أسبوع يفصل الولاية الرئاسية عن الدخول في عامها الثالث في نهاية تشرين الأول الجاري، إلا أن هذه المحطة تأتي ناقصة في ظل استمرار الفراغ الحكومي بعد مرور 6 أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري بالتأليف.
أمضى البلد أيام هذه الأشهر في تضييع وقت ومماحكات ومساجلات وسباق محموم على الحصص والأحجام، وبقيَ الوطن طيلة هذه المدة معلّقاً على حبل الشلل تَقوده حكومة تصريف أعمال لا حول لها ولا قوة، وعاجزة عن فعل أي شيء ولا تؤشّر الوقائع الداخلية إلى انّ البلد اقترب من لحظة الفرج، ذلك أنّ واقع المشهد الحكومي يصفه مرجع سياسي بقوله لا أستطيع المجازفة بالقول إنني متفائل، لأنني بذلك أكون كمَن يكذب على نفسه، أنا لست متشائماً، وانتظر كل يوم بيومه، أتفاءل فقط عندما تتشكّل الحكومة . هذا الواقع يغطّيه ضباب كثيف يحجب الرؤية الحقيقية لوجهة المسار الحكومي، والتشخيص الموضوعي للأزمة يُبيّن انّ حالة ضياع تجتاح كل الأطراف، بحيث تكاد تقول الوقائع أن لا أحد من القوى السياسية يعرف ماذا يحصل، خصوصاً أنّ المعطيات تبدو متداخلة في بعضها البعض، ومتعارضة مع بعضها البعض في آن معاً، وعلى نحو يصبح من الصعب تحديد ما إذا كانت الأمور ذاهبة إلى التأليف أو تسير في اتجاه آخر. حتى الآن، لا توجد أجوبة عن كثير من الأسئلة التي تتراكم على سطح المشهد الحكومي .
إقرأ أيضا : التأليف الحكومي: مراوحة بين مد وجزر!
لماذا لم تتشكّل الحكومة؟ ولماذا لا تتشكّل الحكومة حالياً؟ ولماذا كلما برزَ مناخ تفاؤلي سرعان ما يحل مناخ تشاؤمي يُعيد الأمور إلى المربّع الأول؟ لماذا تبقى ما تُسمّى عقدة تمثيل "القوات" مُستعصية على الحل؟ وهل لهذا الإستعصاء صِلة بالملف الحكومي نفسه، أم تتحكّم فيه يد خفية من الداخل او الخارج؟ لماذا عندما بدأت عقدة "القوات" تدخل مدار الليونة والحلحلة جرى إبراز العقدة السنية؟
هل أنّ التعقيد هو تعقيد محلي، أم أنّ هناك من ينتظر تطورات في الخارج ليستثمر عليها في الداخل؟ هل صحيح انّ هناك من يراهن على تطورات يمكن ان تستجد اعتباراً من 4 تشرين الثاني المقبل موعد فرض العقوبات الاميركية الجديدة على إيران و"حزب الله" ولأجل ذلك يضع العصي في دواليب التأليف، لعلّ الظروف آنذاك تكون ملائمة أكثر؟ من يحاول ان يَضخّ المناخ الإرباكي في البلد، بأن يُوحي نهاراً بأنّ الحكومة ستتشكّل حتماً ثم ما تلبث ان تتعقد الأمور وتعود الى نقطة الصفر؟
لماذا يَتبدّى التفاؤل فقط في بيت الوسط، بينما هذا التفاؤل يوجد نقيضه في القصر الجمهوري؟
لماذا يلقي رئيس الجمهورية مسؤولية حل عقدتَي "القوات" وتمثيل "سنة 8 آذار" على الرئيس المكلف، وينأى بنفسه عن الشراكة في هذا الحل؟
عملياً، من المنطقي الاستنتاج انّ قوى لبنانية أساسية، ولاسيما منها "حزب الله"، قد تفضّل التريّث قليلاً في عملية تأليف الحكومة ريثما تنضج المسارات الاقليمية.