تغيّرت آلية التواصل بين الأشخاص منذ ظهور تطبيقات الدردشة، فبعد سنوات طويلة من الإعتماد على الرسائل النصّية القصيرة، نقلت هذه البرامج النصوص إلى شبكة الإنترنت وأضافت اليها ميزات جعلت منها الملاذ المفضّل للجميع دون استثناء.
يشغل موضوع الخصوصية بال كثيرين، خصوصاً عند مشاركة الصوَر ومقاطع الفيديو الشخصية. وتبدأ التساؤلاتُ حول قدرة التجسّس على المحادثات والاطّلاع على الصور، وحول تخزين الشركات المشغلة لهذه التطبيقات للبيانات وطريقة الوصول إليها من قبل جهات حكومية عند الحاجة. وللحدّ من هذه التساؤلات، شفّرت غالبيةُ الشركات المشغّلة لتطبيقات الدردشة المحادثات تشفيراً كاملاً، وأعلنت عن عدم الإحتفاظ بالبيانات بأيِّ شكل من الأشكال على خوادمها وحذفها فور وصولها للطرف الآخر، وأنها لا تقوم بالإطّلاع ولا نسخ ولا تخزين ولا أرشفة محتويات المحادثات. وهذه الخطوات قطعت الطريق أمام الحكومات والجهات المختصة، لطلب هذه البيانات. في المقابل، ظهرت مشكلة جديدة، وهي استخدام وسائل التواصل عبر الإنترنت التي من الصعب إعتراضها بدل المكالمات الهاتفية من قبل جماعات وأفراد لأهداف إجرامية، على أساس أنه لا يمكن تتبّعها والكشف عن محتواها.
قوانين لتقديم البيانات
تحت شعار أنه لا يمكن السماح للمجرمين استخدام التكنولوجيا الحديثة للتواصل بأدوات تكنولوجية لإخفاء تصرّفاتهم الإجرامية، قدّمت المفوضية الأوربية، إقتراحَ قانون تسعى فيه إلى إجبار الشركات التكنولوجية الكبرى مثل «غوغل» و»فيسبوك» ومايكروسوفت» وغيرها على تقديم البيانات الشخصية حول متّهمين محتمَلين بعدة قضايا تمسّ بالأمن القومي للدول، حتى وإن كانت مخزّنة على خوادم خارج الإتحاد الأوروبي. ويمكن القانون الذي ستفرضه المفوضية عمّا قريب، إجبار هذه الشركات على تقديم معطيات مثل الرسائل الإلكترونية والرسائل النصية والصور المحفوظة على شبكة الإنترنت في حالات معيّنة. ويفرض القانون على الشركات هذه أيضاً، الحفاظ على بعض أنواع المعلومات وعدم محوها.
الدفاع عن الخصوصية
في المقابل حذّرت العديد من المنظمات المدافعة عن الخصوصية من هذه الإجراءات التي من شأنها أن تهدّد حقوق الأشخاص الأساسية، وأنها ستشكّل انتهاكاً فاضحاً لحقوق المستخدمين العاديين. واعتبرت هذه المنظمات أنّ الخصوصية عبر شبكة الإنترنت هي أن تُتاح لكل مستخدم القدرة على الاحتفاظ والتحكّم بالمعلومات وتحديد مَن يستطيع الدخول إليها.
مصير مجهول
وفي ظلّ هذا التجاذب بين الشركات التكنولوجية والحكومات، يبقى مصير مستقبل البيانات مجهولاً حتى الآن، بإنتظار ما ستؤول إليه الأمور. هل ستغيّر الشركات التكنولوجية، خاصة تلك التي تدير برامج الدردشة ومواقع التواصل من سياسة الخصوصية لديها وتتعاون مع الحكومات؟، أم أنّ الأخيرة ستلجأ الى طرق جديدة للحصول على البيانات؟