت منذ أيام من حصة الرئيس ميشال عون وتجاوزتها الأبحاث الدائرة، وان اللقاء الديمقراطي لا يقبل التخلي عن وزارة التربية، فلم يبق في دائرة التفاوض سوى وزارة العمل..
المعطيات تتحدث عن قرار بتأليف الحكومة، واعتبار ان الوقت نفد في ما خص بـ«غنج القوات» على حدّ تعبير مصدر مقرّب من التيار الوطني الحر، وان التأليف بدا على مرمى حجر، الأمر الذي جعل الرئيس نبيه برّي التريث في تحديد موعد الجلسة التشريعية، نظراً لما توافر من معطيات ان الحكومة قد تصدر مراسيمها بين الأحد والاثنين كحد زمني أقصى.
وكانت الاتصالات بلغت الذروة ليل أمس، وفي كل الاتجاهات لوضع اللمسات على الأسماء، بعدما حسمت الحقائب، باستثناء عقدة باقية، تتعلق بمطلب «القوات» «بوزارة خدماتية توازي وزارة العدل».
وفي المعلومات ان الوزير علي حسن خليل الذي زار «بيت الوسط» بعيداً عن الإعلام، نقل إلى الرئيس برّي أجواء إيجابية من دون ان يكشف عن أسباب تفاؤل الرئيس المكلف.
وأوضحت أوساط عين التينة، ان الأجواء توحي بأن الحكومة ستؤلف خلال أيام قليلة، وان ذلك ربما يحصل قبل نهاية هذا الشهر.
ولم تشأ المصادر الكشف عن الشخصيات الأقرب التي زارت بيت الوسط بعيداً عن الأضواء.
وكشف مصدر وزاري ان الرئيس الحريري عاد مرتاحاً جداً من زيارته إلى المملكة، رافضاً الخوض في النتائج المباشرة.
واستقبل الرئيس المكلف في بيت الوسط ليل أمس نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق المشرق والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جويل رايبيرن، ترافقه السفيرة الأميركية في بيروت اليزابيث ريتشارد.
واعرب الموفد الأميركي عن سعادته لتبادل الرأي مع الرئيس الحريري حول الشراكة مع الولايات المتحدة، معتبراً ان سوريا تشكّل مصدر قلق كبير للبنان، مؤكداً على الحل في سوريا..
ويشارك الرئيس الحريري في العاشر من الشهر المقبل للمشاركة في مؤتمر حول السلام في فرنسا، بمشاركة 70 رئيس دولة..
وتوقع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل تشكيل الحكومة قريباً جداً، وإن شاء الله قبل الذكرى السنوية الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون.
وقال امام الجالية في بولونيا: لا يمكن للاوروبيين ان يطلبوا منا ما لا يقبلونه لانفسهم، ومهما طال النزوح خربت سوريا وتضرر لبنان.
مشادة على الهواء
وعلى وقع التوتر التفاوضي حول الحقائب، حصلت ليل أمس على هواء محطة M.T.V، مشادة عنيفة بين المستشار الرئاسي الياس بوصعب ووزير الإعلام ملحم رياشي، حول توزيع الحقائب والأداء في الحكومة وتبادل الاتهامات بتعطيل اتفاق معراب والانقلاب عليه.
فعندما أكّد رياشي ان موافقة القوات على انتخاب الرئيس عون حدث غير مسبوق في تاريخ لبنان، رفض بوصعب بحدة ان يكون انتخاب عون لأن «القوات» ايدته، واتهم «معراب» بأنها لجأت إلى خيار عون حتى لا ينتخب النائب السابق سليمان فرنجية للرئاسة الأولى.
ولفت الرياشي إلى «اننا لم نختلف مع رئيس الجمهورية ميشال عون عن نقل معلومات من لقائي به خصوصًا حول امنياتي عن التزام رئيس «التيار الوطني الحر« وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل بمضمون تغريدته وعلى النّاس معرفة ما يحصل ليكونوا على بيّنة من الأمور وأنا كشفت عن الكلام الذي قلته للرئيس وأنا لا أقبل على نفسي ان أنقل كلام رئيس الجمهورية ولأنني أعرف ميشال عون أعرف انه لا يلغي أي اجتماع بسبب مقال في صحيفة ونحن كقوات لبنانية لا نقبل ان يقال ان هذا هو السبب».
وأضاف: «رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري هو من عرض علينا وزارة العدل بناء على تواصل بينه وبين رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى أنه «نُقل إلينا ان حديث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى «لبنان الحر» هو ما دفع بالرئيس عون للتمسك بوزارة العدل ولكن لا أعتقد ان الرئيس عون يتصرّف بهذا الشكل».
ولفت الرياشي الى ان «المناصفة تطبّق في وظائف الفئة الأولى وأما دون ذلك فهي حسب نتائج الامتحانات»، مضيفا:»لأي حزب انتمى وأي حقيبة تسلّم على الوزير ان يخدم كل اللبنانيين وفي تجربتي الوزارية لم أفكر طائفيا بل كل اللبنانيين سواسية أمام القانون».
وسأل الرياشي:»هل رئيس جمهورية لبنان اليوم حزب الله ليقرر من يتولى حقيبة سيادية أم لا؟»، مضيفا:»أطلب من الحريري ان يسمّي القوات اللبنانية لوزارة الدفاع او الخارجية وليمضها رئيس الجمهورية».
ورد بوصعب إلى «أنّنا لم نقل يومًا إنّنا لا نريد أن تأخذ «القوات» حقيبة سيادية أو حقيبة أساسية»، منوّهًا إلى أنّ «هناك حقيبتين من أصل ثلاث حقائب «أساسية» للمسيحيين من حصة «التيار الوطني الحر«، ونحن نريدها ولن نتنازل عنها»، مشدّدًا على أنّ «رئيس الجمهورية ميشال عون مؤتمن على الدستور ويجب أن يكون لديه وزارة على الأقل ليتمكّن من الحفاظ على الدستور».
وكشف أنّ «للرئيس عون رؤية للعدل وهو يعتبر «إذا كان العدل بخير يكون لبنان بخير»»، مشيرًا إلى أنّ «الرئيس لم يكن يريد تكريس وزارة معيّنة. هو مؤتمن على الدستور الّذي أعطاه صلاحيات للسهر على سير الأمور في الدولة»، موضحًا أنّ «هناك 3 مقومات يمكنه الحفاظ من خلالها على الدستور، هي: المال والأمن والقضاء. وزارة المال لـ»حركة أمل» ووزارة الداخلية لـ»تيار المستقبل»، والرئيس عون يقول إنّ لديه خطة للسير بها في القضاء».
عقدة الحقيبة الرابعة
وباستثناء زيارة وزير «المردة» يوسف فنيانوس، فإن أياً من ممثلي «القوات اللبنانية» أو «اللقاء الديمقراطي» لم يزر «بيت الوسط» مساءً، أقله في الإعلام، خلافاً للتوقعات، بغرض الاطلاع من الرئيس الحريري العائد من الرياض على ما لديه بالنسبة لمعالجة عقدة الحقيبة الرابعة من حصة «القوات»، والتي يبدو انها باتت العقدة الوحيدة المتبقية من الأزمة الحكومية، بحسب عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، إلا ان ذلك لا يعني ان الخطوط مقفلة بين «بيت الوسط» ومعراب سعياً للتفاهم على الصيغة التي يجري البحث عنها، وبما يرضي «القوات» بعد رفضها الحصول على حقيبة «العمل» بدلاً من «العدل».
واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة ان ما يمكن التأكيد عليه هو ان موضوع حقيبة العدل لم يعد موضع نقاش فهي حسمت للرئيس عون، والنقاش مع القوات يتم على اساس الحقيبة البديلة، علماً ان الحريري لم يفاتح اي طرف بموضوع حقيبة العدل.
وفي المعلومات ايضا ان جنبلاط شدد على الاحتفاظ بوزارة التربية ولن يتنازل باكثر من ذلك بعدما تخلى عن الوزير الثالث وفوض التسمية للرئيس عون بالتنسيق مع رئيس الحكومة.
وكانت المصادر نفسها اشارت الى انه لا بد من ترقب ردات فعل الرئيس المكلف في الساعات الاربع والعشرين مكررة القول ان المشهد اضحى واضحا بعدما قدمت الاطراف كل ما يمكن ان تقدمه في ما خص مطالب «القوات» ويبقى مطلب الوزارة الأساسية الموازية لوزارة العدل.
وكشفت المصادر انه سبق للقوات ان رفضت عرض وزارة التربية كما ان الرئيس الحريري عرض وزارة العمل من غير ان يعرف ما سيكون عليه الموقف. لكن المؤكد ان حقائب القوات رست على 4 مع نيابة رئاسة الحكومة وافيد ان احد الوزراء أرمني.
واوضحت المصادر ان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف والجميع يريدون اشراك «القوات» في الحكومة. ولفتت الى ان زيارة الرئيس الحريري الى قصر بعبدا واردة دائما في اي لحظة معربة عن اعتقادها ان الوضع في ما خص تشكيل الحكومه ثابت ما لم يحصل تحرك ما من الحريري بالنسبة الى مطلب القوات حول الحقيبة الأساسية.
تبادل حقائب دسمة
وكان الرئيس الحريري، قد استأنف اتصالاته أمس، لمعالجة عقد التشكيل، بعد عودته صباحاً من السعودية، والتقى بعد الظهر في «بيت الوسط» الوزير فنيانوس الذي زار لاحقاً المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي وزير المال علي حسن خليل، وعرض معه آخر مستجدات مسار تشكيل الحكومة.
سيما وان المطروح هو تبادل بعض الحقائب «الدسمة» بين تيار «المردة» و«حزب الله» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، من اجل إرضاء «القوات» بحقيبة وازنة تعادل حقيبة العدل او التربية، فيما ترددت معلومات ان هناك عرضا للحزب التقدمي بحقيبة الصناعة الى جانب الثقافة بدلا من التربية التي يتمسك بها – حتى الان- رئيس الحزب وليد جنبلاط، وثمة من قال انه تلقى عرضا بحقيبة العمل، المعروضة على «القوات».
وفي حين لم يرشح شيء عن تفاصيل المفاوضات بانتظار بلورة موقف الرئيس المكلف من مطالب «القوات» وموقف الاخيرة النهائي من المعروض عليها، غادر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الى وارسو تلبية لدعوة رسمية من الحكومة البولونية ما يعني عدم حصول لقاء بينه وبين الحريري، فيما تقول مصادر القصر الجمهوري ان الرئيس عون لا زال ينتظر مبادرة الرئيس الحريري بعرض الصيغة الاخيرة وان الرئيس عون قدم ما عنده.
وافادت مصادر رسمية موثوقة متابعة للاتصالات، ان الصيغة الاخيرة التي اقترحها الرئيس الحريري على القوات تفيد عن منحها اربعة وزراء واربع حقائب بلا حقيبة دولة، والحقائب هي العمل والشؤون الاجتماعية والثقافة والاعلام او حقيبة اخرى اساسية، لكن يبدو ان القوات لا زالت تريد حقيبة «وازنة» اكثر من العمل والشؤون الاجتماعية، بديلا للاشغال او العدل.
وأشارت المصادر الرسمية الى ان وزارة العمل تعتبر الى جانب وزارة الشؤون من الوزارات الخدماتية المهمة والتي يمكن خلالها خدمة جمهور اي طرف سياسي اذا كان التمسك بحقائب معينة هدفه تلبية متطلبات الناس اجتماعيا وحياتيا، لذلك استغربت المصادر اصرار «القوات» على احدى حقيبتي العدل او الاشغال، التي يقول مسؤولو «المردة» انهم لن يتنازلوا عنها ويتساءلون لماذا يريدون ارضاء القوات على حسابنا او حساب قوى سياسية اخرى؟.
الحصة الفضفاضة
وفي اعتقاد مصادر واسعة الاطلاع، قريبة من فريق رئيس الجمهورية، ان خفض مستوى التفاؤل الرئاسي بولادة حكومية وشيكة لم يأتِ من عبث، بل تأسيسا على مسار إعتمدته في الفترة الأخيرة بعض القوى المعنية ولا سيما «القوات»، في مقاربة الشأن الحكومي، بما حتّم على رئاسة الجمهورية التعامل بموضوعية مع المسار الحكومي، بدل إتخام الرأي العام بمناخات تفاؤلية غالبا ما ثبت عدم صحتها.
وتشير الى أن ثمة إنطباعا عاما بأن القوات تعتمد سياسة القضم في مطالباتها، إذ هي لا تتوانى عن طلب المزيد حين يتحقّق لها ما تطلبه أساسا، بمعنى انه عندما تحققت لها نيابة رئاسة الحكومة إضافة الى الوزارات الثلاث، بادرت الى المطالبة بحقيبة أساسية على أن يتوزّع وزراؤها الأربعة بمناصفة مذهبية، أي وزيران مارونيان ومثلهما أرثوذكسيان، الأمر الذي أدّى الى عودة المفاوضات الى نقطة البداية. إذ ان «القوات» بمطالبتها بحقيبة اساسية كانت تستهدف، حتى لو لم تعلن ذلك، إحدى وزارتي الطاقة والعدل اللتين تعودان في التوزيعة الحكومية تباعا الى «التيار الوطني الحر» ورئيس الجمهورية.
وبحسب الأوساط نفسها، فإن اشتراط «القوات» وزيرين مارونيين وآخرين ارثوذكسيين، يعني انها بذلك تستهدف «التيار» ورئاسة الجمهورية، وإلا ما معنى ان تطلب لوحدها ثلث الحصة المارونية، مع علمها ان مقعدين مارونيين سيؤولان حكما الى حصتي رئيس الحكومة (بديلا من الوزير السني الذي سيسميه رئيس الجمهورية) وتيار المردة، بما يبقي وزيرا مارونيا وحيدا للرئيس وآخر للتيار.
وتشير المصادر الى أنّ هذا النمط التفاوضي يعكس رغبة القوات في الحصول على حصة فضفاضة، وزاريا ومن حيث التوزيع المذهبي (الحصول على الحصة الأقوى)، ربطا بالسباق الرئاسي، وخصوصا بعدما صار مسلّما به أنّ الحكومة العتيدة يجري الإعداد لها لتكون ثاني وآخر حكومات العهد الرئاسي، بما يضعها على تماس مباشر مع الإستحقاق النيابي ومن ثم الرئاسي المقررين في العام 2022.
ربط التشريع بالحكومة
على ان الشتاؤم الذي تلتزمه أوساط بعبدا، لم تجد صداه في عين التينة، حيث ترأس الرئيس نبيه برّي اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس كان مخصصاً لبحث جدول الأعمال المقترح للجلسة التشريعية، التي كان يفترض ان يدعو إليها رئيس المجلس في نهاية الشهر الحالي، الا ان الرئيس برّي ربط تعيين موعد الجلسة بتطوير الواقع الحكومي في اليومين المقبلين.
ورأت مصادر نيابية، ان الربط الذي اعتمده الرئيس برّي، يعني انه ما زال يعوّل على حلحلة ما يمكن ان تحصل على صعيد عملية تأليف الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة، خاصة وان المهلة الفاصلة عن موعد ذكرى انتخاب الرئيس عون الذي يصادف يوم الأربعاء المقبل، باتت داهمة، بحيث لم يعد امام الرئيس المكلف سوى بضعة أيام لإنجاز صيغته الحكومية لعرضها على رئيس الجمهورية، تمهيداً لإصدار مراسيم التأليف إذا حازت على موافقة رئاسية جامعة.
وأكدت المصادر ان الرئيس برّي ملزم بتعيين موعد للجلسة التشريعية في مهلة أقصاها الاثنين أو الثلاثاء المقبلين، بعد ان يكون قد وزّع جدول الأعمال على النواب، والحافل بأكثر من 40 مشروع واقتراح قانون.