يستعد حلف شمال الأطلسي لإطلاق أكبر مناورات عسكرية منذ نهاية الحرب الباردة على حدود روسيا، الخميس، ما اعتبرتها وسائل إعلام غربية "مناورات الحرب العالمية الثالثة"، وسط توتر متصاعد بين واشنطن وموسكو على خلفية اتهامات متبادلة بانتهاك المعاهدة النووية.
ومن المقرر أن تنطلق مناورات الحلف التي تحمل اسم "ترايدنت جنكتشر 18"، بين 25 تشرين الأول و7 تشرين الثاني، ويشارك فيها 50 ألف جندي، و150 طائرة و60 سفينة حربية و10 آلاف مركبة عسكرية، وستجري المناورات بمشاركة أعضاء الحلف الـ 29.
وتقع منطقة التدريب الرئيسية على بعد نحو ألف كيلومتر من الحدود النرويجية التي يبلغ طولها 197 كيلومترا مع روسيا في القطب الشمالي، في حين يمكن أن تجرى التدريبات الجوية على بعد 500 كيلومتر.
وقد تمت دعوة اثنين من المراقبين العسكريين الروسيين واثنين من بيلاروسيا لمشاهدة المناورات.
وقال الرائد البريطاني ستيوارت لافيري إن المناورات "توضح لحلفائنا في حلف شمال الأطلسي أننا مستعدون للتحرك عبر أوروبا عند الحاجة وتظهر قدرتنا على القيام بذلك".
وقبل انطلاق التدريبات، نشر موقع الحلف بانتظام بيانات عن توافد القوات المشاركة إلى النرويج، فقال، إن دبابات ألمانية ومركبات بريطانية وصلت البلد الواقع شمالي أوروبا، في إشارة على ما يبدو لإظهار ضخامة الحدث المرتقب، واستعراض القوة أمام روسيا.
وأعلنت الولايات المتحدة، مشاركة حاملة الطائرات العملاقة "هاري ترومان" في المناورات، الأمر الذي يعكس رغبة واشنطن في رفع حجم المناورات إلى أقصى حد، خاصة أنها زادت عدد المشاركين في المناورات بـ 6000 عسكري، وفق موقع "ديفينس نيوز" المتخصص في الشؤون الدفاعية.
وتعد مشاركة الحاملة العملاقة خطوة أميركية واضحة تسعى للوصول إلى الهدف النهائي، وهو أعلى درجات الاستعداد للرد على أي عدوان في غضون مهلة قصيرة.
وتأتي "ترايدنت جنكتشر 18 "، في ظل توتر متصاعد بين روسيا والولايات المتحدة، إذ اتهمت مبعوثة واشنطن لدى الحلف، كاي بايلي هاتشينسون، موسكو بانتهاك معاهدة النووية المتوسطة عام 1987، مهددة بتدمير هذه الرؤوس الحربية، "التي تطورها موسكو في برامج سرية".
وقالت ماريا زخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية: "إن دول الناتو الرئيسية تزيد من وجودها العسكري في المنطقة بالقرب من حدود روسيا"، موضحة أن "هذه الأعمال غير المسؤولة لا بد أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع السياسي في الشمال وزيادة التوتر".
وهددت التوترات بين موسكو وواشنطن بالمزيد من الغليان مرة أخرى في الأيام الأخيرة بعد أن هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من المعاهدة النووية التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة.
واتهم ترامب روسيا بانتهاك الاتفاقية، في حين حذرت موسكو من أن التخلي عنها قد يؤدي إلى تهديد الأمن العالمي.
وعزز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قدرات الجيش بشكل كبير في القطب الشمالي، واستحدث قواعد عسكرية، في حين تم إدخال أنظمة صاروخية جديدة وبطاريات مضادة للطائرات.
كما قررت موسكو تعزيز الأسطول الشمالي بخمس سفن حربية جديدة، وخمس سفن دعم و 15 طائرة خلال الأسابيع المقبلة.
وفي حديثه لوكالة فرانس برس، حذر الخبير في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية الفرنسية فرانسوا هيبسبورج من"عودة القوة العسكرية الروسية إلى ما كانت عليه أثناء الحرب الباردة".
واعتبر أنه "بطريقة ما، فإن حلف الناتو في طريقه إلى العودة أيضا إلى ما كان عليه".