لم يعد مستغرَباً أن يسمع في الاروقة القريبة من «التيار الوطني الحر» والعهد انتقادات للحريري بخلفية اسباب عدة، منها ما يتصل بتأليف الحكومة ومنها ما يتصل بالتحالفات السياسية، ومنها ما يذهب الى حد إبداء اللوم، والتذكير بما فعله عون «لإنقاذ» الحريري من أزمة السعودية.
تقول اوساط في «التيار الوطني الحر» أنّ عون عاتب على الحريري، الذي بات يكرّر تضامنه مع السعودية في مسألة تعيد بالذاكرة ما جرى معه منذ سنة هناك، من دون أن يذكر أو يتذكر أنّ عون كان له الفضل الأول في إنقاذه من أزمة خطيرة، وهو ما يعطي مؤشراً الى أنّ الحريري ابتعد الى مسافة معيّنة، وأنه يعيد صوغ تحالفاته وصداقاته.
وتشير الأوساط الى أنّ عون عاتب على الحريري في طريقة تأليف الحكومة خصوصاً في ما يتعلق بالحقائب التي يُفترض أن تُعطى للمسيحيين. وتضيف أنّ الحريري في هذه النقطة يبدو كأنه أقرب الى تبنّي إعطاء تيار «المردة» وزارة الأشغال، وهو بذلك يسلّم لأصغر حزب مسيحي أن ينال أهمّ حقيبة خدماتية من حصة المسيحيين دون أن يلتفت الى موقف عون في هذا الشأن.
وتكشف الاوساط أنّ «التيار الحر» الذي لم يوافق بعد على اعطاء الاشغال لـ»المردة»، عرض أن يحصل التبادل بين «المردة» و»حزب الله» في حقيبتي الصحة والاشغال، وابلغ الوزير جبران باسيل هذا الامر الى الحريري الذي أجابه أنّ «حزب الله» يرفض التبادل. لكنّ باسيل سأل الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عن الموضوع في لقائهما الأخير، فأجابه أن «لا أحد فاتحنا بفكرة التبادل»، وهذا ما اضاف عتباً على عتب من التيار تجاه الحريري،على ما تقول الاوساط.
وتشير الاوساط الى أنّ مسألة إعطاء «المردة» وزارة الأشغال ليست محسومة، وأنّ ما طرحه التيار هو التبادل ولم يطرح أيّ «فيتو» على تولّي الوزير يوسف فنيانوس هذه الوزارة، حسب ما سرّبته بعض وسائل الاعلام، وتضيف أنّ طرح توزير النواب السنّة من خارج تيار «المستقبل»، أتى ليعيد التوازن الى التفاوض، فالحريري الذي يرفض المَسّ بالحصة السنّية، ويسمح باللعب على أوتار التعدّد في الحصة المسيحية، سيواجه بمطلب سنّي بتمثيل أكثر من ستة نواب. وتكشف الاوساط أنّ عون قال للحريري صراحة إنّ أيّ تمثيل للنواب السنّة لن يكون من حصة رئيس الجمهورية، فالمقعد الوزاري السنّي هو مقعد تبادلي مع مقعد النائب غطاس خوري، وليس موقعاً لتمثيل أيٍّ من النواب السنّة الذين يُفترض بالحريري أن يتنازل لهم عن مقعد وزاري من حصته.
بناءً على ذلك من الواضح أنّ المعادلة رست على الشكل الآتي: مطلبٌ سنّي متحالف مع «حزب الله» وُضِعَ في وجه الحريري، هذا المطلب استعمله عون شرطاً اضافياً لزيادة قوة أوراقه التفاوضية، خصوصاً في تولّي «المردة» وزارة الاشغال، وتولّي «القوات اللبنانية وزارة العدل، التي على ما يبدو لم تعد قابلة للتفاوض، تماماً كما استعمل بنجاح العلاقة المستجدّة مع النائب وليد جنبلاط الذي وضع الحلّ الدرزي في سلّة بعبدا، قارئاً في قوة العهد المتّكئ على علاقة متينة مع «حزب الله».
لقد سبق زيارة جنبلاط لبعبدا عشاءٌ بينه وبين النائب جميل السيد، الذي تكلّم ناصحاً بفتح صفحة جديدة مع عون، وكان جنبلاط جاهزاً فاختار كتابين هدية، وصعد الى بعبدا، واستبق الحكومة بوضع الحلّ الدرزي في يد عون، الذي نجح على ما يبدو في استثمار انشقاق جنبلاط عن جعجع والحريري، متابعاً تثبيت مكاسبه.